Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 7-7)

Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

والمعنى : أنَّهُ بيَّن للقوم ما أسَرُّوهُ ، وما أعْلَنُوهُ من أعمالهم ، وبيَّن الوجوه التي لأجلها أقْدَمُوا على تلك الأعمال . وقوله : " بِعِلْمٍ " في موضع [ الحال ] من الفاعل ، و " البَاءُ " للمصاحبة أي : لنقصن على الرُّسُلِ والمُرْسَلِ إليْهِمْ حال كوننا متلبسين بالعلم . ثم أكَّدَ هذا المعنى بقوله : { وَمَا كُنَّا غَآئِبِينَ } أي : ما غاب عن علمه شيء من أعمالهم ، وذلك يدلُّ على أنَّ الإله لا يكمل إلا إذا كان عالماً بجميع الجُزئِيَّاتِ حتى يمكنه أن يميز المطيع عن العاصي والمحسن عن المسيء . فإن قيل : كيف الجمع بين قوله { فَلَنَسْأَلَنَّ ٱلَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ ٱلْمُرْسَلِينَ } وبين قوله : { فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَآنٌّ } [ الرحمن : 39 ] وقوله : { وَلاَ يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ ٱلْمُجْرِمُونَ } [ القصص : 78 ] فالجواب من وجوه : أحدها : أنَّ القَوْمَ لا يسألون عن الأعمال ؛ لأنَّ الكُتُبَ مشتملةٌ عليها ولكنهم يسألون عن الدَّوَاعِي التي دعتهم إلى الأعمال ، وعن الصَّوارفِ التي صرفتهم . وثانيها : أنَّ السُّؤالَ قد يكون لأجل الاسترشاد والاستفادة وقد يكون لأجل التَّوبيخِ كقول القائل : " ألم أعطك " وقوله تعالى : { أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَٰبَنِيۤ آدَمَ } [ يس : 60 ] وقول الشاعر : [ الوافر ] @ 2404 - أَلَسْتُمْ خَيْرَ مَنْ رَكِبَ المَطَايَا … @@ فإذا عرف هذا فنقول : إنَّ الله عزَّ وجلَّ لا يَسْألُ أحَداً لأجل الاستفادة والاسترشاد ، ويسألهم لأجل تَوْبِيخ الكفَّار وإهانتهم ، ونظيره قوله تعالى : { فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ } [ القصص : 50 ] ثم قال : { فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَآءَلُونَ } [ المؤمنون : 101 ] . فإن الآية الأولى تَدُلُّ على أنَّ المسألَةَ الحاصلة بينهم إنَّما كانت على سبيل أنَّ بَعْضَهُم يَلُومُ بعضاً لقوله : " وأقبل بعضهم على بعض يتلاومون " ، وقوله : { فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَآءَلُونَ } [ المؤمنون : 101 ] معناه : أنَّهُ لا يسألُ بَعْضُهُم بَعْضاً على سبيل الشَّفَقَةِ واللُّطف ؛ لأن النَّسبَ يوجب المَيْلَ والرَّحْمَةَ والإكْرَامَ . وثالثها : أنَّ يَوْمَ القيامةِ يومٌ طويلٌ ومواقفها كثيرة فأخبر عن بعض الأوْقاتِ بحصول السُّؤالِ ، وعن بعضها بعدم السُّؤالِ ، وهذه الآية تدلُّ على أنَّهُ تعالى يُحَاسِبُ كُلَّ عباده المرسلين والمرسل إليهم ، ويُبْطِلُ قول من زعم أنَّهُ لا حساب على الأنبياء والكفار .