Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 82, Ayat: 1-5)

Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنفَطَرَتْ } ، معناه : إذا وقعت هذه الأشياء التي هي أشراط الساعة يحصل الحشر والنشر ، ومعنى " انْفطَرتْ " : انشقت لنزول الملائكة ، كقوله تعالى : { وَيَوْمَ تَشَقَّقُ ٱلسَّمَآءُ بِٱلْغَمَامِ } [ الفرقان : 25 ] ، { فَإِذَا ٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَٱلدِّهَانِ } [ الرحمن : 37 ] { وَفُتِحَتِ ٱلسَّمَآءُ فَكَانَتْ أَبْوَاباً } [ النبأ : 19 ] ، { السَّمَآءُ مُنفَطِرٌ بِهِ } [ المزمل : 18 ] . قال الخليل : ولم يأت هذا على الفعل بل هو كقولهم : مُرضِع ، وحَائض ، ولو كان على الفعل لكان " منفطر " . وقال القرطبيُّ : " تفطرت لهيبة الله تعالى : والفطرُ : الشق ، يقال : فطرته فانفطر ، ومنه : فطر ناب البعير إذا طلع ، فهو بعير فاطر ، وتفطَّر الشيء . تشقَّق ، وسيف فطار ، أي فيه شقوق " . وقد تقدم . قوله تعالى : { وَإِذَا ٱلْكَوَاكِبُ ٱنتَثَرَتْ } تساقطت ؛ لأن عند انتقاض تركيب السماء تنتثر النجوم على الأرض ، يقال : نثرتُ الشيء أنثرهُ نثراً فانتثر . والنُّثار - بالضم - ما تناثر من الشيء . قوله تعالى : { وَإِذَا ٱلْبِحَارُ فُجِّرَتْ } . العامة على بنائه للمفعول مثقلاً . وقرأ مجاهد : مبنياً للفاعل مخففاً من الفجور ، نظراً إلى قوله تعالى : { بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَّ يَبْغِيَانِ } [ الرحمن : 20 ] ، فلما زال البرزخ بغياً . وقرأ مجاهد - أيضاً - والربيع بن خيثم ، والزعفراني ، والثوري : مبنياً مخففاً . ومعنى " فُجِّرت " أي : دخل بعضها في بعض ، واختلط العذبُ بالملحِ ، فصار واحداً بارتفاع الحاجز الذي جعله الله تعالى برزخاً بينهما . وقيل : إنَّ مياه البحار الآن راكدة مجتمعة ، فإذا انفجرت تفرقت ، وذهب ماؤها . وقال الحسن : فجرت : يبست . قوله تعالى : { وَإِذَا ٱلْقُبُورُ بُعْثِرَتْ } . أي : قلبت : يقال : بَعْثَره وبَحْثَره - بالعين والحاء - قال الزمخشري : وهما مركبان من العبث والبحث ، مضموم إليهما راء ، يعني أنهما مما اتفق معناهما ؛ لأن الراء مزيدة فيهما ، إذ ليست من حروف الزيادة وهذا كـ " دَمَثَ " و " دَمْثَرَ " و " بَسَطَ " و " بَسْطَرَ " . فصل في المراد ببعثرة القبور والمعنى : قلب أعلاها وأسفلها ، وقلب ظاهرها وباطنها , وخرج ما فيها من الموتى أحياء . وقيل : التبعثر : إخراج ما في باطنها من الذهب والفضة ثم يخرج الموتى بعد ذلك . وقوله تعالى : { عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ } : جواب " إذا " ، والمعنى : ما قدمت من عمل صالح ، أو شيء ، أو أخرت من سيئة أو حسنة . وقيل : ما قدمت من الصدقات وأخرت من التركات على ما تقدم في قوله تعالى : { يُنَبَّأُ ٱلإِنسَانُ يَوْمَئِذِ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ } [ القيامة : 13 ] . والمقصود منه الزجر عن المعصية ، والترغيب في الطاعة . فإن قيل : أيُّ وقت من القيامة يحصل هذا العلم ؟ . قال ابنُ الخطيب : أمَّا العلم الإجمالي ، فيحصل في أول زمان الحشر ؛ لأن المطيع يرى آثار السعادة في أول الأمر والعاصي يرى آثار الشقاوة في أول الأمر ، وأمَّا العلم التفصيلي ، فإنما يحصل عند قراءة الكتب ، والمحاسبة .