Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 12-14)

Tafsir: ad-Durr al-manṯūr fī at-tafsīr bi-l-maʾṯūr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه بسند واه ، عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله خلق شمسين من نور عرشه " فاما ما كان في سابق علمه أنه يدعها شمساً ، فإنه خلقها مثل الدنيا على قدرها ، ما بين مشارقها ومغاربها ، وأما ما كان في سابق علمه أنه يطمسها ويجعلها قمراً ، فإنه خلقها دون الشمس في العظم ، ولكن إنما يرى صغرها لشدة ارتفاع السماء وبعدها من الأرض ، فلو ترك الشمس كما كان خلقها أول مرة لم يعرف الليل من النهار ، ولا النهار من الليل ، ولم يدر الصائم إلى متى يصوم ومتى يفطر ، ولم يدر المسلمون متى وقت حجهم ، وكيف عدد الأيام والشهور والسنين والحساب ، فأرسل جبريل فأمر جناحه عن وجه القمر - وهو يومئذ شمس - ثلاث مرات ، فطمس عنه الضوء وبقي فيه النور ، فذلك قوله : { وجعل الليل والنهار آيتين } الآية . وأخرج البيهقي في دلائل النبوة وابن عساكر ، عن سعيد المقبري : أن عبد الله بن سلام رضي الله عنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السواد الذي في القمر ؟ فقال : كانا شمسين . فقال : قال الله : { وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل } فالسواد الذي رأيت هو المحو . وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف ، عن علي رضي الله عنه في قوله : { فمحونا آية الليل } قال : هو السواد الذي في القمر . وأخرج ابن مردويه ، عن علي رضي الله عنه في الآية . قال : كان الليل والنهار سواء ، فمحا الله آية الليل فجعلها مظلمة ، وترك آية النهار كما هي . وأخرج ابن جرير ، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { فمحونا آية الليل } قال : هو السواد بالليل . وأخرج ابن جرير وابن المنذر ، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { وجعلنا الليل والنهار آيتين } قال : كان القمر يضيء كما تضيء الشمس ، والقمر آية الليل ، والشمس آية النهار { فمحونا آية الليل } قال : السواد الذي في القمر . وأخرج عبد الرزاق في المصنف وابن المنذر ، عن مجاهد رضي الله عنه قال : كتب هرقل إلى معاوية يسأله عن ثلاثة أشياء : أي مكان إذا صليت فيه ظننت أنك لم تصل إلى قبلة ؟ وأي مكان طلعت فيه الشمس مرة لم تطلع فيه قبل ولا بعد ؟ وعن السواد الذي في القمر ؟ فسأل ابن عباس رضي الله عنهما ؟ فكتب إليه أما المكان الأول : فهو ظهر الكعبة . وأما الثاني : فالبحر حين فرقه الله لموسى عليه السلام . وأما السواد الذي في القمر : فهو المحو . وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر ، عن عكرمة رضي الله عنه في الآية قال : خلق الله نور الشمس سبعين جزءاً ، ونور القمر سبعين جزءاً ، فمحا من نور القمر تسعة وستين جزءاً ، فجعله مع نور الشمس ، فالشمس على مائة وتسعة وثلاثين جزءاً ، والقمر على جزء واحد . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه في الآية قال : كانت شمس بالليل وشمس بالنهار فمحا الله شمس الليل ، فهو المحو الذي في القمر . وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير في قوله : { فمحونا آية الليل } قال : انظر إلى الهلال ليلة ثلاث عشرة ، أو أربع عشرة ، فإنك ترى فيه كهيئة الرجل ، آخذاً برأس رجل . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : { فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة } قال : ظلمة الليل وسدف النهار ؛ { لتبتغوا فضلاً من ربكم } قال : جعل لكم { سبحاً طويلاً } [ المزمل : 7 ] . وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { فصلناه } يقول : بيناه . وأخرج ابن أبي شيبة ، عن عطاء بن السائب رضي الله عنه قال : أخبرني غير واحد أن قاضياً من قضاة الشام ، أتى عمر رضي الله عنه فقال : يا أمير المؤمنين رأيت رؤيا أفظعتني . قال : وما رأيت ؟ قال : رأيت الشمس والقمر يقتتلان ، والنجوم معهما نصفين . قال : فمع أيهما كنت ؟ قال : مع القمر على الشمس . قال عمر رضي الله عنه : { وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة } فانطلق فوالله لا تعمل لي عملاً أبداً . قال عطاء رضي الله عنه : فبلغني أنه قتل مع معاوية يوم صفين . وأخرج ابن عساكر ، عن علي بن زيد رضي الله عنه ، قال : سأل ابن الكواء علياً رضي الله عنه عن السواد الذي في القمر ؟ قال : هو قول الله تعالى : { فمحونا آية الليل } . وأخرج أحمد وعبد بن حميد وابن جرير بسند حسن ، عن جابر - رضي الله عنه - سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " طائر كل إنسان في عنقه " . وأخرج ابن مردويه ، عن حذيفة بن أسيد - رضي الله عنه - سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن النطفة التي يخلق منها النسمة تطير في المرأة أربعين يوماً وأربعين ليلة ، فلا يبقى منها شعر ولا بشر ولا عرق ولا عظم إلا دخله ، حتى أنها لتدخل بين الظفر واللحم ، فإذا مضى لها أربعون ليلة وأربعون يوماً أهبطه الله إلى الرحم ، فكان علقة أربعين يوماً وأربعين ليلة ، ثم يكون مضغة أربعين يوماً وأربعين ليلة ، فإذا تمت لها أربعة أشهر ، بعث الله إليها ملك الأرحام فيخلق على يده لحمها ودمها وشعرها وبشرها ، ثم يقول : صوّر . فيقول : يا رب ، ما أصور أزائد أم ناقص ، أذكر أم أنثى ، أجميل أم ذميم أجعد أم سبط أقصير أم طويل أبيض أم آدم أسويّ أم غير سويّ ؟ فيكتب من ذلك ما يأمر الله به . ثم يقول الملك : يا رب ، أشقيّ أم سعيد ؟ فإن كان سعيداً ، نفخ فيه بالسعادة في آخر أجله ، وإن كان شقياً : نفخ فيه الشقاوة في آخر أجله . ثم يقول : اكتب أثرها ورزقها ومصيبتها وعملها بالطاعة والمعصية ، فيكتب من ذلك ما يأمره الله به ، ثم يقول الملك : يا رب ، ما أصنع بهذا الكتاب ؟ فيقول : علقه في عنقه إلى قضائي عليه . فذلك قوله : { وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه } " . وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { ألزمناه طائره في عنقه } قال : سعادته وشقاوته وما قدره الله له وعليه فهو لازمه أينما كان . وأخرج ابن أبي حاتم من طريق جوبير ، عن الضحاك رضي الله عنه في قوله : { طائره في عنقه } قال : قال عبد الله رضي الله عنه الشقاء والسعادة والرزق والأجل . وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر ، عن أنس رضي الله عنه في قوله : { طائره في عنقه } قال : كتابه . وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : { وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه } أي عمله . وأخرج أبو داود في كتاب القدر وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : { وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه } قال : ما من مولود يولد إلا وفي عنقه ورقة مكتوب فيها شقي أو سعيد . وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { ألزمناه طائره } قال : عمله { ونخرج له يوم القيامة كتاباً يلقاه منشوراً } قال : هو عمله الذي عمل أحصي عليه ، فأخرج له يوم القيامة ما كتب عليه من العمل ، فقرأه منشوراً . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن السدي رضي الله عنه في الآية قال : الكافر يخرج له يوم القيامة كتاب ، فيقول : رب ، إنك قد قضيت . إنك لست بظلام للعبيد ، فاجعلني أحاسب نفسي . فيقال له : { اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً } . وأخرج أبو عبيد وابن المنذر ، عن هرون قال : في قراءة أبي بن كعب رضي الله عنه { وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه } يقرؤه يوم القيامة { كتاباً يلقاه منشوراً } . وأخرج ابن جرير ، عن مجاهد رضي الله عنه أنه قرأ " ويخرج له يوم القيامة كتاباً " بفتح الياء يعني يخرج الطائر كتاباً . وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم ، عن قتادة رضي الله عنه في قوله : { اقرأ كتابك } قال : سيقرأ يومئذ من لم يكن قارئاً في الدنيا . وأخرج ابن جرير ، عن الحسن رضي الله عنه قال : يا ابن آدم بسطت لك صحيفة ، ووكل بك ملكان كريمان ، أحدهما عن يمينك والآخر عن يسارك ، حتى إذا مت طويت صحيفتك فجعلت في عنقك معك في قبرك ، حتى تخرج يوم القيامة . فعند ذلك يقول : { وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه } حتى بلغ عليك { حسيباً } . وأخرج ابن عبد البر في التمهيد بسند ضعيف ، عن عائشة - رضي الله عنها - قال : " سألت خديجة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أولاد المشركين ؟ فقال : " هم مع آبائهم " ثم سألته بعد ذلك ؟ فقال : " الله أعلم بما كانوا عاملين " ثم سألته بعد ما استحكم الإسلام ؟ ! فنزلت { ولا تزر وازرة وزر أخرى } فقال : " هم على الفطرة " أو قال : في الجنة " . وأخرج عبد الرزاق في المصنف وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : حدثني " الصعب بن جثامة رضي الله عنه قال : قلت يا رسول الله ، إني قضيت في البنات من ذراري المشركين ؟ قال : " هم منهم " . وأخرج ابن سعد وأحمد وقاسم بن أصبغ وابن عبد البر ، عن خنساء بنت معاوية الضمرية ، عن عمها قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " النبي في الجنة ، والشهيد في الجنة ، والمولود في الجنة ، والوئيد في الجنة " . وأخرج قاسم بن أصبغ وابن عبد البر ، عن أنس رضي الله عنه قال : سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أولاد المشركين ؟ قال : " هم خدم أهل الجنة " . وأخرج ، عن سلمان رضي الله عنه قال : أطفال المشركين خدم أهل الجنة . وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن عبد البر وضعفه ، " عن عائشة رضي الله عنها قالت : " سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أولاد المسلمين أين هم ؟ قال : " في الجنة " وسألته عن ولدان المشركين أين هم ؟ قال : " في النار " ، قلت : يا رسول الله ، لم يدركوا الأعمال ولم تجر عليهم القلام ! قال : " ربك أعلم بما كانوا عاملين ، والذي نفسي بيده لئن شئت أسمعتك تضاغيهم في النار " " . وأخرج أحمد وقاسم بن أصبغ وابن عبد البر ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كنت أقول في أطفال المشركين هم مع آبائهم ، حتى حدثني رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سئل عنهم ؟ فقال : " ربهم أعلم بهم وبما كانوا عاملين " فأمسكت عن قولي . وأخرج قاسم بن أصبغ وابن عبد البر ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل ، عن أولاد المشركين ؟ فقال : " الله أعلم بما كانوا عاملين والله أعلم " .