Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 29-29)
Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِن تَتَّقُواْ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً } الآية . لمَّا حذَّر من الفتنة بالأموال ، والأولاد ، رغَّب في التَّقوى الموجبة لترك الميل ، والهوى في محبَّة الأموال والأولاد . فإن قيل : إدخالُ الشَّرط في الحكم إنَّما يحسن في حقِّ من كان جاهلاً بعواقب الأمورِ وذلك لا يليق باللَّهِ تعالى . فالجوابُ : أنَّ قولنا إن كان كذا كان كذا لا يفيدُ إلاَّ كون الشَّرطِ مستلزماً للجواب ، فأمَّا أنَّ وقوع الشَّرط مشكوك فيه ، أو معلوم فذلك غير مستفاد من هذا اللَّفظ ، سلَّمنا أنَّه يفيد هذا الشَّك إلاَّ أنه تعالى يُعامل العباد في الجزاء معاملة الشَّاك ، وعليه يخرَّج قوله تعالى : { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ ٱلْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَٱلصَّابِرِينَ } [ محمد : 31 ] . قال أبو العباس المقرىء : " الفرقان " على أربعة أوجهٍ : الأول : الفرقان النور ، كهذه الآية أي : يجعل لكم نوراً في قلوبكم تُفرِّقون به بين الحلال والحرام . والثاني : الحجة . قال تعالى : { وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ وَٱلْفُرْقَانَ } [ البقرة : 53 ] أي : الحجة . الثالث : القرآنُ . قال تعالى { تَبَارَكَ ٱلَّذِي نَزَّلَ ٱلْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ } [ الفرقان : 1 ] أي : القرآن . الرابع : يوم بدر قال تعالى { يَوْمَ ٱلْفُرْقَانِ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ } [ الأنفال : 41 ] أي : يوم بدر . فصل ومعنى الآية : إن تتَّقُوا الله بطاعته وترك معصيته يجعل لكم فرقاناً . قال مجاهد : " مَخْرَجاً في الدُّنيا والآخرة من الضَّلال " وقال مقاتل : " مَخْرَجاً في الدَِّين من الشُّبهات " . وقال عكرمة " نجاة ، أي : يفرق بينكم وبين ما تخافون " . وقال الضحاك : " بياناً " . وقال ابن إسحاق : " فصلاً بين الحق والباطل . يُظهر الله به حقكم ويطفىء باطل من خالفكم " قال مُزرد بن ضرار : [ الخفيف ] @ 2695 - بَادَرَ الأفْق أنْ يَغِيبَ فَلَمَّا أظْلَمَ اللَّيْلُ لَمْ يَجِدْ فُرقَانَا @@ وقال آخر : [ الرجز ] @ 2696 - مَا لَك مِنْ طُولِ الأسَى فُرقَانُ بَعْدَ قَطِينٍ رَحَلُوا وبَانُوا @@ وقال آخر : [ الطويل ] @ 2697 - وكَيْفَ أرَجِّي الخُلْدَ والمَوْتُ طَالِبِي ومَا لِيَ مِنْ كَأسٍ المَنِيَّةِ فُرْقَانُ @@ والفرقان : مصدر كالرُّجحان والنُّقصان ، وتقدم الكلام عليه أول البقرة .