Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 15, Ayat: 88-96)
Tafsir: ad-Durr al-manṯūr fī at-tafsīr bi-l-maʾṯūr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في قوله { لا تمدن عينيك … } الآية . قال : نهى الرجل أن يتمنى مال صاحبه . وأخرج أبو عبيد وابن المنذر ، عن يحيى بن أبي كثير : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بإبل حي ، يقال لهم بنو الملوح أو بنو المصطلق ، قد عنست في أبوالها من السمن . فتقنع بثوبه ومرّ ولم ينظر إليها لقوله { لا تمدن عينيك … } الآية . وأخرج ابن جرير وابن المنذر ، عن مجاهد في قوله { أزواجاً منهم } قال : الأغنياء ، الأمثال ، الأشباه . وأخرج ابن المنذر عن سفيان بن عيينة قال : من أعطي القرآن فمد عينيه إلى شيء منها ، فقد صغر القرآن . ألم تسمع قوله { ولقد آتيناك سبعاً من المثاني … } إلى قوله { ورزق ربك خير وأبقى } قال : يعني القرآن . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن سعيد بن جبير { واخفض جناحك } قال : اخضع . وأخرج البخاري وسعيد بن منصور والحاكم والفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه من طرق ، عن ابن عباس في قوله { كما أنزلنا على المقتسمين الذين جعلوا القرآن عضين } قال : هم أهل الكتاب ، جزأوه أجزاء فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه . وأخرج ابن جرير من طريق علي ، عن ابن عباس { عضين } فرقا . وأخرج الطبراني في الأوسط ، عن ابن عباس قال : " سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أرأيت قول الله { كما أنزلنا على المقتسمين } قال : اليهود والنصارى . قال { الذين جعلوا القرآن عضين } قال : آمنوا ببعض وكفروا ببعض " . وأخرج ابن إسحق وابن أبي حاتم والبيهقي وأبو نعيم معاً في الدلائل ، عن ابن عباس أن الوليد بن المغيرة اجتمع إليه نفر من قريش - وكان ذا سن فيهم - وقد حضر الموسم فقال لهم : يا معشر قريش ، إنه قد حضر هذا الموسم ، وإن وفود العرب ستقدم عليكم فيه وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا فاجمعوا فيه رأياً واحداً ، ولا تختلفوا فيُكَذِّب بعضكم بعضاً . فقالوا : أنت فقل ، وأتم لنا به رأياً نقول به . قال : لا ، بل أنتم قولوا لأسمع . قالوا : نقول كاهن . قال : ما هو بكاهن … لقد رأينا الكهان فما هو بزمزمة الكهان ولا بسجعهم . قالوا : فنقول مجنون . قال : ما هو بمجنون … لقد رأينا الجنون وعرفناه ، فما هو بخنقه ولا بحائحه ولا وسوسته . قالوا : فنقول شاعر . قال : ما هو بشاعر … لقد عرفنا الشعر كله ، رَجَزه وهَزَجه وقريضه ومقبوضه ومبسوطه ، فما هو بالشعر . قالوا : فنقول ساحر . قال : ما هو بساحر لقد رأينا السحار وسحرهم ، فما هو بنفثه ولا بعقده . قالوا : فماذا نقول ؟ قال : والله إن لقوله حلاوة ؛ وإن عليه طلاوة وإن أصله لعذق وإن فرعه لجناء ، فما أنتم بقائلين من هذا شيئاً إلا عرف أنه باطل ، وإن أقرب القول أن تقولوا هو ساحر ، يفرق بين المرء وأبيه ، وبين المرء وأخيه ، وبين المرء وزوجه ، وبين المرء وعشيرته . فتفرقوا عنه بذلك . فأنزل الله في الوليد وذلك من قوله { ذرني ومن خلقت وحيداً … } [ المدثر : 11 ] إلى قوله { سأصليه سقر … } [ المدثر : 26 ] وأنزل الله في أولئك النفر الذين كانوا معه { الذين جعلوا القرآن عضين } أي أصنافاً { فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون } . وأخرج ابن أبي حاتم وابن المنذر ، عن مجاهد في قوله { الذين جعلوا القرآن عضين } قال : هم رهط من قريش ، عضهوا كتاب الله ، فزعم بعضهم أنه سحر وزعم بعضهم أنه كهانة وزعم بعضهم أنه أساطير الأوّلين . وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن جرير ، عن عكرمة يقول : العضه ، السحر بلسان قريش . يقولون للساحرة : إنها العاضهة . وأخرج الترمذي وابن جرير وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه ، عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم { فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون } قال : يسأل العباد كلهم يوم القيامة عن خلتين : عما كانوا يعبدون ، وعما أجابوا به المرسلين . وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث من طريق علي ، عن ابن عباس رضي الله عنهما { فوربك لنسألنهم أجمعين } وقال : { فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان } [ الرحمن : 39 ] قال : لا يسألهم هل عملهم كذا وكذا ؛ لأنه أعلم منهم بذلك ، ولكن يقول : لم عملتم كذا وكذا . وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي ، عن ابن عباس رضي الله عنهما { فاصدع بما تؤمر } فامضه . وأخرج ابن جرير عن أبي عبيدة ، أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : ما زال النبي صلى الله عليه وسلم مستخفياً حتى نزل { فاصدع بما تؤمر } فخرج هو وأصحابه . وأخرج ابن أبي حاتم وأبو داود في ناسخه من طريق علي ، عن ابن عباس رضي الله عنهما { وأعرض عن المشركين } قال : نسخه قوله { فاقتلوا المشركين } [ التوبة : 5 ] . وأخرج ابن إسحق وابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله { فاصدع بما تؤمر } قال : هذا أمر من الله لنبيه بتبليغ رسالته قومه وجميع من أرسل إليه . وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله { فاصدع بما تؤمر } قال : اجهر بالقرآن في الصلاة . وأخرج عن ابن زيد في قوله { فاصدع بما تؤمر } قال : بالقرآن الذي أوحي إليه أن يبلغهم إياه . وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس { فاصدع بما تؤمر } قال : أعلن بما تؤمر . وأخرج أبو نعيم في الدلائل من طريق السدي الصغير ، عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخفياً سنين لا يظهر شيئاً مما أنزل الله حتى نزلت { فاصدع بما تؤمر } يعني : أظهر أمرك بمكة ، فقد أهلك الله المستهزئين بك وبالقرآن ، وهم خمسة رهط . فأتاه جبريل بهذه الآية ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أراهم أحياء بعد كلهم … " . فاهلكوا في يوم واحد وليلة . منهم العاص بن وائل السهمي ، خرج في يومه ذلك في يوم مطير فخرج على راحلته يسير وابن له يتنزه ويتغدى ، فنزل شعباً من تلك الشعاب . فلما وضع قدمه على الأرض قال : لدغت . فطلبوا فلم يجدوا شيئاً ، وانتفخت رجله حتى صارت مثل عنق البعير ، فمات مكانه . ومنهم الحارث بن قيس السهمي ، أكل حوتاً فأصابه غلبة عطش ، فلم يزل يشرب عليه من الماء حتى أنقدّ بطنه ، فمات وهو يقول : قتلني رب محمد . ومنهم الأسود بن المطلب ، وكان له ابن يقال له زمعة بالشام ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دعا على الأب أن يعمى بصره وأن يثكل ولده ، فأتاه جبريل بورقة خضراء فرماه بها فذهب بصره . وخرج يلاقي ابنه ومعه غلام له ، فأتاه جبريل وهو قاعد في أصل شجرة ، فجعل ينطح رأسه ويضرب وجهه بالشوك ، فاستغاث بغلامه فقال له غلامه : لا أرى أحداً يصنع بك شيئاً غير نفسك . حتى مات وهو يقول : قتلني رب محمد . ومنهم الوليد بن المغيرة ، مرّ على نبل لرجل من خزاعة قد راشها وجعلها في الشمس ، فربطها فانكسرت ، فتعلق به سهم منها فأصاب أكحله فقتله . ومنهم الأسود بن عبد يغوث ، خرج من أهله فأصابه السموم فاسودّ حتى عاد حبشياً ، فأتى أهله فلم يعرفوه فاغلقوا دونه الباب حتى مات . وهو يقول : قتلني رب محمد . فقتلهم الله جميعاً ، فأظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره وأعلنه بمكة " . وأخرج أبو نعيم في الدلائل بسندين ضعيفين ، عن ابن عباس في قوله { إنا كفيناك المستهزئين } قال : قد سلطت عليهم جبريل وأمرته بقتلهم ، فعرض للوليد بن المغيرة فعثر به ، فعصره عن نصل في رجله حتى خرج رجيعه من أنفه . وعرض للأسود بن عبد العزى وهو يشرب ماء ، فنفخ في ذلك حتى انتفخ جوفه فانشق ، واعترض للعاص بن وائل وهو متوجه إلى الطائف ، فنخسه بِشَبْرُقَةٍ فجرى سمّها إلى رأسه ، وقتل الحارث بن قيس بلكزة ، فما زال يفوق حتى مات . وقتل الأسود بن عبد يغوث الزهري . وأخرج الطبراني في الأوسط والبيهقي وأبو نعيم كلاهما في الدلائل وابن مردويه بسند حسن والضياء في المختارة ، عن ابن عباس في قوله { إنا كفيناك المستهزئين } قال : المستهزئون ، الوليد بن المغيرة والأسود بن عبد يغوث والأسود بن المطلب والحارث بن عبطل السهمي والعاص بن وائل ، فأتاه جبريل فشكاهم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " أرني إياهم ، فأراه الوليد . فأومأ جبريل إلى أكحله فقال : ما صنعت شيئاً . قال : كفيتكه . ثم أراه الأسود بن المطلب ، فأومأ إلى عينيه فقال : ما صنعت شيئاً . قال : كفيتكه ، ثم أراه الأسود بن عبد يغوث ، فأومأ إلى رأسه فقال : ما صنعت شيئاً . قال : كَفَيْتُكَهُ . ثم أراه الحرث ، فأومأ إلى بطنه فقال : ما صنعت شيئاً . فقال : كفيتكه . ثم أراه العاص بن وائل ، فأومأ إلى أخمصه فقال : ما صنعت شيئاً . فقال : كفيتكه . فأما الوليد ، فمر برجل من خزاعة وهو يريش نبلاً فأصاب أكحله فقطعها . وأما الأسود بن المطلب ، فنزل تحت سمرة فجعل يقول : بنيّ ، ألا تدفعون عني ؟ قد هلكت وَطُعِنْتُ بالشوك في عيني . فجعلوا يقولون : ما نرى شيئاً . فلم يزل كذلك حتى عتمت عيناه . وأما الأسود بن عبد يغوث ، فخرج في رأسه قروح فمات منها . وأما الحارث ، فأخذه الماء الأصفر في بطنه حتى خرج خرؤه من فيه فمات منه . وأما العاص ، فركب إلى الطائف فربض على شبرقة فدخل من أخمص قدمه شوكة فقتلته " . وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل من طريق جويبر ، عن الضحاك عن ابن عباس ، أن الوليد بن المغيرة قال : إن محمداً كاهن ، يخبر بما يكون قبل أن يكون وقال أبو جهل : محمد ساحر ؛ يفرق بين الأب والابن . وقال عقبة بن أبي معيط : محمد مجنون ، يهذي في جنونه . وقال أبي بن خلف : محمد كذاب . فأنزل الله { انا كفيناك المستهزئين } فهلكوا قبل بدر . وأخرج ابن جرير والطبراني وابن مردويه ، عن ابن عباس ، أن المستهزئين ثمانية : الوليد بن المغيرة ، والأسود بن المطلب ، والأسود بن عبد يغوث ، والعاص بن وائل ، والحارث بن عدي بن سهم ، وعبد العزى بن قصي ؛ وهو أبو زمعة ، وكلهم هلك قبل بدر بموت أو مرض . والحارث بن قيس من العياطل . وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : { المستهزئين } منهم : الوليد بن المغيرة ، والعاص بن وائل ، والحارث بن قيس ، والأسود بن المطلب ، والأسود بن عبد يغوث ، وأبو هبار بن الأسود . وأخرج ابن مردويه عن علي { إنا كفيناك المستهزئين } قال : خمسة من قريش ، كانوا يستهزئون برسول الله صلى الله عليه وسلم ، منهم الحارث بن عيطلة والعاص بن وائل والأسود بن عبد يغوث والوليد بن المغيرة . وأخرج البزار والطبراني في الأوسط عن أنس قال : مر النبي صلى الله عليه وسلم على أناس بمكة ، فجعلوا يغمزون في قفاه ويقولون : هذا الذي يزعم أنه نبي ومعه جبريل . فغمز جبريل بأصبعه فوقع مثل الظفر في أجسادهم ، فصارت قروحاً نتنة . فلم يستطع أحد أن يدنو منهم . وأنزل الله { إنا كفيناك المستهزئين } . وأخرج عبد الرزاق في المصنف ، عن عكرمة قال : مكث النبي صلى الله عليه وسلم بمكة خمس عشرة سنة ، منها أربع أو خمس يدعو إلى الإِسلام سراً وهو خائف ، حتى بعث الله على الرجال الذين أنزل فيهم { انا كفيناك المستهزئين الذين جعلوا القرآن عضين } والعضين بلسان قريش ، والسحر . وأمر بعدوانهم فقال : { فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين } ثم أمر بالخروج إلى المدينة فقدم في ثمان ليالٍ خلون من شهر ربيع الأول ، ثم كانت وقعة بدر . ففيهم أنزل الله { وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم } [ الأنفال : 7 ] وفيهم نزلت { سيهزم الجمع } [ القمر : 45 ] وفيهم نزلت { حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب } [ المؤمنون : 64 ] وفيهم نزلت { ليقطع طرفاً من الذين كفروا } [ آل عمران : 127 ] وفيهم نزلت { ليس لك من الأمر شيء } [ آل عمران : 128 ] أراد الله القوم وأراد رسول الله العير ، وفيهم نزلت { ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفراً … } [ إبراهيم : 28 ] الآية . وفيهم نزلت { قد كان لكم آية في فئتين التقتا } [ آل عمران : 13 ] في شأن العير { والركب أسفل منكم } [ الأنفال : 42 ] أخذوا أسفل الوادي . فهذا كله في أهل بدر ، وكانت قبل بدر بشهرين سرية يوم قتل ابن الحضرمي ، ثم كانت أحد ، ثم يوم الأحزاب بعد أحد بسنتين ، ثم كانت الحديبية - وهو يوم الشجرة - فصالحهم النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ على أن يعتمر في عام قابل في هذا الشهر . ففيها أنزلت { الشهر الحرام بالشهر الحرام } [ البقرة : 194 ] فشهر العام الأول بشهر العام فكانت { الحرمات قصاص } ثم كان الفتح بعد العمرة ، ففيها نزلت { حتى إذا فتحنا عليهم باباً ذا عذاب شديد … } [ المؤمنون : 77 ] الآية . وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم غزاهم ولم يكونوا أعدوا له أهبة القتال ، ولقد قتل من قريش يومئذ اربعة رهط من حلفائهم ، ومن بني بكر خمسين أو زيادة . وفيهم نزلت - لما دخلوا في دين الله { هو الذي أنشأ لكم السمع والأبصار } [ المؤمنون : 78 ] ثم خرج إلى حنين بعد عشرين ليلة ، ثم إلى المدينة ، ثم أمر أبا بكر على الحج . ولما رجع أبو بكر من الحج ، غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تبوك ، ثم حج رسول الله صلى الله عليه وسلم العام المقبل ، ثم ودع الناس ، ثم رجع فتوفي لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول . وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع في قوله { إنا كفيناك المستهزئين } قال : هؤلاء فيما سمعنا خمسة رهط ، استهزأوا بالنبي صلى الله عليه وسلم . فلما أراد صاحب اليمن أن يرى النبي صلى الله عليه وسلم ، أتاه الوليد بن المغيرة فزعم أن محمداً ساحر . وأتاه العاص بن وائل وأخبره أن محمداً يعلم أساطير الأولين ، فجاءه آخر فزعم أنه كاهن ، وجاءه آخر فزعم أنه شاعر ، وجاء آخر فزعم أنه مجنون فكفى الله محمداً أولئك الرهط في ليلة واحدة ، فأهلكهم بألوان من العذاب … كل رجل منهم أصابه عذاب . فأما الوليد ، فأتى على رجل من خزاعة وهو يريش نبلاً له ، فمر به وهو يتبختر فأصابه منها سهم فقطع أكحله ، فأهلكه الله . وأما العاص بن وائل ، فإنه دخل في شعب فنزل في حاجة له ، فخرجت إليه حية مثل العمود فلدغته فأهلكه الله : وأما الآخر ، فكان رجلاً أبيض حسن اللون ، خرج عشاء في تلك الليلة فأصابته سموم شديدة الحر ، فرجع إلى أهله وهو مثل حبشي ، فقالوا : لست بصاحبنا . فقال : أنا صاحبكم ! … فقتلوه . وأما الآخر ، فدخل في بئر له فأتاه جبريل فعمه فيها ، فقال : إني قد قتلت فأعينوني : فقالوا : والله ما نرى أحداً . فكان كذلك حتى أهلكه الله . وأما الآخر ، فذهب إلى إبله ينظر فيها ، فأتاه جبريل بشوك القتاد فضربه ، فقال : أعينوني فإني قد هلكت . قالوا : والله ما نرى أحداً . فأهلكه الله فكان لهم في ذلك عبرة . وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال : " جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فحنى ظهر الأسود بن عبد يغوث حتى احقوقف صدره . فقال : النبي صلى الله عليه وسلم خالي خالي فقال جبريل : دعه عنك فقد كفيته فهو من المستهزئين . قال : وكانوا يقولون سورة البقرة وسورة العنكبوت يستهزئون بها " . وأخرج أبو نعيم في الدلائل عن قتادة قال : هؤلاء رهط من قريش ، منهم الأسود بن عبد يغوث ، والأسود بن المطلب ، والوليد بن المغيرة ، والعاص بن وائل ، وعدي بن قيس . وأخرج ابن جرير وأبو نعيم ، عن أبي بكر الهذلي قال : قيل للزهري إن سعيد بن جبير وعكرمة اختلفا في رجل من المستهزئين ، فقال سعيد : الحارث بن عيطلة وقال عكرمة : الحارث بن قيس . فقال : صدقا جميعاً . كانت أمه تسمى عيطلة ، وكان أبوه قيساً . وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وأبو نعيم ، عن الشعبي رضي الله عنه قال : المستهزئون سبعة ، فسمى منهم العاص بن وائل ، والوليد بن المغيرة ، وهبار بن الأسود ، وعبد يغوث بن وهب ، والحرث بن عيطلة . وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وأبو نعيم ، عن قتادة ومقسم مولى ابن عباس { إنا كفيناك المستهزئين } قال : هم الوليد بن المغيرة والعاص بن وائل وعدي بن قيس والأسود بن عبد يغوث والأسود بن المطلب ، مروا رجلاً رجلاً على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه جبريل ، فإذا مر به رجل منهم قال له جبريل : كيف محمد هذا ؟ فيقول : بئس عبد الله ، فيقول جبريل : كَفَيْنَاكَهُ . فأما الوليد ، فتردّى فتعلق سهم بردائه ، فذهب يجلس فقطع أكحله فنزف حتى مات . وأما الأسود بن عبد يغوث ، فأتى بغصن فيه شوك ، فضرب به وجهه فسالت حدقتاه على وجهه فمات . وأما العاص ، فوطئ على شوكة فتساقط لحمه عن عظامه حتى هلك . وأما الأسود بن المطلب وعدي بن قيس ، فأحدهما قام من الليل وهو ظمآن ليشرب من جرة ، فلم يزل يشرب حتى انفتق بطنه فمات . وأما الآخر ، فلدغته حية فمات .