Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 161-161)

Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لما عَلِم رسُول الله صلى الله عليه وسلم وشرّف وكرّم وبجّل ومجّد وعظم دلائِلَ التَّوْحِيد , والردِّ على القَائِلِين بالشُّرَكَاء والأضْداد ، وبالغ في تَقْرِير إثْبَات القَضَاءِ والقدر ، ورد على أهل الجاهليَّة في أبَاطِيلهم أمَرَهُ - عليه الصلاة والسلام - أن يَخْتِم الكلام بقوله : { قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّيۤ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } ، وذلك يَدُلُّ على أنَّ الهِدَايةَ لا تَحْصُل إلاَّ باللَّه - تبارك وتعالى سبحانه - . وقال القُرطُبِيُّ - رحمه الله تعالى - : " لمّا بيَّن أنَّ الكُفَّار تفرَّقُوا ، بيَّن أنَّه - تعالى - هَدَاهُ إلى الصِّراط المُسْتَقيم ، وهو مِلَّة إبراهيم - عليه الصلاة وأتم التسليم - " . قوله : " دِنياً " : نَصْبُه من أوْجُه : أحدها : من نصب على الحال ، قال قُطْرُب وقيل : إنَّه مصدر على المَعْنَى ، أي : هَدَانِي هدايةَ دينٍ قيِّم ، أو على إضْمَار : " عَرَّفَنِي ديناً " أو الْزَمُوا دِيناً . وقال أبُو البقاء - رحمة الله عليه - : إنه مفعُول ثانٍ لـ " هَدَاني " وهو غَلَطٌ ؛ لأنَّ المَفْعُول الثَّاني هُنَا هو المَجْرُور بـ " إلى " فاكتُفِي بِهِ . وقال مكِّي - رحمة الله تعالى عليه - : " إنَّهُ منصُوبٌ على البدل من محلِّ إلى صِراطٍ مُسْتقيمٍ " . وقيل : بـ " هَدَانِي " مقدِّرة لدلالة " هَدَانِي " الأوَّل عليها وهو كالذي قَبْلَه في المعنى . قوله : " قِيماً " قرأ الكُوفيُّون ، وابن عامِر : بكسر القافِ وفتح الياء خفيفة ، والباقون بفَتْحِها ، وكَسْر اليَاء مشدَّدة ، ومعناه : القَوِيم المُسْتَقِيم ، وتقدَّم تَوْجِيه إحْدى القراءتَيْن في النِّسَاءِ والمَائِدة . قال الزَّمَخْشَري - رحمة الله عليه - : القيم : " فَيْعِل " من " قام " كسيِّد من سَادَ ، وهو أبْلغُ من القَائِم . وأمَّا قِرَاءة أهْلِ الكُوفَة فقال الزَّجَّاج - رحمة الله عليه - : هو مَصدر بمعنى : القِيَام ، كالصِّغَر والكِبر والجُوع والشبع ، والتَّأويل : ديناً ذا قَِيَِم ، ووصف الدِّين بهذا المَصْدر مُبالغة . قوله تعالى : " مِلَّة " بدلاً من " ديناً " أو مَنْصُوبٌ بإضْمار أعني ، و " حنيفاً " قد ذكر في البقرة والنساء . والمعنى : هداني وعرَّفَنِي ملَّة إبراهيم حال كَوْنِها موصُوفة بالحنيفيَّة ، ثم وصف إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - بقوله : { وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } والمقْصُود منه : الردُّ على المُشْرِكين .