Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 7-8)

Tafsir: Naẓm ad-durar fī tanāsub al-ayāt wa-s-suwar

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ولما كانت الأسفار بعد ذلك ، تلاه بقوله تعالى : { وتحمل } أي الأنعام { أثقالكم } أي أمتعتكم مع المشقة { إلى بلد } أي غير بلدكم أردتم السفر إليه { لم تكونوا } - أي كوناً أنتم مجبولون عليه - قادرين على حملها إليه ، وتبلغكم - بحملها لكم - إلى بلد لم تكونوا { بالغيه } بغير الإبل { أي بشق } أي بجهد ومشقة وكلفة { الأنفس } ويجوز أن يكون المعنى : لم تبلغوه بها ، فكيف لو لم تكن موجودة ؛ والشق : أحد نصفي الشيء ، كأنه كناية عن ذهاب نصف القوة لما يلحق من الجهد ؛ والآية من الاحتباك : ذكر حمل الأثقال أولاً دليلاً على حمل الأنفس ثانياً ، وذكر مشقة البلوغ ثانياً دليلاً على مشقة الحمل أولاً . ولما كان هذا كله من الإحسان في التربية ، ولا يسخره للضعيف إلا البليغ في الرحمة ، وكان من الناس من له من أعماله سبب لرضى ربه ، ومنهم من أعماله كلها فاسدة ، قال : { إن ربكم } أي الموجد لكم والمحسن إليكم { لرؤوف } أي بليغ الرحمة لمن يتوسل إليه بما يرضيه { رحيم * } أي بليغ الرحمة بسبب وبغير سبب . ولما كانت الأنعام أكثر أموالهم ، مع أن منافعها أكثر ، بدأ بها ثم ثنى بما هو دونها ، مرتباً له على الأشراف فالأشراف ، فقال تعالى : { والخيل } أي الصاهلة { والبغال } أي المتولدة بينها وبين الحمر { والحمير } أي الناهقة . ولما كان الركوب فعل المخاطبين ، وهو المقصود بالنفعة ، ذكره باللام التي هي الأصل في التعليل فقال : { لتركبوها } ولما كانت الزينة تابعة للمنفعة ، وكانت فعلاً لفاعل الفعل المعلل ، نصبت عطفاً على محل ما قبلها فقال : { وزينة } . ولما دل على قدرته بما ذكر في سياق الامتنان ، دل على أنها لا تتناهى في ذلك السياق ، فنبه على أنه خلق لهم أموراً لو عدها لهم لم يفهموا المراد على سبيل التجديد والاستمرار في الدنيا والآخرة { ما لا تعلمون * } فلا تعلمون له موجداً غيره ولا مدبراً سواه .