Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 45-47)
Tafsir: Naẓm ad-durar fī tanāsub al-ayāt wa-s-suwar
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ولما كان هذا حالاً مذكراً للساقي بيوسف عليع الصلاة والسلام - أخبر سبحانه بأنه ذكره بعد نسيانه ، فقال عادلاً عن الفاء إيذاناً بأنه من الملا : { وقال الذي نجا } أي خلص من الهلاك { منهما } أي من صاحبي السجن ، وهو الساقي { و } الحال أنه { ادكر } - بالمهملة ، أي طلب الذكر - بالمعجمة ، وزنه افتعل { بعد أمة } من الأزمان ، أي أزمان مجتمعة طويلة { أنا أنبئكم } أي أخبركم إخباراً عظيماً { بتأويله } أي بتفسير ما يؤول إليه معنى هذا الحلم وحده كما هو الحق ، وسبب عن كلامه قوله : { فأرسلون * } أي إلى يوسف عليه الصلاة والسلام فإنه أعلم الناس ، فأرسلوه إليه ؛ قال ابن عباس رضي الله عنهما : ولم يكن السجن في المدينة ، فأتاه فقال الساقي المرسل بعد وصوله إليه منادياً له بالنداء القرب تحبباً إليه : { يوسف } وزاد في التحبب بقوله : { أيها الصديق } أي البليغ في الصدق والتصديق لما يحق تصديقه بما جربناه منه ورأيناه لائحاً عليه { أفتنا } أي اذكر لنا الحكم { في سبع } وميز العدد بجمع السلامة الذي هو للقلة - كما مضى لما مضى - فقال : { بقرات سمان } أي رآهن الملك { يأكلهن سبع } أي من البقر { عجاف } أي مهازيل جداً { و } في { سبع سنبلات } جمع سنبلة ، وهي مجمع الحب من الزرع { خضر و } في سبع { أخر } أي من السنابل { يابسات } وساق جواب السؤال سياق الترجي إما جرياً على العوائد العقلاء في عدم البتّ في الأمور المستقبلة ، وإما لأنه ندم بعد إرساله خوفاً من أن يكون التأويل شيئاً لا يواجه به الملك ، فعزم على الهرب - على هذا التقدير ، وإما استعجالاً ليوسف عليه الصلاة والسلام بالإفتاء ليسرع في الرجوع ، فإن الناس في غاية التلفت إليه ، فقال : { لعلي أرجع إلى الناس } قبل مانع يمنعني . ولما كان تصديقهم ليوسف عليه الصلاة والسلام وعلمهم بعد ذلك بفضله وعملهم بما أمرهم به مظنوناً ، قال : { لعلهم يعلمون * } أي ليكونوا على رجاء من أن يعلموا فضلك أو ما يدل ذلك عليه من خير أو شر فيعلموا لكل حال ما يمكنهم عمله ، فكأنه قيل : فما قال له ؟ فقيل : { قال } : تأويله أنكم { تزرعون } أي توجدون الزراعة . فهو إخبار بمغيب ، فهو أقعد في معنى الكلام ، ويمكن أن يكون خبراً بمعنى الأمر { سبع سنين دأباً } أي دائبين مجتهدين - والدأب : استمرار الشيء على عادته - كما أشارت إليه رؤياك بعصر الخمر الذي لا يكون إلا بعد الكفاية ، ودلت عليه رؤيا الملك للبقرات السمان والسنابل الخضر ، والتعبير بذلك يدل على أن هذه السبع تكون - كما تعرفون - من أغلب أحوال الزمان في توسطه بخصب أرض وجدب أخرى ، وعجز الماء عن بقعة وإغراقه لأخرى - كما أشار إليه الدأب : ثم أرشدهم إلى ما يتقوون به على ما يأتي من الشر ، فقال : { فما حصدتم } أي من شيء بسبب ذلك الزرع - والحصد : قطع الزرع بعد استوائه - في تلك السبع الخصبة { فذروه } أي اتركوه على كل حال { في سنبله } لئلا يفسد بالسوس أو غيره { إلا قليلاً مما تأكلون } قال أبو حيان : أشار برأي نافع بحسب طعام مصر وحنطتها التي لا تبقى عامين بوجه إلا بحيلة إبقائها في السنبل - انتهى .