Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 98, Ayat: 4-5)

Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَمَا تَفَرَّقَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ } . أي : من اليهود والنصارى ، خصَّ أهل الكتاب بالتفريق دون غيرهم ، وإن كانوا مجموعين مع الكافرين ؛ لأنهم مظنون بهم علم ، فإذا تفرقوا كان غيرهم ممن لا كتاب لهم أدخل في هذا الوصف . قوله : { إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ ٱلْبَيِّنَةُ } . أي : أتتهم البينة الواضحة ، والمعني به محمد صلى الله عليه وسلم ، أي القرآن موافقاً لما في أيديهم من الكتاب بنعته وصفته ، وذلك أنهم كانوا مجتمعين على نبوته ، فلما بعث جحدوا نبوته وتفرقوا ، فمنهم من كفر ، بغياً وحسداً ، ومنهم من آمن ، كقوله تعالى : { وَمَا تَفَرَّقُوۤاْ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ } [ الشورى : 14 ] وقيل : البينة البيان الذي في كتبهم أنه نبي مرسل . قال العلماء : من أول السورة ، إلى قوله : " قَيِّمة " حكمها فيمن آمن من أهل الكتاب والمشركين ، وقوله تعالى : { وَمَا تَفَرَّقَ } حكمه فيمن لم يؤمن من أهل الكتاب بعد قيام الحُججِ . قوله : { وَمَآ أُمِرُوۤاْ } . يعني هؤلاء الكفار في التوراة والإنجيل { إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ ٱللَّهَ } , أي : يوحدوه ، واللام في { لِيَعْبُدُواْ } بمعنى " أنْ " كقوله تعالى : { يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ } [ النساء : 26 ] ، أي : أن يبين ، و { يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُواْ نُورَ ٱللَّهِ } [ الصف : 8 ] . قوله : { مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ } . العامة : على كسر اللام ، اسم فاعل ، وانتصب به الدين . والحسن : بفتحها ، على أنهم يخلصون هم أنفسهم في شأنهم . وانتصب " الدِّينَ " على أحد وجهين : إما إسقاط الخافض ، أي : " في الدين " ، وإما على المصدر من معنى " ليعبدوا " ، وكأنه قيل : ليدينوا الدين ، أو ليعبدوا العبادة . [ فالتجوز إما في الفعل ، وإما في المصدر ، وانتصاب مخلصين على الحال من فاعل " يعبدون " ] . قوله : " حنفاء " حال ثانية ، أو حال من الحال قبلها ، أي : من الضمير المستكن فيها . [ قوله : { وَمَآ أُمِرُوۤاْ } أي : وما أمروا بما أمروا به إلا لكذا ، وقرأ عبد الله : وما أمروا إلا أن يعبدوا ، أي بأن يعبدوا ، وتقديم تحرير مثله عند قوله تعالى : { وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } في سورة الأنعام : [ آية : 71 ] ] . فصل في معنى الآية قال المفسرون : المعنى ، وما أمر هؤلاء الكفار في التوراة والإنجيل { إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ ٱللَّهَ } ، أي : ليوحدوه ، واللام بمعنى " أنْ " كقوله تعالى : { يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ } [ النساء : 26 ] ، ومنه قوله تعالى : { قُلْ إِنِّيۤ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ ٱللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ ٱلدِّينَ } [ الزمر : 11 ] أي : العبادة ، وفي هذا دليل على وجوب النية في العبادات ، فإن الإخلاص عمل القلب ، وهو أن يراد به وجه الله لا غيره ، وقوله تعالى : { حُنَفَآءَ } ، أي : مائلين عن الأديان كلها إلى دين الإسلام ، وكان ابن عباس يقول : حنفاء : على دين إبراهيم عليه السَّلام . وقيل : الحنيف : من اختتن وحجّ ، قاله سعيد بن جبير . وقال أهل اللغة : وأصله أنه تحنف إلى الإسلام ، أي : مال إليه . قوله : { وَيُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ } ، أي يصلُّوها في أوقاتها { وَيُؤْتُواْ ٱلزَّكَاةَ } ، أي : يعطوها عند محلها ، وقوله : { وَذَلِكَ دِينُ ٱلقَيِّمَةِ } أي : ذلك الدين الذي أمروا به دين القيمة ، أي : الدين المستقيم ، وقال الزجاج أي : ذلك دين الملة المستقيمة ، و " القَيِّمَةِ " نعت لموصوف محذوف ، وقيل : " ذلك " إشارة إلى الدين ، أي ذلك الدين الذي أمروا به أي الدين المستقيم أي ذلك دين الأمة القيمة . وقال محمد بن الأشعث الطالقاني : الكتب القيمة ، لأنها قد تقدمت في الذكر ، قال تعالى : { فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ } فلما أعادها مع " أل " العهدية ، كقوله تعالى : { فَعَصَىٰ فِرْعَوْنُ ٱلرَّسُولَ } [ المزمل : 16 ] ، وهو حسن . وقرأ الحسن ، وعبد الله : " وذلك الدين القيمة " ، والتأنيث حينئذٍ ، إما على تأويل الدين بالملة ، كقوله : [ البسيط ] @ 5264 - … … سَائِلْ بَنِي أسدٍ مَا هَذهِ الصَّوتُ @@ وقال الخليل : القيمة جمع القيم ، والقيم والقيمة واحد بتأويل : الصيحة ، وإما على أنها تاء المبالغة : كـ " علامة " . وقال الفراء : أضاف الدين إلى " القيمة " وهو نعته ، لاختلاف اللفظين ، وعنه أيضاً : هو من باب إضافة الشيء إلى نفسه ، ودخلت الهاء للمدح .