Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 51-51)
Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله " الَّذِينَ " يجوز أن تكون في محل جر ، وهو الظاهر ، نعتاً أو بدلاً من " الكافرين " ، ويجوز أن تكُون رفعاً أو نصباً على القَطْعِ . قوله : { ٱتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً } فيه وجهان : الأول : أنَّهُم اعتَقَدُوا فيه أن يلاعبوا فيه ، وما كانوا فيه مجدين . والثاني : أنَّهُم اتخذوا اللّهو واللّعب ديناً لأنفسهم ، وهو ما زين لهم الشيطان من تحريم البحيرة ، وأخواتها ، والمكاء والتصدية حول البَيْتِ ، وسائر الخصالِ الذّميمة التي كانوا يفعلونها في الجاهليّة . قال ابن عباس : " يُريدُ المستهزئين المقتسمين " . قوله : { وَغَرَّتْهُمُ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا } عطف على الصّلة ، وهو مجاز ؛ لأنَّ الحياة لا تغرّ في الحقيقةِ ، بل المرادُ أنَّهُ حصل الغرور عند هذه الحياة الدُّنيا ؛ لأنَّ الإنسان يطمع في طول العُمْرِ ، وحسن العيش ، وكَثْرةِ المَالِ ، وقوَّة الجاهِ ، فتشتدُّ رغبته في هذه الأشياء ، ويصير محجوباً عن طلب الدين غَارِقاً في طلب الدنيا . قوله : " فالْيَوْم " منصوب بما بعده . وقوله " كَمَا " نعت لمصدر محذوف ، أي : ينساهم نسياناً كنسيانهم لقاءه أي بتركهم . و " ما " مصدرية ويجوز أن تكون الكاف للتَّعليل ، أي : تركناهم لأجل نسيانهم لقاء يومهم . و " يَوْمِهِمْ " يجوز أن يكون المفعول متّسعاً فيه ، فأضيف المصدر إليه كما يُضَافُ إلى المفعول به ، ويجوزُ أن يكون المفعول محذوفاً ، والإضافة إلى ظرف الحدثِ أي : لقاء العذاب في يومهم . فصل في معنى " النسيان " في تفسير هذا النسيان قولان : الأول : هو التّركُ والمعنى نتركهم في عذابهم كما تركوا العمل للقاء يومهم ، وهذا قول الحسنِ ومجاهدٍ والسُّدِّيِّ والأكثرين . والثاني : أنَّ المعنى ننساهم أي : نعاملهم معاملة من نسي ، نتركهم في النَّار كما فعلوا في الإعراض عن آياتنا . وبالجملة فسمَّى الله - تعالى - جزاءهم بالنّسيان كقوله تعالى : { وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا } [ الشورى : 40 ] والمراد من هذا النسيان أنه " لاَ يُجِيْبُ دعاءَهُم ولا يَرْحمُ ضَعْفَهُمْ وذُلَّهُمْ " . قوله : " وَمَا كَانُوا " " ما " مصدرية نسقاً على أختها المجرورة بالكاف أي : وكانوا بآياتنا يجحدون . وفي الآية لطيفة عجيبة وهي أنَّهُ - تعالى - وصفهم بكونهم كافرين ثم بيَّن من حالهم أنَّهم اتخذوا دينهم لهواً أولاً ثم لعباً ثانياً ، ثم غرتهم الحياة الدُّنيا ثالثاً ، ثم صار عاقبة هذه الأحوال أنَّهُم جحدوا بآيات الله ، وذلك يدل أنَّ حب الدُّنْيَا مبتدأ كل آفة كما قال عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ : " حُبُّ الدُّنْيَا رَأسُ كُلِّ خَطِيْئَةٍ " ، وقد يؤدي حبُّ الدُّنْيَا إلى الكُفْرِ والضَّلالِ .