Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 61-62)
Tafsir: Naẓm ad-durar fī tanāsub al-ayāt wa-s-suwar
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ولما انقضت قصة عاد على ما أراد سبحانه ، أتبعها قصة من كانوا عقبهم في الزمن ومثلهم في سكنى أرض العرب وعبادة الأوثان والمناسبة في الأمر المعذب به لأن الموصل للصيحة إلى الأسماع هو الريح وفي خفاء أمرهم ، مفصلاً على أهل ذلك الزمان فقال : { * وإلى } أي ولقد أرسلنا إلى { ثمود أخاهم } وبينه بقوله : { صالحاً } ثم أخرج قوله صلى الله عليه وسلم على تقدير سؤال فقال : { قال يا قوم } أي يا من يعز عليّ أن يحصل لهم سوء { اعبدوا الله } أي الملك الأعظم وحده لأن عبادتكم له مع غيره ليست بشيء ؛ ثم استأنف تفسير ذلك فقال : { ما لكم } أغرق في النفي فقال : { من إله غيره } جرياً على منهاج الدعاة إلى الله في أصل الدين ، وهو إفراد المنعم بالعبادة . ولما أمرهم بذلك ، ذكرهم قدرته ونعمته مرغباً مرهباً فقال : { هو } أي وحده { أنشأكم } أي ابتدأ خلقكم { من الأرض } بخلق آدم عليه السلام منها بغير واسطة وبخلقكم من المني من الدم وهو من الغذاء وهو من النبات وهو من الأرض كما أنشأ أوثانكم منها { و } وفع مقداركم عليه بأن { استعمركم } أي أهلكم لما لم يؤهل له الأوثان من أن تكونا عماراً { فيها } فلا تنسوا حق إلهكم وما فضلكم به من حق أنفسكم بخضوعكم لما لا يساويكم فكيف بمن أنشأكم وإياها ؛ والإنشاء : الابتداء بالإيجاد من غير استعانة بشيء من الأسباب . ولما بين لهم سبحانه عظمته ، وكان الشيطان قد شبه عليهم لأنه لعظمته لا يوصل إليه بوسيلة كما هو حال الملوك وألقى إليهم أن الأوثان وسائل ، نفى ذلك مبيناً طريق الرجوع إليه بقوله : { فاستغفروه } أي فأقبلوا بكل قلوبكم عليه طالبين أن يستر ذنوبكم ؛ وذكر شرط المغفرة بقوله مشيراً بأداة البعد إلى عظيم المنزلة : { ثم توبوا } أي ارجعوا بجميع قلوبكم { إليه } ثم علل ذلك بلطفه وعطفه ترغيباً في الإقبال إليه فقال مؤكداً لأن من يرى إمهاله للعصاة يظن الظنون ومن عصاه كان عمله عمل من ينكر قربه وإجابته : { إن ربي } الذي أخلصت له العبادة لإحسانه إليّ وأدعوكم إلى الإخلاص له لإحسانه إليكم { قريب } من كل من أقبل إليه من غير حاجة إلى معاناة مشي ولا حركة جارحة { مجيب * } لكل من ناداه لا كمعبوداتكم في الأمرين معاً . ولما دعاهم إلى الحق ونصب لهم عليه من الأدلة ما هم به معترفون وذكرهم نعمه مومئاً إلى التحذير من نقمه ، وسهل لهم طريق الوصول إليه ، ما كان جوابهم إلا أن سلخوه من طور البشرية لمحض التقليد ، فلذلك استأنف الإخبار عن جوابهم بقوله : { قالوا } أي ثمود { يا صالح } نادوه باسمه قلة أدب منهم وجفاء { قد كنت فينا } أي فيما بينا إذا تذاكرنا أمرك { مرجواً } أي في حيز من يصح أن يرجى أن يكون فيه خير وسؤدد ورشد وصلاح ، واستغرقوا الزمان فحذفوا الجار وقالوا : { قبل هذا } أي الذي دعوتنا إليه فأما بعد هذا فانسلخت من هذا العداد ؛ ثم بينوا ما أوجب سقوطه عندهم بقولهم منكرين إنكار محترق { أتنهانا } أي مطلق نهي { أن نعبد } أي دائماً { ما يعبد آباؤنا } وعبروا بصيغة المضارع تصويراً للحال كأن آباءهم موجودون فلا تمكن مخالفتهم إجلالاً لهم ، فأجلوا من يرونه سبباً قريباً في وجودهم ولم يهابوا من أوجدهم وآباءهم أولاً من الأرض وثانياً من النطف ، ثم خولهم فيما هم فيه ، ثم فزعوا - في أصل الدين بعد ذكر الحامل لهم على الكفر المانع لهم من تركه - إلى البهت بأن ما يوجب القطع لكل عاقل من آيته الباهرة لم يؤثر عندهم إلا ما هو دون الظن في ترك إجابته ، فقالوا مؤكدين لأن شكهم حقيق بأن ينكر لأنه في أمر واضح جداً لا يحتمل الشك أصلاً : { وإننا لفي شك } وزادوا التأكيد بالنون واللام وبالإشارة بالظرف إلى إحاطة الشك بهم { مما } ولما كان الداعي واحداً وهو صالح عليه السلام لم يلحق بالفعل غير نون واحدة هي ضميرهم بخلاف ما في سورة إبراهيم عليه السلام فلذلك قالوا : { تدعونا إليه } من عبادة الله وحده { مريب * } أي موقع في الريبة وهي قلق النفس وانتفاء الطمأنينة باليقين ؛ والرجاء : تعلق النفس لمجيء الخير على جهة الظن ، ونظيره الأمل والطمع ؛ والنهي : المنع من الفعل بصيغة لا تفعل .