Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 15, Ayat: 27-30)

Tafsir: Naẓm ad-durar fī tanāsub al-ayāt wa-s-suwar

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ولما ذكر سبحانه خلق الإنسان ، أتبعه ذكر ما خلقه قبله من الجنان فقال : { والجان } أي الذي هو للجن كآدم عليه السلام للناس : وقيل : هو إبليس { خلقناه } وعبر عن تقليل زمان سبق خلقه وتقريبه بإثبات الجار فقال : { من قبل } أي قبل خلق الإنسان { من نار السموم * } أي الحر الشديد ، قيل : هي نار لا دخان لها ، يكون منها الصواعق ، وهي بين السماء وبين الحجاب ، فإذا أراد الله تعالى خرقت الحجاب ، فهدت إلى ما أمرت به ، فالهداة التي يسمعها الناس هي خرق ذلك الحجاب ؛ وقال الرازي في اللوامع : نار لطيفة تناهت في الغليان في أفق الهواء ، وهي بالإضافة إلى النار التي جعلها الله تعالى متاعاً كالجمد إلى الماء والحجر إلى التراب - انتهى . وقال عبد الله : هذه السموم جزء من سبعين جزءاً من السموم التي خلق الله منها الجان ، وهي مأخوذة من دخولها بلطفها في مسام البدن ، ومنه السم القاتل - انتهى . ولما كانت نعمة الإيجاد كافية في إخلاص العبادة للموجد ، ثم لم يعتبرها أهل الضلال ، أشار تعالى إلى نعمة هي أكبر منها ، وهي التفضيل على جميع المخلوقات على وجه مبين لسبب الضلال ، فقال عاطفاً على ما تقديره : اذكر هذا فإنه كافٍ في المراد لكل ذي لب : { وإذ } أي واذكر قول ربك إذ { قال ربك } أي المحسن إليك بتشريف أبيك آدم عليه السلام لتشريفك { للملائكة } ولما كان مما يتوقف فيه ، أكده فقال : { إني خالق بشراً } أي حيواناً غير مُلبَس البشرة بما جعله عليه من الطبيعة على الصورة الإنسانية { من صلصال } أي طين شديد اليبس { من حمإ } أي طين أسود منتن { مسنون * } أي مصور بصورة الآدمي في تجويفه وأعضائه كأنه مصبوب في قالب ؛ قال الرماني : وأصله الاستمرار في جهة من قولهم : على سَنن واحد { فإذا سويته } أي عدلته وأتممته وهيأته لنفخ الروح تهيئة قريبة من الفعل { ونفخت فيه من روحي } أي خلقت الحياة فيه كما تعلق النار بالفتيلة بالنفخ ، وهو تمثيل ، وأضاف الروح إليه تشريفاً ، وهو ما يصير به الجسم حياً ، وأشرف منه ما يصير به الروح عالماً ، وأشرف منه ما يصير به العالم عاملاً خاشعاً { فقعوا له } أي تعظيماً ، حال كونكم { ساجدين * } أي اسجدوا له سجود من كان في مبادرته به وسهولة انقياده كأنه وقع من غير اختياره { فسجد الملائكة } أي بسبب هذا الأمر من غير توقف لما جاء الوقت الذي أمرتهم فيه لذلك البشر ، وهو أبوكم آدم عليه السلام وأنتم في صلبه { كلهم أجمعون * } .