Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 43-44)
Tafsir: Naẓm ad-durar fī tanāsub al-ayāt wa-s-suwar
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ولما بطل هذا السبب الذي أمر به يوسف عليه الصلاة والسلام ، وهو تذكير الشرابي به ، أثار الله سبحانه سبباً ينفذ به ما أراد من رئاسته وقضى به من سجود من دلت عليه الكواكب فقال دالاً على ذلك : { وقال الملك } وهو شخص قادر واسع المقدور إليه السياسه والتدبير ، لملاه وهم السحرة والكهنة والحزرة والقافة والحكماء ، وأكد ليعلم أنه محق في كلامه غير ممتحن : { إني أرى } عبر بالمضارع حكاية للحال لشدة ما هاله من ذلك { سبع بقرات سمان } والسمن : زيادة البدن من اللحم والشحم { يأكلهن سبع } أي بقرات { عجاف } والعجف : يبس الهزال { و } إني أرى { سبع } . ولما كان تأويل المنام الجدب والقحط والشدة ، أضاف العدد إلى جمع القلة بخلاف ما كان في سياق المضاعفة في قوله { أنبتت سبع سنابل } [ البقرة : 261 ] فقال : { سنبلات خضر و } إني أرى سبع سنبلات { أخر يابسات } التوت على الخضر فغلبت عليها ، وكأنه حذف هذا لدلالة العجاف عليه ؛ والسنبلة : نبات كالقصبة حملة حبوب منتظمة ، وكأنه قيل : فكان ماذا ؟ فقيل : قال الملك : { ياأيها الملأ } أي الأشراف النبلاء الذين تملأ العيون مناظرهم والقلوب مخابرهم ومآثرهم { أفتوني } أي أجيبوني وبينوا لي كرماً منكم بقوة وفهم ثاقب . ولما كان مراده أن لا يخرجوا بالجواب عن القصد ولا يبعدوا به ، عبر بما يفهم الظرف فقال : { في رؤياي } ومنعهم من الكلام بغير علم بقوله : { إن كنتم للرؤيا } أي جنسها { تعبرون * } وعبارة الرؤيا : تأويلها بالعبور من علنها إلى سرها كما تعبر ، من عبر النهر - أي شطه - إلى عبره الآخر ، ومثله أولت الرؤيا - إذا ذكرت مالها ومرجعها المقصود بضرب المثال . والمادة - بتراكيبها الستة : عرب ، وعبر ، ورعب ، وربع ، وبعر ، وبرع - تدور على الجواز من محل إلى محل ومن حال إلى حال ، وأكثر ذلك إلى أجود ، فالعرب سموا لأن مبنى أمرهم على الارتحال لاستجادة المنازل ، وأعرب - إذا أفصح ، أي تكلم بكلام العرب فأبان عن مراده ، أي أجازه من العجمة والإبهام إلى البيان ، وأعرب الفرس - إذا خلصت عربيته ، فكأنه جاز مرتبة الهجن إلى العرب ، وكذا الإبل العراب ، والعروبة : يوم الجمعة - لعلو قدرها عن بقية الأيام ، والعروب : المرأة الضاحكة العاشقة لزوجها المتحببه إليه المظهرة له ذلك ، وهي أيضاً العاصية لزوجها - لأن كل ذلك أفعال العرب ، فهم أعشق الناس وأقدرهم على الاستمالة بالكلام العذب ، وهم أعصى الناس وأجفاهم إذا أرادوا ، والعرب - ويحرك : النشاط - لأنه انتقال عن الكسل ، وقد عرب - كفرح - إذا نشط وإذا ورم ، لأن الوارم يتجاوز هيئة غيره ، وعربت البئر : كثر ماءها فارتفع ، وعرب - كضرب : أكل ، والعربة ، محركة : النهر الشديد الجري ، والنفس - لكثرة انتقالها بالفكر ، والعربون : ما عقد به المبايعة من الثمن ، فنقل السلعة من حال إلى حال ، واستعربت البقر : اشتهت الفحل ، إما من العروب العاشقة لزوجها ، وإما لنقل الشهوة لها من حال إلى أخرى ، وتعرب : أقام بالبادية ، مع الأعراب الذين لا يوطنون مكاناً ، وإنما هم مع الربيع ، وعروباء : اسم السماء السابعة - لارتفاعها عن جميع السماوات ، فكأنها جازت الكل ، ولأن حركتها حركة للكل ، والعرب - بالكسر : يبيس البهمي ، لأنه صار أهلاً للنقل ولو بتطيير الهواء ، والعربي : شعير أبيض سنبله حرفان - كأنه نسب إلى العرب لجودته ، والإعراب : إجراء الفرس ومعرفتك بالفرس العربي من الهجين - لانتقال حال الجهل بذلك إلى حال العلم ، وأن لا يلحن في الكلام - كأنه انتقل بذلك من العجمة إلى العربية ، وعرب الرجل - بالكسر - إذا أتخم ، وكذا الفرس من العلف ، ومعدته : فسدت ، وجرحه : بقي به أثر بعد البرء ، كل ذلك ناقل من حال إلى غيرها ، والتعريب : تهذيب المنطق من اللحن - كأنه رفع نفسه إلى العرب ، وقطع سعف النخل - لأنه نقلها عن حالها إلى أصلح منه ، وأن تكون الدابة على أشاعرها ثم تبزع بمبزع ، والتعريب أيضاً والإعراب : ما قبح من الكلام ، وتقبيح قول القائل كأنه حكم بزوال عربيته ، وهما أيضاً الرد عن القبيح ، وذلك إدخاله في خصال العرب التي هي معالي الأخلاق ، وهما أيضاً النكاح ، أو التعريض به لأن نقله من حال إلى حال وفعل إلى فعل قولاً وعملاً ، والتعريب : الإكثار من شرب الماء الصافي ، واتخاذ فرس عربي ، وسما بها عريب ، أي أحد يعرب ؛ وعبر الرؤيا - إذا فسرها وأخبر بما يؤول إليه أمرها ، كأنه جاز ظاهرها إلى بطن منها ، وعبرت الكتاب أعبره عبراً : تدبرته ولم ترفع به صوتك ، وعبرت النهر : قطعته من عبره - أي شطه - إلى عبره ، والعبر أيضاً : الجانب ، لأنه يعبر منه وإليه ، والمعبر : سفينة يعبر عليها النهر وشط هيىء للعبور ، وعبر القوم : ماتوا ، والعبرة - بالكسر : العجب ، وبالفتح : الدمعة قبل أن تفيض - كأن لها قوة الجري ، أو هي تردد البكاء في الصدر أو الحزن بلا بكاء ، لأن ذلك مبدأ جري الدمع ؛ وفي مختصر العين : وعبرة الدمع : جريه ، والعبرة : الدمع نفسه . والعبر - بالضم ويحرك : سخة العين ، والكثير من كل شيء ، وبالجماعة - لأن ذلك جوازعن حد القلة ، ولأنهم يجيزون ما شاؤوا ، ومجلس عبر - بالكسر والفتح : كثير الأهل - من ذلك ، وأيضاً هو أهل لأن يعبر بجماعته من حال إلى حال ، وبامرأة مستعبرة - وتفتح الباء : غير محظية ، أي هي أهل لجري العبرة ، وناقة عبر أسفار - مثلثة قوية ، وعبرت عن الرجل فتكلمت عنه - كأنك عبرت من خاطره إلى خاطر المخاطب ، وعبرت الدنانير تعبيراً : وزنتها ولم تبالغ في وزنها - كأنك عبرت من الجهل بمقدارها إلى الظن ، أو عابر سبيل ، أحي مار ؛ والشعري : العبور : نجم خلف الجوزاء ، والعبور : الجذعة من الغنم - لأنها جازت سنة وتأهلت العبور مع الغنم وكانت في عدادها ، والعبور : لأقلف - لأن كمرته عابرة في قلفته ، وغلام معبر : لم يختن ، ورجل عبر : كاد أن يحتلم ولم يختن بعد ، أي كاد أن يصير إلى خذ البالغين على هذه الحال ، وهي أن كمرته عابرة في قلفته ، وعبر به الأمر تعبيراً : اشتد عليه - كأنه جاز من حالة الرخاء إلى الشدة وعبرت به أهلكته ، والمعبرة - بالتخفيف : ناقة لم تنتج ثلاث سنين ، فيكون أصلب لها - لأنها صارت أهلاً لأن يعبر عليها في الأسفار ، والعبير ضرب من الطيب - لعبور ريحه ، والزعفران - لعبور لونه وريحه ، والعبرى : السدر النهري - لنباته في عبر النهر ، والمعبر من الجمال : الكثير الوبر ، ومن الشاء : التي لم تجز - كأنه لجواز الصوف عن حد جلدهما ، وسهم معبر وعبير : كثير الريش - كأنه عبر عن حد العادة ، والعبر - بالضم : الثكلى ، لأنها أهل لإرسال العبرة ، والسحاب التي تسير شديداً ، والعقاب - لقوتها على قطع المسافات ، ونبات عبر : الكذب والباطل - لسرعة زواله ؛ ورعبت فلاناً : أفزعته ، فهو مرعوب - لأنك أجزته من الأمن إلى الخوف ، وسيل راعب : أي يملأ الوادي ، وراعب : أرض ، منها الحمام الراعبية ، والحمام أيضاً لها قوة العبور بالرسائل من مكان إلى مكان ، ورعبت الحمامة في صوتها ترعيباً : رفعته ، ورعبت السنام : قطعته ، والرعبوبة : قطعة منه - لأنها جازت مكانها ، وجارية رعبوبة ورعبوب : حسنة القوام تامة - كأنها جازت أقرانها حسناً ، والرعب : القصار ، واحدهم رعيب وأرعب ، تشبيه بالقطعة من السنام ؛ والبعر : رجيع الخف والظلف إلا البقر الأهلية ، لأنها تخثى ، والوحشية تبعر بعراً - لأنه يجوز من مكانه من غير أن يلوثه ، فلا يبقى منه به شيء ، والمعبر ، مكانه ، والبعير : الجمل البازل أو الجذع ، وقد يكون الحمار وكل ما يحمل ؛ وفي مختصر العين : وإذا رأت العرب ناقة أو جملاً من بعيد قالوا : هذا بعير ، فإذا عرفوا قالوا للذكر : جمل ، وللأنثى : ناقة ، والبعرة - بالتحريك : الكمرة ، تشبيهاً بها ، والربع : المنزل والدار بعينها ، والمحلة - لأنها يخرج منها ويدخل إليها ، ولذلك سميت متبوأ ، لأنها يتبوأ إليها ، أي يرجع ، وربع يربع : أقام ، وأربع على نفسك : انتظر ، كأنه من الربع ، أي المنزل ، لأنه يقام فيه : وربع - إذا أخصب - للانتقال من حال إلى حال أخرى ، وهم على ربعاتهم ، أي استقامتهم وأمرهم الأول - كأنه من المنزل ، والروبع - كجوهر : الضعيف الدنيء - كأن ذلك يلزم من الإقامة في المنزل ، وبهاء : قصير العرقوب ، والرجل القصير - كأنه تشبيه بالربعة في مطلق القصر عن الطويل ، وربع الحجر : رفعه ، والحمل : رفعه على الدابة ، والمربوع : المنعوش المنفس عنه - لتحول الحال في كل ذلك ، والمربعة : خشبة يرفع بها العدل ، والمرابعة : أن تأخذ يد صاحبك وترفعا الحمل على الدابة - كأنه مع النقل مأخوذ من الأربعة ، وهي أيضاً المعادلة بالربيع ، ومنه تربعت الناقة سناماً طويلاً ، أي حملته ، وربيع الشهور : شهران بعد صفر ، وربيع الفصول اثنان الذي فيه النور والكمأة ، والذي تدرك فيه الثمار - للانتقال في كل منهما ، والربع - كصرد : الفصيل ينتج في الربيع ، وناقة مربع : ذات ربع ، وأربع القوم : صاروا أربعة ، ودخلوا في الربيع ، وأقاموا في المربع ، وربعت الأرض : أصابها مطر الربيع ، والمرابيع : الأمطار أول الربيع ، وأربع الرجل - إذا ولد له في شبابه ، تشبيهاً للشباب بالربيع ، وناقة مرباع - إذا كانت عادتها أن تنتج في ربعية القيظ ، والربعية : أول الشتاء ، والربيع : الجدول - لجريه وإنبات ما حوله ، وجمعه أربعاء ، والحجر يشيلونه لتجربة القوى ، والرابع تلو الثالث - لأنه جاز الجمع ، ووتر وحبل مربوع : مفتول على أربع قوى ، وربعتُ القوم أربعهم : صرت رابعهم ، والأربعاء : يوم ، والمرباع : ربع الغنيمة الذي كان يأخذه الرئيس ، والرباعية - كثمانية : السن بين الثنية والناب ، وعدتها أربع ، وكل ما بلغ الأربعة رباع كثمان ، ويقول للغنم في الرابعة وللبقر والحافر في الخامسة وللخف في السابعة : أربعت ، كأنه لا يجوز في كل نوع من حد الصغر إلى الكبر إلا بذلك ، وأربع الفرس : ألقى رباعيته ، وحمى ربع : تأتي في اليوم الرابع ، وقد ربع الرجل وأربع ، وهو معنى ما قال في القاموس : وربعته الحمى : أخذته الحمى يوماً بعد يومين ، لأن يومها الثاني هو رابع يومها الأول ، والربعة - بالفتح : جونة العطار - لتضوع ريحها ، والرجل بين الطويل والقصير - ويحرك - كالمربوع ، لجوازه حد كل منهما ، هذا إلى الطول ، وهذا إلى القصر ، وارتبع : صار ربعة ، والربعة - محركة : أشد عدو الإبل ، والمسافة بين أثافي القدر - لعبور كل منهما عن محل صاحبتها ، وأربع ماء الركية : كثر ، فجاز عن محله الأول ، وعلى فلان : سأله ثم ذهب ثم عادوه ، وعلى المرأة : كر إلى جماعها ، والقوم إبلهم مكان كذا : رعوها وأرسلوها على الماء ترد متى شاءت ، ويجوز أن يكون هذا أيضاً من الربيع ، وأربعت الناقة - إذا استغلقت رحمها فلم تقبل الماء ، كأنها أزالت العبور ، أي الانتقال من حال إلى أخرى ، والربيعة : البيضة من السلاح - لنقلها صاحبها إلى الحصانة ، والروضة - لجواز النبت فيها عن حد الأرض ، والمربع : شراع السفينة - لأنه آلة السير ، والمربع : الرجل الكثير النكاح - لعبوره عن حالة الأولى ، ولجلوسه بين الشعب الأربع ، وتربع في جلوسه ضد جثا ، إما لأنه صار على شكل المربع ، وإما أخذا من الربع إلى المنزل ، لأنها جلسة المقيم في منزله ، وتربعت النخيل : خرقت وصرمت - لتحول حالها ، واستربع الرمل : تراكم ، إما لجوازه عن حاله الأولى ، وإما من الإقامة في الربع ، واستربع الغبار ، ارتفع ، والبعير للمسير : قوى عليه وصبر ، والرجل بالأمر : استقل وصبر ، وفلان يقيم رباعة قومه ، أي شأنهم وحالهم أي يجيزهم من حال إلى أخرى ، ومضى من بني فلان ربوع بعد ربوع ، أي أحياء بعد أحياء ، إما لأن ذلك جواز من دار إلى دار وحال إلى حال ، وإما على حذف مضاف ، أي أهل ربوع منازل ، واليربوع : دابة كالفأرة ، إما لشدة جريها ، وإما لجعلها نافقاءين تهرب من أيهما شاءت ، فهي عبارة منتقلة بالقوة وإن كانت ساكنة ، واليربوع : لحمة المتن - كأنه مشبه بالدابة ؛ وبرع الرجل - مثلثة : فاق أصحابه في علم أو غيره ، أو تم في كل فضيلة وجمال ، وهذا أبرع منه : أضخم - لأنه جاز مقداره ، والبارع : الأصيل الجيد الرأي ، وتبرع بالعطاء : تفضل بما لا يجب عليه من عند نفسه كأنه جاز رتبة الواجب - والله أعلم . وفي الآية ما يوجبه حال العلماء من حاجة الملوك إليهم ، فكأنه قيل : فما قالوا ؟ فقيل : { قالوا } هذه الرؤيا { أضغاث } أي أخلاط ، جمع ضغث - بكسر الضاد وإسكان الغين المعجمة ، وهو قبضه حشيش مختلطة الرطب باليابس { أحلام } مختلفة مشتبهة ، جمع حلم - بضم الحاء وإسكان اللام وضمه ، وهو الرؤيا - فقيدوها بالأضغاث ، وهو ما يكون من الرؤيا باطلاً - لكونه من حديث النفس أو وسوسة الشيطان ، لكونها تشبه أخلاط النبات التي لا تناسب بينها ، لأن الرؤيا تارة تكون من الملك وهي الصحيحة ، وتارة تكون من تحريف الشيطان وتخليطاته ، وتارة من حديث النفس ؛ ثم قالوا : { وما نحن } أي بأجمعنا { بتأويل } أي ترجيع { الأحلام } أي مطلق الأضغاث وغيرها ، وأعرقوا في النفي بقولهم : { بعالمين * } فدلسوا من غير وجه ، جمعوا - وهي حلم واحد - ليجعلوها أضغاثاً لا مدلول لها ، ونفوا عن أنفسهم " العلم المطلق " المستلزم لنفي " العلم بالمقيد " بعد أن أتوا بالكلام على هذه الصورة ، ليوهموا أنهم ما جهلوها إلا لكونها أضغاثاً - والله أعلم ؛ والقول : كلام متضمن بالحكاية في البيان عنه ، فإذا ذكر أنه قال ، اقتضى الحكاية لما قال ، وإذا ذكر أنه تكلم ، لم يقتض حكاية لما تكلم به ، ومادة " حلم " بجميع تقاليبها تدور على صرف شيء عن وجهه وعادته وما تقتضيه الجبلة - كما يأتي في الرعد في قوله : { شديد المحال } [ الرعد : 13 ] .