Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 73-73)
Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثمود : اسم رجل : وهو ثَمُودُ بْنُ عاد بْن إرم بْنِ سَام بْنِ نُوحٍ ، وهو أخو جديس ، فثمود وجديس أخوان ، ثم سُمِّيت به هذه القبيلة . قال أبُو عَمرو بْن العلاء : سميت ثمود لقلَّة مائها ، والثَّمَدُ : الماء القليلُ : [ قال النابغة : [ البسيط ] @ 2502 - أحْكُمْ كَحُكْمِ فَتَاةِ الحَيِّ إذْ نَظَرَتْ إلَى حَمَامٍ شِرَاعٍ وارِدِ الثَّمَدِ ] @@ وكانت مساكنهم " الحجر " بين " الحِجاز " و " الشَّام " إلى " واد القرى " ، والأكثر منعه الصرف اعتباراً بما ذكرناه أوَّلاً ، ومن جعله اسماً للحيّ صرفه ، وهي قراءة الأعمش ، ويحيى بن وثَّابٍ في جميع القرآن ، وقد ورد القرآن بهم صَرِيحاً . قال تعالى : { أَلاَ إِنَّ ثَمُودَ كَفرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْداً لِّثَمُودَ } [ هود : 68 ] . وسيأتي الخلاف من القُرَّاء السَّبْعةِ في سورة " هُودٍ " وغيرها . وصالح : اسم عربيٌّ ، وهو صالح بن آسف . وقيل : ابْنُ عُبَيْدِ بْنِ آسف بن كَاشِح بْنِ أروم بْنِ ثَمُودَ [ ابن جاثر ] . { قَالَ يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ } أمرهم بعبادة الله ، ونهاهم عن عبادة غير الله ، كما ذكره عمن قبله من الأنبياء . قوله : { قَدْ جَآءَتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ } . قد كثر إيلاءُ هذه اللَّفظة العوامل ، فهي جارية مَجْرَى " الأبْطح " و " الأبْرَقِ " في عدم ذكر موصوفها . وقوله : " مِن ربِّكُمْ " يحتمل أن يتعلق بـ " جَاءَتْكُم " و " مِنْ " لابتداء الغايةِ مجازاً ، وأنْ تتعلق بمحذوف ؛ لأنَّها صفةٌ بيِّنة ، ولا بدَّ من حذف مُضاف ، أي : من بينات ربكم ليتصادق الموصوف وصفته . وهذا يدلُّ على أنَّ كُلَّ شيءٍ كان يذكر الدلائل على صحَّةِ التَّوْحيدِ ، ولم يكتف بالتَّقْلِيدِ ، وإلاَّ كان ذكر البينة - وهي الحجة - هاهنا لغواً . قوله : { هَـٰذِهِ نَاقَةُ ٱللَّهِ لَكُمْ آيَةً } أضاف النَّاقة إليه على سبيل التفضيلِ ، كقولك : بيت الله ، وروح الله ؛ لأنَّهَا لم تتوالد بين جمل وناقة ، بل خَرَجَتْ من حَجَرٍ . و " آيَةً " نصبَ على الحال ؛ لأنَّها بمعنى العلامة ، والعاملُ فيها إمَّا معنى التنبيه ، وإما معنى الإشارةِ ، كأنَّهُ قال : أنبهكم عليها ، وأشير إليها في هذه الحال . ويجوزُ أن يكون العامل مُضْمَراً تقديرُهُ : انظروا إليها في هذه الحال ، والجملة لا محلَّ لها ؛ لأنَّها كالجواب لسُؤالٍ مقدَّر ، كأنهم قالوا : أين آيتك ؟ فقال : هذه ناقةُ الله . وقوله : " لَكُم " أي : أعني لكم به ، وخصّوا بذلك ، لأنَّهُم هم السَّائِلُوهَا ، أو المنتفعون بها من بين سَائِرِ النَّاسِ لو أطاعوا . ويحتمل أن تكون " هَذِه نَاقَةُ الله " مفسرة لقوله : " بَيِّنَةٌ " ؛ لأنَّ البَيِّنَةَ تستدعي شيئاً يتبين به المدعى ، فتكون الجملة في محل رفع على البدل ، وجاز إبدالُ جملة من مفرد ؛ لأنَّهَا في قوته . فصل في إعجاز الناقة اختلفوا في وجه كون النَّاقة آيةً : فقال بعضهم : " كانت آية بسبب خروجها بكمالها من الصخرة " . قال القاضي : إن صحَّ هذا فهو معجزٌ من جهاتٍ : أحدها : خروجها من الجَبَلِ . والثانية : كونها لا من ذَكَرٍ وأنثى . والثالثة : كَمالُ خَلْقِها من غير تَدْرِيجٍ . وقيل : إنَّما كانت آية ؛ لأجل أنَّ لها شرب يوم ، ولجميع ثمود شرب يوم ، واستيفاء ناقةِ شرب أمَّة من الأمَمِ عجيب . وقيل : إنَّما كانت آيَة ؛ لأنَّهُم كانوا في شربها يحلبون منها القدر الذي يقوم مقام الماء في يوم شربهم . وقال الحسَنُ بالعكس من ذلك فقال : إنَّها لم تحلب قطرة لبن قط . وقيل : وجه كونها آية أن يوم مجيئها إلى الماء ، كانت جميع الحيوانات تمتنع من الوُرُودِ على المَاءِ ، وفي يوم امتناعها تَرِدُ جميع الحيوانات . واعلم أنَّ القرآن قد دلَّ على أنَّها آية ، ولكن من أي الوُجُوه ؟ فليس في القرآن ذكره . فصل في تخصيص الناقة بهؤلاء القوم فإن قيل : تلك النَّاقَةُ كانت آية لكلِّ أحد ، فلم خصّ أولئك القوم بها بقوله : " لَكُمْ آيَة " . فالجوابُ : من وجهين : الأول : أنَّهم عاينوها ، وغيرهم أُخبروا عنها ، ولَيْسَ الخبر كالمُعاينة . الثاني : لَعلَّه يثبت سائر المعجزات ، إلاَّ أنَّ القَوْمَ التمسوا من صَالح هذه المعجزة نفسها على سبيل الاقْتِرَاحِ ، فأظهرها الله تعالى لهم ، فلهذا المعنى حسن هذا التخصيص . قوله : " فَذَرُوهَا تَأْكُلْ " أي : العشب في أرض اللَّهِ ، أي : ناقة الله ، [ فذروها تأكل في أرض ربَّها ، فليست الأرض لكم ولا ما فيها من النبات من إنباتكم . قوله " في أرض الله " ] الظاهر تعلقه بـ " تأكل " . وقيل : يجوز تعلقه بقوله : " فَذَرُوهَا " ، وعلى هذا فتكون المسألة من التَّنازع وإعمال الثَّاني ، ولو أعمل الأوَّل لأضمر في الثَّاني فقال : " تأكل فيها في أرْضِ اللهِ " وانجزم " تأكلْ " جواباً للأمر وقد تقدَّم الخلاف في جازمه : هل هو نفس الجملة الطَّلَبِيَّةِ أو أداة مقدّرة ؟ . وقرأ أبو جعفر : " تَأكُلُ " برفع الفِعْلِ على أنَّهُ حال ، وهو نظير : { فَهَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ وَلِيّاً يَرِثُنِي } [ مريم : 6 ، 5 ] رفعاً وجزماً . قوله : { وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ } أي لا يمسوها بسوء الظاهر أن " الباء " للتعدية ، أي : لا توقعوا عليها سوءاً ولا تلصقوه بها . ويجوز أن تكون للمصاحبة ، أي : لا تمسُّوها حال مصاحبتكم للسُّوء . قوله : " فَيَأخُذَكُمْ " نصب على جواب النَّهْي ، أي : لا تجمعوا بين المسّ بالسّوء وبين أخذ العذابِ إيَّاكم ، وهم وإنْ لم يكن أخذ العذاب لهم من صنعهم إلا أنَّهم تعاطوا أسبابه . قال عليه الصلاة والسلام لعلي بن أبي طالب : " أشْقَى الأوَّلِيْنَ عَاقِرُ نَاقَةِ صالحٍ ، وأشْقَى الآخَرِيْنَ قَاتِلُكََ " .