Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 106-110)

Tafsir: ad-Durr al-manṯūr fī at-tafsīr bi-l-maʾṯūr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه ، عن ابن عباس قال : " لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يهاجر إلى المدينة ، قال لأصحابه : تفرقوا عني ، فمن كانت به قوة فليتأخر إلى آخر الليل ، ومن لم تكن به قوة فليذهب في أول الليل ، فإذا سمعتم بي قد استقرت بي الأرض ، فالحقوا بي . فأصبح بلال المؤذن وخباب وعمار وجارية من قريش كانت أسلمت ، فأصبحوا بمكة فأخذهم المشركون وأبو جهل ، فعرضوا على بلال أن يكفر فأبى ، فجعلوا يضعون درعاً من حديد في الشمس ثم يلبسونها إياه ، فإذا ألبسوها إياه قال : أحد … أحد … وأما خباب ، فجعلوا يجرونه في الشوك ، وأما عمار فقال لهم كلمة أعجبتهم تقيةً ، وأما الجارية ، فوتد لها أبو جهل أربعة أوتاد ثم مدها فأدخل الحربة في قلبها حتى قتلها ، ثم خلوا عن بلال وخباب وعمار ، فلحقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه بالذي كان من أمرهم ، واشتد على عمار الذي كان تكلم به . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : كيف كان قلبك حين قلت الذي قلت : أكان منشرحاً بالذي قلت أم لا ؟ قال : لا . قال : وأنزل الله { إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان } " . وأخرج عبد الرزاق وابن سعد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه ، والبيهقي في الدلائل من طريق أبي عبيدة بن محمد بن عمار ، عن أبيه قال : " أخذ المشركون عمار بن ياسر فلم يتركوه حتى سب النبي صلى الله عليه وسلم وذكر آلهتهم . بخير ، ثم تركوه فلما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : شر ما تركت حتى نلت منك وذكرت آلهتهم بخير قال : كيف تجد قلبك ؟ قال : مطمئن بالايمان . قال : إن عادوا فعد . فنزلت { إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان } " . وأخرج ابن سعد عن محمد بن سيرين : " إن النبي لقي عماراً وهو يبكي ، فجعل يمسح عن عينيه ويقول : أخذك الكفار فغطوك في الماء فقلت كذا وكذا … فإن عادوا فقل ذلك لهم " . وأخرج ابن سعد عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر في قوله : { إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان } قال : ذلك عمار بن ياسر ، وفي قوله : { ولكن من شرح بالكفر صدراً } قال : ذاك عبد الله بن أبي سرح . وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر ، عن أبي مالك في قوله : { إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان } قال : نزلت في عمار بن ياسر . وأخرج ابن أبي شيبة عن الحكم { إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان } قال : نزلت في عمار . وأخرج ابن جرير عن السدي ، أن عبد الله بن أبي سرح أسلم ثم ارتد فلحق بالمشركين ، ووشى بعمار وخباب عند ابن الحضرمي ، أو ابن عبد الدار فأخذوهما وعذبوهما حتى كفرا ، فنزلت { إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان } . وأخرج مسدد في مسنده وابن المنذر وابن مردويه ، عن أبي المتوكل الناجي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عمار بن ياسر إلى بئر للمشركين يستقي منها ، وحولها ثلاث صفوف يحرسونها ، فاستقى في قربة ثم أقبل ، فأخذوه فأرادوه على أن يتكلم بكلمة الكفر ، فأنزلت هذه الآية فيه { إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان } . وأخرج ابن جرير وابن عساكر عن قتادة قال : ذكر لنا أن هذه الآية { إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان } نزلت في عمار بن ياسر ، أخذه بنو المغيرة فغطوه في بئر وقالوا : اكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم . فاتبعهم على ذلك وقلبه كاره فنزلت … وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن سيرين قال : نزلت هذه الآية { إلا من أكره } في عياش بن أبي ربيعة . وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن مجاهد قال : نزلت هذه الآية في أناس من أهل مكة آمنوا ، فكتب إليهم بعض الصحابة بالمدينة : أن هاجروا فإنا لا نرى أنكم منا حتى تهاجروا إلينا ، فخرجوا يريدون المدينة فأدركتهم قريش في الطريق ففتنوهم ، فكفروا مكرهين ، ففيهم نزلت هذه الآية . وأخرج ابن سعد عن عمر بن الحكم قال : كان عمار بن ياسر يعذب حتى لا يدري ما يقول ، وكان صهيب يعذب حتى لا يدري ما يقول ، وكان أبو فكيهة يعذب حتى لا يدري ما يقول ، وبلال وعامر وابن فهيرة وقوم من المسلمين ، وفيهم نزلت هذه الآية { ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا } . وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه من طريق علي ، عن ابن عباس في قوله : { من كفر بالله } الآية ، قال : أخبر الله سبحانه أن { من كفر بالله من بعد إيمانه } فعليه غضب من الله وله عذاب عظيم ، فأما من أكره ، فتكلم بلسانه وخالفه قلبه بالإيمان لينجو بذلك من عدوه ، فلا حرج عليه ، لأن الله سبحانه إنما يؤاخذ العباد بما عقدت عليه قلوبهم . وأخرج ابن جرير عن عكرمة والحسن البصري قالا في سورة النحل { من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم } ثم نسخ واستثنى من ذلك فقال : { ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم } وهو عبد الله بن أبي سرح الذي كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأزله الشيطان فلحق بالكفار ، فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم أن يقتل يوم فتح مكة ، فاستجار له أبو بكر وعمر وعثمان بن عفان فأجاره النبي صلى الله عليه وسلم . وأخرج ابن مردويه من طريق عكرمة عن ابن عباس مثله . وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر ، عن قتادة في قوله : { إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا … } الآية ، قال : ذكر لنا أنه لما أنزل الله أن أهل مكة لا يقبل منهم إسلام حتى يهاجروا ، كتب بها أهل المدينة إلى أصحابهم من أهل مكة فخرجوا فأدركهم المشركون فردوهم ، فأنزل الله { الۤـمۤ أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون } [ العنكبوت : 1 - 2 ] فكتب بهذا أهل المدينة إلى أهل مكة ، فلما جاءهم ذلك تبايعوا على أن يخرجوا ، فإن لحق بهم المشركون من أهل مكة قاتلوهم حتى ينجوا أو يلحقوا بالله ، فخرجوا فأدركهم المشركون فقاتلوهم ، فمنهم من قتل ومنهم من نجا . فأنزل الله { ثم إن ربك للذين هاجروا … } الآية . وأخرج عبد بن حميد عن الشعبي نحوه . وأخرج ابن مردويه والبيهقي في سننه ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت هذه الآية فيمن كان يفتن من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم { ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا } . وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان قوم من أهل مكة قد أسلموا وكانوا يستخفون بالإسلام ، فنزلت فيهم { ثم إن ربك للذين هاجروا … } الآية ، فكتبوا إليهم بذلك أن الله قد جعل لكم مخرجاً فاخرجوا . فأدركهم المشركون فقاتلوهم حتى نجا من نجا وقتل من قتل . وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن رضي الله عنه ، " أن عيوناً لمسيلمة أخذوا رجلين من المسلمين فأتوه بهما ، فقال لأحدهما : أتشهد أن محمداً رسول الله ؟ قال : نعم . قال : أتشهد أني رسول الله ؟ فأهوى إلى أذنيه فقال : إني أَصَمّ . فأمر به فقتل . وقال للآخر : أتشهد أن محمداً رسول الله ؟ قال : نعم . قال : أتشهد أني رسول الله ؟ قال : نعم . فأرسله … فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال : " أما صاحبك فمضى على إيمانه ، وأما أنت فأخذْتَ الرخصة " . وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : { ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا } قال : نزلت في عياش بن أبي ربيعة ، أحد بني مخزوم ، وكان أخا أبي جهل لأمه ، وكان يضربه سوطاً وراحلته سوطاً . وأخرج ابن جرير عن أبي إسحق في قوله : { ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا } قال : نزلت هذه الآية في عمار بن ياسر وعياش بن أبي ربيعة والوليد بن أبي ربيعة والوليد بن الوليد رضي الله عنهم .