Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 62, Ayat: 8-8)

Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { قُلْ إِنَّ ٱلْمَوْتَ ٱلَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاَقِيكُمْ } . في هذه الفاء وجهان : أحدهما : أنها داخلةٌ لما تضمنه الاسم من معنى الشرط ، وحكم الموصوف بالموصول حكم الموصول في ذلك . قال الزجاج : ولا يقال : إنَّ زيداً فمنطلق ، وهاهنا قال : " فإنَّهُ مُلاقِيكُمْ " لما في معنى " الذي " من الشرط والجزاء ، أي : فررتم منه فإنه ملاقيكم ، وتكون مبالغة في الدلالة على أنه لا ينفع الفرار منه . الثاني : أنها مزيدة محضة لا للتضمين المذكور . وأفسد هؤلاء القول الأول بوجهين : أحدهما : أن ذلك إنما يجوز إذا كان المبتدأ أو اسم إن موصولاً ، واسم " إن " هنا ليس بموصول ، بل موصوفاً بالموصول . والثاني : أن الفرار من الموت لا ينجي منه فلم يشبه الشرط يعني أنه متحقق فلم يشبه الشرط الذي هو من شأنه الاحتمال . وأجيب عن الأول : بأن الموصوف مع صفته كالشيء الواحد ؛ ولأن " الذي " لا يكون إلا صفة ، فإذا لم يذكر الموصوف دخلت الفاء ، والموصوف مراد ، فكذلك إذا صرح بها . وعن الثاني : بأن خلقاً كثيراً يظنون أن الفرار من أسباب الموت ينجيهم إلى وقت آخر . وجوز مكي : أن يكون الخبر قوله : { ٱلَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ } وتكون الفاء جواب الجملة قال : كما تقول : " زيد منطلق فقم إليه " . وفيه نظر ؛ لأنها لا ترتب بين قوله : { إِنَّ ٱلْمَوْتَ ٱلَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ } وبين قوله { فَإِنَّهُ مُلاَقِيكُمْ } فليس نظيراً لما مثله . قال القرطبي : ويجوز أن يتم الكلام عند قوله : { ٱلَّذِي تَفِرُّونَ } ثم يبدأ بقوله { فَإِنَّهُ مُلاَقِيكُمْ } . وقرأ زيد بن علي : " إنَّهُ " بغير فاء . وفيها أوجه : أحدها : أنه مستأنف ، وحينئذ يكون الخبر نفس الموصول ، كأنه قيل : فإن الموت هو الشيء الذي تفرّون منه . قاله الزمخشري . الثاني : أن الخبر الجملة من قوله : { فَإِنَّهُ مُلاَقِيكُمْ } وحينئذ يكون الموصول نعتاً للموت . الثالث : أن يكون " إنه " تأكيد ، لأن الموت لما طال الكلام أكد الحرف تأكيد لفظياً ، وقد عرف أنه لا يؤكد كذلك إلا بإعادة ما دخل عليه أو بإعادة ضميره ، فأكد بإعادة ضمير ما دخلت عليه " إن " . وحينئذ يكون الموصول نعتاً للموت ، و " ملاقيكم " خبره ، كأنه قيل : إن الموت إنه ملاقيكم . وقرأ ابن مسعود : " ملاقيكم " من غير " فإنه " . فإن قيل : الموت ملاقيهم على كل حال فروا أو لم يفروا ، فما معنى الشرط والجزاء ؟ . فالجواب : أنَّ هذا على جهة الرَّد عليهم إذ ظنوا أن الفرار ينجيهم ، { ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } وهذا وعيد بليغ وتهديد شديد .