Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 32, Ayat: 28-30)
Tafsir: Naẓm ad-durar fī tanāsub al-ayāt wa-s-suwar
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ولما كانت هذه الآية أدل دليل - كما مضى - على البعث ، وكان يوماً يظهر فيه عز الأولياء وذل الأعداء ، أتبعها قوله تعجيباً منهم عطفاً على " يقولون أفتراه " ونحوها : { ويقولون } أي مع هذا البيان الذي لا لبس معه استهزاء : { متى هذا الفتح } أي النصر والقضاء والفصل الذي يفتح المنغلق يوم الحشر { إن كنتم } أي كوناً راسخاً { صادقين } أي عريقين في الصدق بالإخبار بأنه لا بد من كونه لنؤمن إذا رأيناه . ولما أسفر حالهم بهذا السؤال الذي محصله الاستعجال على وجه الاستهزاء عن أنهم لا يزدادون مع البيان إلا عناداً ، أمرهم بجواب فيه أبلغ تهديد ، فقال فاعلاً فعل القادر في الإعراض عن إجابتهم عن تعيين اليوم إلى ذكر حاله : { قل } أي لهؤلاء اللد الجهلة : { يوم الفتح } أي الذي يستهزئون به ، وهو يوم القيامة - تبادرون إلى الإيمان بعد الانسلاخ مما أنتم فيه من الشماخة والكبر ، فلا ينفعكم بعد العيان وهو معنى { لا } ينفعكم - هكذا كان الأصل ، ولكنه أظهر الوصف تعميماً وتعليقاً للحكم به فقال : { ينفع الذين كفروا } أي غطوا آيات ربهم التي لا خفاء بها سواء في ذلك أنتم وغيركم ممن اتصف بهذا الوصف { إيمانهم } لأنه ليس إيماناً بالغيب ، ولكنه ساقه هكذا سوق ما هو معلوم { ولا هم ينظرون * } أي يمهلون في إيقاع العذاب بهم لحظة ما من منظر ما . ولما كانت نتيجة سماعهم لهذه الأدلة استهزاءهم حتى بسؤالهم عن يوم الفتح ، وأجابهم سبحانه عن تعيينه بذكر حاله ، وكان صلى الله عليه وسلم لشدة حرصه على نفعهم ربما أحب إعلامهم بما طلبوا وإن كان يعلم أن ذلك منهم استهزاء رجاء أن ينفعهم نفعاً ما ، سبب سبحانه عن إعراضه عن إجابتهم ، أمره لهذا الداعي الرفيق والهادي الشفيق بالإعراض عنهم أيضاً ، فقال مسلياً له مهدداً لهم : { فأعرض عنهم } أي غير مبال بهم وإن اشتد أذاهم { وانتظر } أي ما نفعل بهم مما فيه إظهار أمرك وإعلاء دينك ، ولما كان الحال مقتضياً لتردد السامع في حالهم هل هو الانتظار ، أجيب على سبيل التأكيد بقوله : { إنهم منتظرون * } أي ما يفعل بك وما يكون من عاقبة أمرك فيما تتوعدهم به وفي غيره ، وقد انطبق آخرها على أولها بالإنذار بهذا الكتاب ، وأعلم بجلالته وجزالته وشدته وشجاعته أنه ليس فيه نوع ارتياب ، وأيضاً فأولها في التذكيب بتنزيله ، وآخرها في الاستهزاء بتأويله ، { يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل } [ الأعراف : 53 ] - الآية ، وأيضاً فالأول في التكذيب بإنزال الروح المعنوي ، والآخر في التكذيب بإعادة الروح العيني الحسي الذي ابتدأه أول مرة والله الهادي إلى الصواب .