Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 18-19)
Tafsir: Naẓm ad-durar fī tanāsub al-ayāt wa-s-suwar
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ولما نبه سبحانه هذا التنبيه تسلية للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وتثبيتاً أن يبخع نفسه ، عطف على ما مضى بقية أمرهم فقال : { وتحسبهم أيقاظاً } لانفتاح أعينهم للهواء ليكون أبقى لها ، ولكثرة حركاتهم { وهم رقود ونقلبهم } بعظمتنا في حال نومهم تقليباً كثيراً بحسب ما ينفعهم كما يكون النائم { ذات } أي في الجهة التي هي صاحبة { اليمين } منهم { وذات الشمال } لينال روح النسيم جميع أبدانهم ولا يتأثر ما يلي الأرض منها بطول المكث { وكلبهم باسط } وأعمل اسم الفاعل هذا ، لأنه ليس بمعنى الماضي بل هو حكاية حال ماضية فقال : { ذراعيه بالوصيد } أي بباب الكهف وفنائه كما هي عادة الكلاب ، وذكر هذا الكلب على طول الآباد بجميل هذا الرقاد من بركة صحبة الأمجاد . ولما كان هذا مشوقاً إلى رؤيتهم ، وصل به ما يكف عنه بقوله تعالى : { لو اطلعت عليهم } وهم على تلك الحال { لوليت منهم فراراً } أي حال وقوع بصرك عليهم { ولملئت } في أقل وقت بأيسر أمر { منهم رعباً * } لما ألبسهم الله من الهيبة ، وجعل لهم من الجلالة ، وتدبيراً منه لما أراد منهم { وكذلك } أي فعلنا بهم هذا من آياتنا من النوم وغيره ، ومثل ما فعلناه بهم { بعثناهم } بما لنا من العظمة { ليتساءلوا } وأظهر بالافتعال إشارة إلى أنه في غاية الظهور . ولما كان المراد تساؤلا عن أخبار لا تعدوهم قال تعالى : { بينهم } أي عن أحوالهم في نومهم ويقظتهم فيزدادوا إيماناً ، وثباتاً وإيقاناً ، بما ينكشف لهم من الأمور العجيبة ، والأحوال الغريبة فيعلم أنه لا علم لأحد غيرنا ، ولا قدرة لأحد سوانا ، وأن قدرتنا تامة ، وعلمنا شامل ، فليعلم ذلك من أنكر قدرتنا على البعث وسأل اليهود البعداء البغضاء عن نبيه الحبيب الذي أتاهم بالآيات ، وأراهم البينات ، فإن كانوا يستنحصون اليهود فليسألوهم عما قصصنا من هذه القصة ، فإن اعترفوا به لزمهم جميعاً الإيمان والرجوع عن الغي والعدوان ، وإن لم يؤمنوا علم قطعاً أنه لا يؤمن من أردنا هدايته بالآيات البينات كأهل الكهف وغيرهم ، لا بإنزال الآيات المقترحات . ولما كان المقام مقتضياً لأن يقال : ما كان تساؤلهم ؟ أجيب بقوله تعالى : { قال قائل منهم } مستفهماً من إخوانه : { كم لبثتم } نائمين في هذا الكهف من ليلة أو يوم ، وهذا يدل على أن هذا القائل استشعر طول لبثهم بما رأى من هيئتهم أو لغير ذلك من الأمارات ؛ ثم وصل به في ذلك الأسلوب أيضاً قوله تعالى : { قالوا لبثنا يوماً } ودل على أن هذا الجواب مبني على الظن بقوله دالاً حيث أقرهم عليه سبحانه على جواز الاجتهاد والقول بالظن المخطىء ، وأنه لا يسمى كذباً وإن كان مخالفاً للواقع { أو بعض يوم } كما تظنون أنتم عند قيامكم من القبور إن لبثتم إلا قليلاً ، لأنه فرق بين صديق وزنديق في الجهل بما غيبه الله تعالى : فكأنه قيل : على أي شيء استقر أمرهم في ذلك ؟ فأجيب بأنهم ردوا الأمر إلى الله بقوله : { قالوا } أي قال بعضهم إنكاراً على أنفسهم ووافق الباقون بما عندهم من التحاب في الله والتوافق فيه في الحقيقة إخوان الصفا وخلان الألفة والوفا { ربكم } المحسن إليكم { أعلم } أي من كل أحد { بما لبثتم فابعثوا } أي فتسبب عن إسناد العلم إلى الله تعالى أن يقال : اتركوا الخوض في هذا واشتغلوا بما ينفعكم بأن تبعثوا { أحدكم بورقكم } أي فضتكم { هذه } التي جمعتموها لمثل هذا { إلى المدينة } التي خرجتم منها وهي طرطوس ليأتينا بطعان فإنا جياع { فلينظر أيها } أي أي أهلها { أزكى } أي أطهر وأطيب { طعاماً فليأتكم } ذلك الأحد { برزق منه } لنأكل { وليتلطف } في التخفي بأمره حتى لا يتفطنوا له { ولا يشعرن } أي هذا المبعوث منكم في هذا الأمر { بكم أحداً * } أن فطنوا له فقبضوا عليه ، وإن المعنى : لا يقولن ولا يفعلن ما يؤدي من غير قصد منه إلى الشعور بكم فيكون قد أشعر بما كان منه من السبب ، وفي قصتهم دليل على أن حمل المسافر ما يصلحه من المنفعة رأى المتوكلين لا المتآكلين المتكلين على الإنفاقات على ما في أوعية القوم من النفقات ، وفيها صحة الوكالة ؛ ومادة ( ورق ) بجميع تراكيبها الخمسة عشر قد تقدم في سورة سبحان وغيرها أنها تدور على الجمع ، فالورق مثلثة وككتف وجبل : الدراهم المضروبة - تشبيهاً بالورق في الشكل وفي الجمال ، وبها جمع حال الإنسان ، وحالها مقتض للجمع ، والورّاق : الكثير الدراهم وهو أيضاً مورّق الكتب ، وحرفته الوراقة ، وما زلت منك موارقاً ، أي قريباً مدانياً - أي كالذي يساجلك في قطاف الورق من شجرة واحدة فهو يأخذ من ناحية وأنت من أخرى ، والمداناة : أول الجمع والورق - محركة : جمال الدنيا وبهجتها - لأنها تجمع ألواناً وأنواعاً ، ولعل منه الورقة ، قال في مختصر العين : إنها سواد في غبرة . وحمامة ورقاء - أي منه ، وفي القاموس : والأورق من الإبل : ما في لونه بياض إلى سواد ، ورأى رجل الغول على جمل أورق فقال : جاء بأم الربيق على أريق ، أي بالداهية العظيمة ، صغر الأورق كسويد في أسود ، والأصل وريق فقلبت واوه همزة ، والأورق أيضاً من الكتاب والشجر معروف - لأنك لا تكاد تحد واحدة منه على لون واحد ، ولأنه يجمع الواحدة منه إلى الأخرى ويجمع معنى ما يحمله ، قال في مختصر العين : والورق : أدم رقاق منه ورق المصحف ، والورق أيضاً : الخبط - لأنه لما كانت الإبل تعلفه كان كأنه هو الورق لا غيره ، والورق : الحي من كل حيوان - لأن الحياة هي الجمال ، وبها جماع الأمور ، ولأن الورق دليل على حياة الحي من الشجر ، فهو من إطلاق اسم الدال على المدلول ، والورق أيضاً : ما استدار من الدم على الأرض ، أو ما سقط اسم من الجراحة - لأن الاستدارة أجمع الأشكال ، وهو تشبيه بورق الشجر في الشكل ، والورق : المال من إبل ودراهم وغيرها - لأن جماع حياة الإنسان وكمالها بذلك كما أن كمال حياة الشجر بالورق ، ولرعي المال من الحيوان الورق ، والورق : حسن القوم وجمالهم - من ذلك ، لأنه يجمع أمرهم ويجمع إليهم غيرهم ، والورق من القوم : أحداثهم أو الضعاف من الفتيان - تشبيه بالورق لأنه لا يقيم غالباً أكثر من عام ، ولأنه ضعيف في نفسه ، وضعيف النفع بالنسبة إلى الثمر ، والورقة - بهاء : الخسيس والكريم ، ضد - للنظر تارة إلى كونه نافعاً للمرعى ودالاً على الحياة ، وإلى كونه غير مقصود بالذات أخرى ، ورجل ورق وامرأة ورقة : خسيسان أي لا ثمرة لهما ، ومن ذلك أورق الصائد - إذا رمى فأخطأ أي لم يقع على غير الورق ، أي لم تحصل له ثمرة ، بل وقع على شجرة غير مثمرة ، وكذا أورق القوم : أخفقوا في حاجتهم ، أي رجعوا بلا ثمرة ، ومن ذلك أيضاً أورقوا : كثر مالهم ودراهمهم - ضد ، هذا بالنظر إلى أن في الورق جمال الشجر وحياته ، والتجارة مؤرقة للمال كمجلبة أي مكثرة ؛ ومنه قول القزاز في ديوانه : هذا رجل مؤرق له دراهم ، والمؤرق : الذي لا شيء له - ضد ، أو أنه تارة يكون للإيجاب والصيرورة نحو أغدّ البعير ، وتارة للسلب نحو أشكيته ، والوراق ككتاب : وقت خروج الورق من الشجر ، وشجرة وريقة وورقة : كثيرة الورق ، والوارقة : الشجرة الخضراء الورق الحسنته ، والوراق - كسحاب : خضرة الأرض من الحشيش ، وليس من الورق في شيء ، وذلك أن تلك الخضرة لا تخلو عن لون آخر ، والرقة - كعدة : أول نبات النصي والصليان وهما نباتان أفضل مراعي الإبل ، لأنهما سبب لجمع المال للرعي ، والرقة : الأرض التي يصيبها المطر في الصفرية - أي أول الخريف - أو في القيظ فتنبت فتكون خضراء - كأن ذلك النبات يكون أقل خضرة من نبات الربيع ، ويكون اختلاطه لغيره من الألوان أكثر مما في الربيع ، وفي القوس ورقة - بالفتح : عيب ، والورقاء : الذئبة - من أجل أن الورق الخالي عن الثمر تقل الرغبة في شجره وهو دون المثمر ، ولأن الورق مختلط اللون ، والاختلاط في كل شيء عيب بالنسبة إلى الخالص ، وتورقت الناقة : أكلت الورق . وقار الرجل يقور : مشى على أطراف قدميه لئلا يسمع صوتهما - لأن فاعل ذلك جدير بالوصول إلى ما أراد مما يجمع شمله ، ومنه قار الصيد : ختله - لأن أهل الخداع أولى بالظفر ، ألا ترى الأسود تصاد به ، ولو غولبت عز أخذها ، وقار الشيء : قطعه من وسطه خرقاً مستديراً كقوّره - لأن الثوب يصير بذلك الخرق يجمع ما يراد منه ، والاستدارة أجمع الأشكال كما سلف ، والقوارة - كثمامة : ما قور الثوب وغيره ، أو يخص بالأديم ، وما قطعت من جوانب الشيء ، والشيء الذي قطع من جوانبه - ضد ، وهو من تسميه موضع الشيء باسمه ، والقارة : الجبل الصغير الصلب المنقطع عن الجبال - لشدة اجتماع أجزائه بالصلابة واجتماعه في نفسه بانقطاعه عن غيره مما لو خالطه لفرقه ، ولم يعرف حد على ما هو ، والقارة : الصخرة العظيمة ، والأرض ذات الحجارة السود - لاجتماعها في نفسها بتميزها عن غيرها بتلك الحجارة ، ودار قوراء : واسعة - تشبيهاً بقوارة الثواب ، ولأنها كلما اتسعت كانت أجمع ، والقار : الإبل أو القطيع الضخم منها ، والاقورار : تشنج الجلد وانحناء الصلب هزالاً وكبراً - لأن كلاًّ من التشنج والانحناء اجتماع ، والاقورار : الضمر - لأن الضامر اجتمعت أجزاؤه ، والاقورار : السمن - ضد ، لأن السمين جمع اللحم والشحم ، والاقورار : ذهاب نبات الأرض - لأنها تصير بذلك قوراء فتصير أجدر بأن تسع الجموع ، ويمكن أن يكون الأقورار كله من السلب إلا ما للسمن ، والقور : القطن الحديث أو ما رزع من عامة لأنه يلبس فيجمع البدن ، ولقيت منه الأقورين - بكسر الراء ، والأقوريات أي الدواهي القاطعة - تشبيهاً بما قور من الثوب ، فهي للسلب ، والقور - محركة : العين - لأن محلها يشبه القوارة ، والمقور - كمعظم : المطلي بالقطران - لاجتماع أجزائه بذلك ، واقتار : احتاج ، أي صار أهلاً لأن يجمع ، وتقور الليل : تهور ، أي مضى ، من القطع ، وتقورت الحية : تثنت أي تجمعت ، والقار : شجر مر - كأنه الذي تطلى به السفن ، وهذا أقير من هذا : أشد مرارة - لأن المرارة تجمع اللهوات عند الذوق ، والقارة قبيلة - لأن ابن الشداخ أراد أن يفرقهم فقال شاعرهم : @ دعونا قارة لا تذعرونا فنجفل مثل إجفال الظليم @@ فسموا القارة بهذا وكانوا رماة ، وفي المثل : قد أنصف القارة من راماها . والرقوة : فويق الدعص من الرمل ، ويقال رقو ، بلا هاء - كأنه لجمعه الكثير من الرمل ، أو لجمعه من يطلب الإشراف على الأماكن البعيدة بالعلو عليه لترويح النفس - والله الموفق .