Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 88, Ayat: 8-16)
Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ } . أي : ذات نعمة ، وهي وجوه المؤمنين ، نعمت بما عاينت من عاقبة أمرها . وقيل : ذات بهجة وحسن ، لقوله تعالى : { تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ ٱلنَّعِيمِ } [ المطففين : 24 ] ، أي : متنعمة " لِسَعْيهَا " ، أي : لعملها الذي عملته في الدنيا " راضيةٌ " في الآخرة حين أعطيت الجنة بعملها ، وفيها واو مضمرة ، والتقدير : ووجوه يومئذ ، ليفصل بينها ، وبين الوجوه المتقدمة ، والوجوه عبارة عن الأنفس . { فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ } أي : مرتفعة ؛ لأنها فوق السماوات . وقيل : عالية القدر ، لأن فيها ما تشتهي الأنفس وتلذُّ الأعين . قوله : { لاَّ تَسْمَعُ فِيهَا لاَغِيَةً } . قرأ ابن كثيرٍ وأبو عمرو : بالياء من تحت مضمومة ؛ على ما لم يسم فاعله ، " لاغية " رفعاً لقيامه الفاعل . وقرأ نافع كذلك إلا أنه بالتاء من فوق ، والتذكير والتأنيث واضحان ؛ لأن التأنيث مجازي . وقرأ الباقون : بفتح التاء من فوق ، ونصب : " لاغية " ، فيجوز أن تكون التاء للخطاب ، أي : لا تسمع أنت ، وأن تكون للتأنيث ، أي : لا تسمع الوجوه . وقرأ الفضلُ والجحدري : " لا يَسْمَعُ " بياء الغيبة مفتوحة " لاغيةً " نصباً ، أي : لا يسمع فيها أحد . و " لاغية " يجوز أن تكون صفة لكلمة على معنى : النسب ، أي : ذات لغو ، أو على إسناد اللغو إليها مجازاً ، وأن تكون صفة لجماعة : أي : جماعة لاغية ، وأن تكون مصدراً ، كالعافية والعاقبة ، كقوله : { لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلاَ تَأْثِيماً } [ الواقعة : 25 ] ، واللَّغْوُ : اللَّغَا واللاغية بمعنى واحد ؛ قال الشاعر : [ الرجز ] @ 5185 - عَـنِ اللَّغَـا ورفَـثِ التَّكـلُّـمِ @@ قال الفراء والأخفش : أي : لا تسمع فيها كلمة لغوٍ . والمراد باللغو : ستة أوجه : أحدها : كذباً وبهتاناً وكفراً بالله عز وجل ، قاله ابن عباس . الثاني : لا باطل ولا إثم ، قاله قتادة . الثالث : أنه الشتم ، قاله مجاهد . الرابع : المعصية ، قاله الحسن . الخامس : لا يسمع فيها حالف يحلف بكذب ، قاله الفراء . وقال الكلبي : لا يسمع في الجنة حالف بيمين برّة ولا فاجرة . السادس : لا يسمع في كرمهم كلمة لغوٍ ؛ لأن أهل الجنَّة لا يتكلمون إلا بالحكمة ، وحمد الله على ما رزقهم من النعيم الدائم . قاله الفراء ، وهو أحسن الأقوال ، قاله القفال والزجاج . قوله : { فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ } . أي : بماء مندفق ، وأنواع الأشربة اللذيذة على وجه الأرض من غير أخدود . قال الزمخشريُّ : يريد عيوناً في غاية الكثرة ، كقوله تعالى : { عَلِمَتْ نَفْسٌ } [ الانفطار : 5 ] . قوله : { فِيهَا سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ } ، أي : عالية في الهواء . { وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ } والأكواب : الكيزان التي لا عُرى لها ، والإبريق : هو ما له عروةٌ وخرطوم ، والكوب : ما ليس له عروةٌ وخرطوم . وقوله : { مَّوْضُوعَةٌ } أي : معدة لأهلها . وقيل : موضوعة على حافات العين الجارية . وقيل : موضوعة بين أيديهم لاستحسانهم إياها ، لكونها من ذهب ، وفضة ، وجوهر ، وتلذذهم بالشرب منها . وقيل : موضوعة عن حد الكبر ، أي هي أوساط بين الصغر والكبر ، كقوله تعالى : { قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً } [ الإنسان : 16 ] . قوله : { وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ } ، النمارق جمع " نمرق " وهي الوسادة قالت : @ 5186أ - نَحْـنُ بَنـاتُ طَـارِقْ نَمْشِـي عَلَـى النَّمَـارِقْ @@ وقال الشاعر : @ 5186ب - كُهُولٌ وشُبَّانٌ حِسانٌ وجُوههُمْ عَلى سُررٍ مَصْفوفَةٍ ونَمارِقِ @@ والنمرق والنمرقة : وسادةٌ صغيرة . والنمرق : بضم النون والراء وكسرهما لغتان ؛ أشهرهما الأولى . قوله : { وَزَرَابِيُّ } : جمع " زَرْبيَّة " [ بفتح الزاي وكسرها ] لغتان مشهورتان ، وهي البسط العراض . وقيل : ما له منها خملة . قال أبو عبيدة : " الزَّرَابِيُّ " : الطنافس التي لها خمل رقيق ، واحدتها : زَرْبيّة . قال الكلبيُّ والفراءُ " " المَبْثُوثَة " : المبسوطة . وقال عكرمةُ : بعضها فوق بعض . وقال الفراء : كثيرة . وقال القتبي : متفرقة في المجالس . قال القرطبي : وهذا أصح ، فهي كثيرة متفرقة ، ومنه قوله تعالى : { وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ } [ البقرة : 164 ] . وقال أبو بكر بنُ الأنباريِّ : وحدَّثنا أحمدُ بنُ الحُسينِ ، قال : حدثنا حُسَيْنُ بنُ عرفةَ قال : حدثنا عمَّار بنُ محمدٍ ، قال : صليت خلف منصور بنِ المعتمرِ ، فقرأ : { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ٱلْغَاشِيَةِ } وقرأ : { وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ } : متكئين فيها ناعمين .