Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 82, Ayat: 13-19)
Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { إِنَّ ٱلأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ } . الأبرار : الذين بروا ، وصدقوا في إيمانهم بأداء فرائض الله تعالى ، واجتناب معاصيه . فصل في ذكر أحوال العالمين لما وصف تعالى الكرام الكاتبين لأعمال العباد ، ذكر أحوال العالمين ، وقسمهم قسمين ، فقال تعالى : { إِنَّ ٱلأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ } وهو نعيم الجنَّة ، { وَإِنَّ ٱلْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ } وهو النَّار ، وهذا تهديد عظيم للعُصاةِ ، وهذا التقسيم كقوله تعالى : { فَرِيقٌ فِي ٱلْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي ٱلسَّعِيرِ } [ الشورى : 7 ] . قوله : { يَصْلَوْنَهَا } : يجوز فيه أن يكون حالاً من الضمير في الجار ، لوقوعه خبراً ، وأن يكون مستأنفاً . وقرأ العامة : " يَصْلونهَا " مخففاً مبنياً للفاعل وتقدم مثله . ومعنى { يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ ٱلدِّينِ } يدخلونها يوم القيامة . { وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَآئِبِينَ } أي : ليسُوا غائبين عن استحقاق الكون في الجحيم ، ثم عظَّم ذلك اليوم فقال : { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ ٱلدِّينِ } ثم كرره تعجيباً لشأنه ، فقال : { ثُمَّ مَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ ٱلدِّينِ } . وقال ابن عباس : كلُّ ما في القرآن من قوله : " وما أدراك " فقد أدراه ، وكل شيء من قوله : " وما يدريك " فقد طوي عنه . قوله : { يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ } . قرأ ابن كثير وأبو عمرو : برفع " يومُ " على أنَّه خبر مبتدأ مضمر , أي : هو يوم . وجوز الزمخشريُّ : أن يكون بدلاً مما قبله يعني قوله : " يوم الدَِّين " . وقرأ أبو عمرو في رواية : " يومٌ " : مرفوعاً منوناً على قطعه عن الإضافة ، وجعل الجملة نعتاً له ، والعائد محذوف ، أي : لا تملك فيه . وقرأ الباقون : " يوم " بالفتح . فقيل : هي فتحة إعراب ، ونصبه بإضمار أعني ، أو يتجاوزون ، أو بإضمار اذكر ، فيكون مفعولاً به ، وعلى رأي الكوفيين يكون خبراً لمبتدأ مضمر ، وإنَّما بني لإضافته للفعل وإن كان معرباً ، كقوله تعالى : { هَـٰذَا يَوْمُ يَنفَعُ } [ المائدة : 119 ] . قال الزجاج : يجوز أن يكون في موضع رفع إلا أنه يبنى على الفتح ؛ لإضافته إلى قوله تعالى : { لاَ تَمْلِكُ } ، وما أضيف إلى غير المتمكن ، فقد يبنى على الفتح ، وإن كان في موضع رفع ، أو جرٍّ كما قال : [ المنسرح ] @ 5125 - لَمْ يَمْنَعِ الشُّربَ غير أن نَطقتْ حَمامَةٌ … … … … @@ قال الواحدي : والذي ذكره الزجاج من البناء على الفتح ، إنَّما يجوز عند الخليل وسيبويه إذا كانت الإضافة إلى الفعل الماضي ؛ نحو قوله : [ الطويل ] @ 5126 - عَلَـى حِيـنَ عَاتَبْـتُ … … . … . @@ البيت : أمَّا مع الفعل المستقبل ، فلا يجوز البناء عندهم ، ويجوز البناء في قول الكوفيين . قال ابن الخطيب : وذكر أبو عليٍّ أنَّه منصوبٌ على الظرفية ؛ لأن اليوم لما جرى في أكثر الأمر ظرفاً ، فنزل على حالة الأكثرية ، والدليلُ عليه إجماع القراء في قوله تعالى : { مِّنْهُمُ ٱلصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذٰلِكَ } [ الأعراف : 168 ] ، ولا يدفع ذلك أحد ، ومما يقوِّي النصب قوله تعالى : { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلْقَارِعَةُ يَوْمَ يَكُونُ ٱلنَّاسُ } [ القارعة : 3 ، 4 ] ، وقوله تعالى : { يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ ٱلدِّينِ يَوْمَ هُمْ عَلَى ٱلنَّارِ يُفْتَنُونَ } [ الذاريات : 12 ، 13 ] ، فالنصب في " يَوْمَ لا تَمْلِكُ " مثل هذا . فصل فيمن استدل بالآية على نفي الشفاعة عن العصاة . تمسَّكوا بهذه الآية في نفي الشفاعة للعصاة ، وهو قوله تعالى : { وَٱتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً } [ البقرة : 48 ] وقد تقدم الجواب عنه في سورة البقرة . قال مقاتلٌ : يعني النفس الكافرة شيئاً من المنفعة . { وَٱلأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ } أي : لم يملِّك الله - تعالى - في ذلك اليوم أحداً شيئاً كما ملَّكهم في الدنيا . ورى الثعلبي عن أبيٍّ - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مَنْ قَرَأ { إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنفَطَرَتْ } أعْطَاهُ الله مِنَ الأجْرِ بعدَدِ كُلِّ قَبْرٍ حَسَنةً ، وبِعددِ كُلِّ قَطْرة مَاءٍ حَسنةً ، وأصْلحَ اللهُ تعالى لَهُ شَأنهُ " ولا حول ولا قوّة إلا بالله العليّ العظيم .