Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 76-79)
Tafsir: ad-Durr al-manṯūr fī at-tafsīr bi-l-maʾṯūr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : قال المشركون للنبي صلى الله عليه وسلم : كانت الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يسكنون الشام ، فمالك والمدينة ؟ فَهَمَّ أن يشخص فأنزل الله تعالى { وإن كادوا ليستفزونك من الأرض } الآية . وأخرج ابن جرير عن حضرمي رضي الله عنه ، أنه بلغه أن بعض اليهود قال للنبي صلى الله عليه وسلم : إن أرض الأنبياء أرض الشام ، وإن هذه ليست بأرض الأنبياء . فأنزل الله تعالى { وإن كادوا ليستفزونك … } الآية . وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل وابن عساكر ، عن عبد الرحمن بن غنم رضي الله عنه : " أن اليهود أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : " إن كنت نبياً فالْحَقْ بالشام ، فإن الشام أرض المحشر وأرض الأنبياء عليهم الصلاة والسلام . فصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قالوا فغزا غزوة تبوك لا يريد إلا الشام ، فلما بلغ تبوك أنزل الله عليه آيات من سورة بني إسرائيل بعد ما ختمت السورة { وإن كادوا ليستفزونك من الأرض … } إلى قوله : { تحويلاً } فأمره بالرجوع إلى المدينة وقال : فيها محياك وفيها مماتك وفيها تبعث . وقال له جبريل عليه السلام : سل ربك … فإن لكل نبي مسألة . فقال : ما تأمرني أن أسأل ؟ قال : { قل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطاناً نصيراً } " فهؤلاء نزلن عليه في رجعته من تبوك . وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن قتادة رضي الله عنه في قوله : { وإن كادوا ليستفزونك من الأرض } قال : همّ أهل مكة بإخراج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة وقد فعلوا بعد ذلك فأهلكهم الله تعالى يوم بدر ، ولم يلبثوا بعده إلا قليلاً حتى أهلكهم الله يوم بدر ، وكذلك كانت سنة الله تعالى في الرسل عليهم الصلاة والسلام إذا فعل بهم قومهم مثل ذلك . وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { وإذاً لا يلبثون خلافَكَ إلا قليلاً } قال : يعني بالقليل يوم أخذهم ببدر ، فكان ذلك هو القليل الذي كان كثيراً بعده . وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : القليل ثمانية عشر شهراً . وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه من طرق ، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : دلوك الشمس : غروبها . تقول العرب : إذا غربت الشمس : دلكت الشمس . وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن علي رضي الله عنه قال : دلوكها ، غروبها . وأخرج ابن مردويه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، " عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : { أقم الصلاة لدلوك الشمس } قال : لزوال الشمس " . وأخرج البزار وأبو الشيخ وابن مردويه والديلمي بسند ضعيف ، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : { دلوك الشمس } زوالها . وأخرج عبد الرزاق عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : { دلوك الشمس } زياغها بعد نصف النهار . وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : دلوكها ، زوالها . وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { لدلوك الشمس } قال : إذا فاء الفيء . وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أتاني جبريل عليه السلام لدلوك الشمس حين زالت فصلى بي الظهر " . وأخرج ابن جرير عن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر إذا زالت الشمس ، ثم تلا { أقم الصلاة لدلوك الشمس } . وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة وابن مردويه ، عن مجاهد رضي الله عنه قال : كنت أقود مولاي قيس بن السائب فيقول لي : أدلكت الشمس ؟ فإذا قلت نعم ، صلى الظهر . وأخرج ابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر عند دلوك الشمس . وأخرج الطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله : { إلى غسق الليل } قال : العشاء الآخرة . وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : { غسق الليل } اجتماع الليل وظلمته . وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : { غسق الليل } بدو الليل . وأخرج ابن الأنباري في الوقف ، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله : { إلى غسق الليل } قال : ما الغسق ؟ قال : دخول الليل بظلمته . قال فيه زهير بن أبي سلمى : @ ظلت تجوب يداها وهي لاهبة حتى إذا جنح الإظلام في الغسق @@ وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد رضي الله عنه قال : { دلوك الشمس } حين تزيغ . و { غسق الليل } غروب الشمس . وأخرج عبد الرزاق عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : { دلوك الشمس } إذا زالت عن بطن السماء و { غسق الليل } غروب الشمس . والله سبحانه أعلم . وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { وقرآن الفجر } قال : صلاة الصبح . وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر ، عن مجاهد رضي الله عنه { وقرآن الفجر } قال : صلاة الفجر . وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم عن عطاء رضي الله عنه في قوله : { إن قرآن الفجر كان مشهوداً } قال : تشهده الملائكة والجن . وأخرج أحمد والترمذي وصححه والنسائي وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان ، عن أبي هريرة رضي الله عنه في قوله : { وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهوداً } قال : تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار تجتمع فيها . وأخرج عبد الرزاق والبخاري ومسلم وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " تجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الفجر " ثم يقول أبو هريرة رضي الله عنه : اقرؤوا إن شئتم { وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهوداً } . وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر والطبراني ، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : يتدارك الحرسان من ملائكة الله تعالى ، حارس الليل وحارس النهار عند صلاة الصبح ، اقرؤوا إن شئتم { وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهوداً } ثم قال : تنزل ملائكة الليل وملائكة النهار . وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن جرير والطبراني وابن مردويه ، عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : " قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إن قرآن الفجر كان مشهوداً } قال : يشهده الله وملائكة الليل وملائكة النهار " . وأخرج عبد الرزاق عن قتادة رضي الله عنه { إن قرآن الفجر كان مشهوداً } قال : تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار . وأخرج ابن أبي شيبة عن القاسم عن أبيه قال : دخل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه المسجد لصلاة الفجر ، فإذا قوم قد أسندوا ظهورهم إلى القبلة فقال : نحّوا عن القبلة … لا تحولوا بين الملائكة وبين صلاتها ، فإن هاتين الركعتين صلاة الملائكة . وأخرج ابن جرير وابن المنذر ومحمد بن نصر في كتاب الصلاة ، عن علقمة والأسود رضي الله عنهما قال : التهجد بعد نومة . وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال : نسخ قيام الليل إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم . وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه ، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { نافلة لك } يعني ، خاصة للنبي صلى الله عليه وسلم أمر بقيام الليل وكتب عليه . وأخرج الطبراني في الأوسط والبيهقي في سننه ، عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ثلاث هن عليّ فرائض وهن لكم سنة : الوتر والسواك وقيام الليل " . وأخرج ابن جرير وابن المنذر ومحمد بن نصر والبيهقي في الدلائل ، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : { نافة لك } قال : لم تكن النافلة لأحد إلا للنبي صلى الله عليه وسلم ، خاصة من أجل أنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، فما عمل من عمل مع المكتوب فهو نافلة له سوى المكتوب من أجل أنه لا يعمل ذلك في كفارة الذنوب فهي نوافل له وزيادة ، والناس يعملون ما سوى المكتوب في كفارة ذنوبهم فليس للناس نوافل ، إنما هي للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة . وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه مثله . وأخرج ابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه مثله . وأخرج محمد بن نصر عن الحسن رضي الله عنه في قوله : { ومن الليل فتهجد به نافلة لك } قال : لا تكون نافلة الليل إلا للنبي صلى الله عليه وسلم . وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ومحمد بن نصر ، عن قتادة رضي الله عنه { نافلة لك } قال : تطوّعاً وفضيلة لك . وأخرج أحمد وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه ، عن أبي أمامة رضي الله عنه في قوله : { نافلة لك } قال : كانت للنبي صلى الله عليه وسلم نافلة ولكم فضيلة . وفي لفظ إنما كانت النافلة خاصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم . وأخرج الطيالسي وابن نصر والطبراني وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان والخطيب في تاريخه ، عن أبي أمامة رضي الله عنه أنه قال : إذا توضأ الرجل المسلم فأحسن الوضوء ، فإن قعد - قعد مغفوراً له ، وإن قام يصلي كانت له فضيلة . قيل له : نافلة ؟ قال : إنما النافلة للنبي صلى الله عليه وسلم ، كيف يكون له نافلة وهو يسعى في الخطايا والذنوب ! ؟ ولكن فضيلة . وأخرج سعيد بن منصور والبخاري وابن جرير وابن مردويه ، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : إن الناس يصيرون يوم القيامة جثاء كل أمة تتبع نبيها ، يقولون : يا فلان ، اشفع لنا . حتى تنتهي الشفاعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فذلك يوم يبعثه الله المقام المحمود . وأخرج أحمد والترمذي وحسنه وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : { عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً } وسئل عنه قال : هو المقام الذي أشفع فيه لأمتي . وأخرج ابن جرير والبيهقي في شعب الإيمان ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " المقام المحمود ، الشفاعة " . وأخرج ابن جرير والطبراني وابن مردويه من طرق ، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً } قال : مقام الشفاعة . وأخرج ابن مردويه عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المقام المحمود فقال : هو الشفاعة " . وأخرج أحمد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن حبان والحاكم وصححه وابن مردويه ، عن كعب بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يبعث الناس يوم القيامة فأكون أنا وأمتي على تَلٍّ ، ويكسوني ربي حلة خضراء ثم يؤذن لي أن أقول ما شاء الله أن أقول ، فذلك المقام المحمود " . وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان من طريق علي بن حسين قال : أخبرني رجل من أهل العلم ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " تمد الأرض يوم القيامة مدّ الأديم ولا يكون لبشر من بني آدم فيها إلا موضع قدمه ، ثم أدعى أول الناس فأخر ساجداً ، ثم يؤذن لي فأقول : يا رب ، أخبرني هذا لجبريل وجبريل عن يمين الرحمن ، والله ما رآه جبريل قط قبلها أنك أرسلته إلي . وجبريل عليه السلام ساكت لا يتكلم حتى يقول الرب : صدقت … ثم يؤذن لي في الشفاعة فأقول : أي رب ، عبادك عبدوك في أطراف الأرض . فذلك المقام المحمود " . وأخرج ابن أبي شيبة والنسائي والبذار وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، وأبو نعيم في الحلية وابن مردويه والبيهقي في البعث والخطيب في المتفق والمفترق ، عن حذيفة رضي الله عنه قال : يجمع الناس في صعيد واحد ، يسمعهم الداعي وينفذهم البصر حفاة عراة كما خلقوا قياماً ، لا تكلم نفس إلا بإذنه ينادي : يا محمد ، فيقول : لبيك وسعديك والخير في يديك والشرّ لَيْسَ إليك ، والمهدي من هديت وعبدك بين يديك وبك وإليك لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك ، تباركت وتعاليت سبحانك رب البيت . فهذا المقام المحمود " . وأخرج البخاري وابن جرير وابن مردويه ، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الشمس لتدنو حتى يبلغ العرق نصف الأذن ، فبينما هم كذلك استغاثوا بآدم عليه السلام فيقول : لَسْتُ بصاحب ذلك ، ثم موسى عليه السلام فيقول : كذلك ، ثم محمد صلى الله عليه وسلم فيشفع ، فيقضي الله بين الخلائق فيمشي حتى يأخذ بحلقة باب الجنة " فيومئذ يبعثه الله مقاماً محموداً يحمده أهل الجمع كلهم . وأخرج أحمد وابن جرير وابن المنذر والحاكم وابن مردويه ، عن ابن مسعود رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إني لأقوم المقام المحمود . قيل : وما المقام المحمود ؟ قال : ذلك إذا جيء بكم حفاة عراة غرلاً ، فيكون أول من يكسى إبراهيم عليه السلام ، فيقول : اكسوا خليلي . فيؤتى بريطتين بيضاوين فيلبسهما ، ثم يقعد مستقبل العرش . ثم أوتَى بكسوة فألبسها فأقوم عن يمينه مقاماً لا يقومه أحد ، فيغبطني به الأولون والآخرون ، ثم يفتح نهر من الكوثر إلى الحوض " . وأخرج ابن مردويه من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل : ما المقام المحمود الذي ذكر لك ربك ؟ قال : يحشر الله الناس يوم القيامة عراة غرلاً ، كهيئتكم يوم ولدتم … هالهم الفزع الأكبر وكظمهم الكرب العظيم ، وبلغ الرشح أفواههم وبلغ بهم الجهد والشدة ، فأكون أول مدعى وأول معطى ، ثم يدعى إبراهيم عليه السلام قد كسي ثوبين أبيضين من ثياب الجنة ، ثم يؤمر فيجلس في قبل الكرسي . ثم أقوم عن يمين العرش … فما من الخلائق قائم غيري ، فأتكلم فيسمعون وأشهد فيصدقون " . وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما ، " أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ { عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً } قال : يجلسه على السرير " . وأخرج الترمذي وحسنه وابن جرير وابن مردويه ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر ، وبيدي لواء الحمد ولا فخر ، وما من نبي يومئذ - آدم فمن سواه - إلا تحت لوائي ، وأنا أوّل من تَنْشَقُّ عنه الأرض ولا فخر … فيفزع الناس ثلاث فزعات فيأتون آدم عليه السلام فيقولون : أنت أبونا فاشفع لنا إلى ربك . فيقول : إني أذنبت ذنباً أهبطت منه إلى الأرض ، ولكن ائتوا نوحاً . فيأتون نوحاً فيقول : إني دعوت على أهل الأرض دعوة فأهلكوا ، ولكن اذهبوا إلى إبراهيم . فيأتون إبراهيم فيقول : ائتوا موسى . فيأتون موسى عليه الصلاة والسلام فيقول : إني قتلت نفساً ، ولكن ائتوا عيسى . فيأتون عيسى عليه السلام فيقول : إني عُبِدْتُ من دون الله ، ولكن ائتوا محمداً صلى الله عليه وسلم . فيأتوني فأنطلق معهم فآخذ بحلقة باب الجنة فأقعقعها ، فيقال : من هذا ؟ فأقول : محمد . فيفتحون لي ويقولون : مرحباً . فأخرّ ساجداً فيلهمني الله عز وجل من الثناء والحمد والمجد ، فيقال : ارفع رأسك … سل تُعْطَ ، واشفع تُشَفّعْ ، وقل يسمع لقولك . فهو المقام المحمود الذي قال الله : { عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً } " . وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد رضي الله عنه في قوله : { عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً } قال : يخرج الله قوماً من النار من أهل الإيمان والقبلة بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم ، فذلك المقام المحمود . وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه ، أنه ذكر حديث الجهنّميّين فقيل له : ما هذا الذي تحدث والله تعالى يقول : { إنك من تدخل النار فقد أخزيته } [ آل عمران : 192 ] { كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها } [ السجدة : 20 ] فقال : هل تقرأ القرآن ؟ قال : نعم . قال : فهل سمعت فيه بالمقام المحمود ؟ قال : نعم . قال : فإنه مقام محمد صلى الله عليه وسلم الذي يخرج الله به من يخرج . وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه ، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : يأذن الله تعالى في الشفاعة ، فيقوم روح القدس جبريل عليه السلام ، ثم يقوم إبراهيم خليل الله عليه الصلاة والسلام ، ثم يقوم عيسى أو موسى عليهما السلام ، ثم يقوم نبيكم صلى الله عليه وسلم واقفاً ليشفع ، لا يشفع أحد بعده أكثر مما شفع ، وهو المقام المحمود الذي قال الله : { عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً } . وأخرج ابن مردويه ، عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا سألتم الله فاسألوه أن يبعثني المقام المحمود الذي وعدني " . وأخرج البخاري عن جابر رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من قال حين يسمع النداء : اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة ، آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته ، حَلّتْ له شفاعتي يوم القيامة " . وأخرج ابن أبي شيبة عن سلمان رضي الله عنه قال : يقال له : سل تعطه - يعني النبي صلى الله عليه وسلم - واشفع تشفع ، وادع تجب . فيرفع رأسه فيقول : أمتي . مرتين أو ثلاثاً ، فقال سلمان رضي الله عنه : يشفع في كل من في قلبه مثقال حبة حنطة من إيمان أو مثقال شعيرة من إيمان أو مثقال حبة خردل من إيمان . قال سلمان رضي الله عنه : فذلكم المقام المحمود " . وأخرج الديلمي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : " قيل : يا رسول الله ، ما المقام المحمود ؟ قال : ذاك يوم ينزل الله تعالى عن عرشه ، فيئط كما يئط الرحل الجديد من تضايقه " . وأخرج الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً } قال : يجلسه بينه وبين جبريل عليه السلام ، ويشفع لأمته . فذلك المقام المحمود . وأخرج الديلمي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً } قال : يجلسني معه على السرير " . وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله : { عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً } قال : ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم خيِّر بين أن يكون عبداً نبياً أو ملكاً نبياً ، فأومأ إليه جبريل عليه السلام أن تواضع ، فاختار أن يكون عبداً نبياً . فأعطى به النبي صلى الله عليه وسلم ثنتين : أنه أول من تنشق عنه الأرض ، وأول شافع . فكان أهل العلم يرون أنه المقام المحمود . وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : { عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً } قال : يجلسه معه على عرشه .