Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 165-165)
Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فيه وُجُوه : أحدها : أنَّ محمداً صلى الله عليه وسلم خاتم النَّبِيِّين ، فَخَلَفَتْ أمَّتْه سَائِرَ الأمَم ، والخلائف : جَمْع خليفة ؛ كالوَصَائف جَمْع وَصِيفَة ، وكُلُّ من جَاءَ تبعاً له ، فهو خَلِيفةَ ؛ لأنه يَخْلُفُه ، أي : أهْلَك القُرُون المَاضِيَة ، وجَعَلَكُم يا مُحمَّد صلى الله عليه وسلم خُلَفَاء مِنْهُم ، تَخْلُفونهم في الأرْضِ وتَعْمرُونها بعدهم . وثانيها : جعلهُم يَخلُف بعضُهم بعضاً . وثالثها : أنَّهُم خُلَفَاء اللَّه في أرْضِه ، يَمْلِكُونها ويتَصَّرفُون فيها . قوله : { وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ } : في الشَّرف ، والعَقْل والمال ، والجاه ، والرِّزْقِ ، { لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُمْ } ليختبركُمْ فيما رَزَقَكُم ، يَعْنِي : يَبْتَلِي الغَنِيَّ ، والفَقِيرَ ، والشَّريف ، والوَضِيعَ ، والحُر ، والعَبْدَ ، ليُظْهِر مِنْكُم ما يكُون عليه الثَّواب والعِقَاب ، ثمَّ قال - تعالى - : { إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ ٱلْعِقَابِ } [ الأعراف : 167 ] لأنَّ ما هُو آتٍ هو سريعٌ قريب . وقيل : هو الهلاك في الدنيا { وإنَّه لغَفُورٌ رَحِيمٌ } . قال عطاء : سَريع العقاب لأعْدَائه ، غَفُور رحيمٌ لأوْلِيائه رحيم بهم ، وأكد قوله : " لَغَفُورٌ " [ باللام ] دلالَة على سِعَة رَحْمَتِه ، ولمْ يؤكد سُرْعة العِقَاب بذلك هُنَا ، وإن كان قد أكَّد ذلك في سُورَة الأعْراف ؛ لأنَّ هناك المقام مقام تَخْويفٍ وتهديد ، وبعد ذِكْر قصَّة المُعْتَدين في السَّبْت وغيره ، فَنَاسب تَأكِيد العِقَاب هُنَاك , وأتى بِصِيغَتَي الغُفْرَان والرَّحْمة ، لا بصيغَةٍ واحِدَة ؛ دلالة على حِلْمِه ، وسِعَة مغفرته ، ورَحْمَتِه . روى جابر بْن عبد الله - رضي الله عنه - عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال : " مَنْ قَرأ ثلاث آيات في أوَّل سُورة الأنعام إلى قوله : { وَيْعَلَم ما تَكْسِبون } وكل اللَّه به أرْبَعين ألْف ملكٍ ، يَكْتُبُون لَهُ مِثْل أعمالهم إلى يوم القيامة ، ويَنْزِلُ ملكٌ من السَّماء السَّابِعَة ، ومعهُ مَرْزبة من حَديد ، فإن أرادَ الشَّيْطان أن يُوسوسَ أو يُوحِي إلى قَلْبه ، ضربه بها ضرباً ، فكان بَيْنَه وبَيْنَه سبْعُون حِجَاباً ، فإذا كان يَوْم القيامة يَقُول الرَّبُّ - سبحانه وتعالى - امْش في ظِلِّي ، وكُل من ثِمَار جَنَّتي ، واشرب من مَاءِ الكَوْثَرِ ، واغْتَسِل من مَاء السَّلْسَبيل ، وأنْتَ عَبْدِي وأنَا ربُّك " .