Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 164-164)
Tafsir: ad-Durr al-manṯūr fī at-tafsīr bi-l-maʾṯūr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال : قالت قريش للنبي صلى الله عليه وسلم : " ادع الله أن يجعل لنا الصفا ذهباً نتقوّى به على عدوّنا ، فأوحى الله إليه : إني معطيهم فأجعل لهم الصفا ذهباً ، ولكن إن كفروا بعد ذلك عذبتهم عذاباً لا أعذبه أحداً من العالمين . فقال : رب دعني وقومي فادعوهم يوماً بيوم ، فأنزل الله هذه الآية { إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر } وكيف يسألونك الصفا وهم يرون من الآيات ما هو أعظم من الصفا " . وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن سعيد بن جبير قال : سألت قريش اليهود فقالوا : حدثونا عما جاءكم به موسى من الآيات ، فأخبروهم أنه كان يبرىء الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله . فقالت قريش عند ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم " ادع الله أن يجعل لنا الصفا ذهباً فنزداد به يقيناً ونتقوّى به على عدونا ، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم ربه . فأوحى الله إليه : إني معطيكم ذلك ، ولكن إن كذبوا بعد عذبتهم عذاباً لا أعذبه أحداً من العالمين . فقال : ذرني وقومي فأدعوهم يوماً بيوم ، فأنزل الله عليه { إن في خلق السماوات والأرض … } الآية . فخلق السموات والأرض ، واختلاف الليل والنهار أعظم من أن أجعل الصفا ذهباً " . وأخرج وكيع والفريابي وآدم بن أبي أياس وسعيد بن منصور وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي في شعب الإِيمان عن أبي الضحى قال : لما نزلت { وإلهكم إله واحد } [ البقرة : 163 ] عجب المشركون ، وقالوا : إن محمداً يقول : وإلهكم إله واحد فليأتنا بآية إن كان من الصادقين ! فأنزل الله { إن في خلق السماوات والأرض … } الآية يقول : إن في هذه الآيات { لآيات لقوم يعقلون } . وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عطاء قال : نزل على النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة { وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم } [ البقرة : 163 ] فقال كفار قريش بمكة : كيف يسع الناس إله واحد ؟ ! فأنزل الله { إن في خلق السماوات والأرض } إلى قوله { لقوم يعقلون } فبهذا يعلمون أنه إله واحد ، وأنه إله كل شيء ، وخالق كل شيء . أما قوله تعالى : { واختلاف الليل والنهار } . أخرج أبو الشيخ في العظمة عن سلمان قال : الليل موكل به ملك يقال له شراهبل ، فإذا حان وقت الليل أخذ خرزة سوداء فدلاها من قبل المغرب ، فإذا نظرت إليها الشمس وجبت في أسرع من طرفة عين ، وقد أمرت الشمس أن لا تغرب حتى ترى الخرزة ، فإذا غربت جاء الليل ، فلا تزال الخرزة معلقة حتى يجيء ملك آخر يقال له هراهيل بخرزة بيضاء فيعلقها من قبل المطلع ، فإذا رآها شراهيل مد إليه خرزته وترى الشمس الخرزة البيضاء فتطلع ، وقد أمرت أن لا تطلع حتى تراها ، فإذا طلعت جاء النهار . أما قوله تعالى : { والفلك التي تجري في البحر } . أخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله { والفلك } قال : السفينة . أما قوله تعالى : { وبث فيها من كل دابة } . أخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله { وبث فيها من كل دابة } قال : بث خلق . وأخرج الحاكم وصححه عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أقلوا الخروج إذا هدأت الرجل ، إن الله يبث من خلقه بالليل ما شاء " . أما قوله تعالى : { وتصريف الرياح } . أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله { وتصريف الرياح } قال : إذا شاء جعلها رحمة للسحاب ونشراً بين يدي رحمته ، وإذا شاء جعلها عذاباً ريحاً عقيماً لا تلقح . وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي بن كعب قال : كل شيء في القرآن من الرياح فهي رحمة ، وكل شيء في القرآن من الريح فهو عذاب . وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإِيمان عن أبي بن كعب قال : لا تسبوا الريح فإنها من نفس الرحمن . قوله { وتصريف الرياح والسحاب المسخر } ولكن قولوا : اللهم أن نسألك من خير هذه الريح وخير ما فيها وخير ما أرسلت به ، ونعوذ بك من شرها وشر ما أرسلت به . وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن شداد بن الهاد قال : الريح من روح الله ، فإذا رأيتموها فاسألوا الله من خيرها وتعوذوا بالله من شرها . وأخرج ابن أبي حاتم عن عبدة عن أبيها قال : إن من الرياح رحمة ومنها رياح عذاب ، فإذا سمعتم الرياح فقولوا : اللهم اجعلها رياح رحمة ولا تجعلها رياح عذاب . وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس قال : الماء والريح جندان من جنود الله ، والريح جند الله الأعظم . وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد قال : الريح لها جناحان وذنب . وأخرج أبو عبيد وابن أبي الدنيا في كتاب المطر وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عمرو قال : الرياح ثمان : أربع منها رحمة ، وأربع عذاب ، فأما الرحمة فالناشرات ، والمبشرات ، والمرسلات ، والذاريات . وأما العذاب فالعقيم ، والصرصر وهما في البر ، والعاصف ، والقاصف ، وهما في البحر . وأخرج ابن أبي الدنيا وأبو الشيخ عن ابن عباس قال : الريح ثمان : أربع رحمة ، وأربع عذاب . الرحمة المنتشرات ، والمبشرات ، والمرسلات ، والرخاء . والعذاب العاصف ، والقاصف ، وهما في البحر ، والعقيم ، والصرصر وهما في البر . وأخرج أبو الشيخ عن عيسى ابن أبي عيسى الخياط قال : بلغنا أن الرياح سبع : الصبا ، والدبور ، والجنوب ، والشمال ، والخروق ، والنكباء ، وريح القائم . فأما الصبا فتجيء من المشرق ، وأما الدبور فتجيء من المغرب ، وأما الجنوب فيجيء عن يسار القبلة ، وأما الشمال فتجيء عن يمين القبلة ، وأما النكباء فبين الصبا والجنوب ، وأما الخروق فبين الشمال والدبور ، وأما ريح القائم فأنفاس الخلق . وأخرج أبو الشيخ عن الحسن قال : جعلت الرياح على الكعبة ، فإذا أردت أن تعلم ذلك فاسند ظهرك إلى باب الكعبة ، فإن الشمال عن شمالك وهي مما يلي الحجر ، والجنوب عن يمينك وهو مما يلي الحجر الأسود ، والصبا مقابلك وهي مستقبل باب الكعبة ، والدبور من دبر الكعبة . وأخرج ابن أبي حاتم عن حسين بن علي الجعفي قال : سألت إسرائيل بن يونس عن أي شيء سميت الريح ؟ قال : على القبلة . شماله الشمال ، وجنوبه الجنوب ، والصبا ما جاء من قبل وجهها ، والدبور ما جاء من خلفها . وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ضمرة بن حبيب قال : الدبور والريح الغريبة ، والقبول الشرقية ، والشمال الجنوبية ، واليمان القبلية ، والنكباء تأتي من الجوانب الأربع . وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال : الشمال ما بين الجدي ، والدبور ما بين مغرب الشمس إلى سهيل . وأخرج أبو الشيخ عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الجنوب من ريح الجنة " . وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب السحاب ، وابن جرير وأبو الشيخ وابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ريح الجنوب من الجنة وهي من اللواقح وفيها منافع للناس ، والشمال من النار تخرج فتمر بالجنة ، فتصيبها نفحة من الجنة فبردها من ذلك " . وأخرج ابن أبي شيبة وإسحق بن راهويه في مسنديهما والبخاري في تاريخه والبزار وأبو الشيخ عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إن الله خلق في الجنة ريحاً بعد الريح بسبع سنين من دونها باب مغلق ، وإنما يأتيكم الروح من خلل ذلك الباب ، ولو فتح ذلك الباب لأذرت ما بين السماء والأرض ، وهي عند الله الأزيب وعندكم الجنوب " . وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال : الجنوب سيدة الأرواح واسمها عند الله الأزيب ، ومن دونها سبعة أبواب ، وإنما يأتيكم منها ما يأتيكم من خللها ، ولو فتح منها باب واحد لأذرت ما بين السماء والأرض . وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال : الشمال ملح الأرض ، ولولا الشمال لأنتنت الأرض . وأخرج عبد الله بن أحمد بن حنبل في زوائد الزهد وأبو الشيخ في العظمة عن كعب قال : لو احتبست الريح عن الناس ثلاثة أيام لأنتن ما بين السماء والأرض . وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن المبارك قال : إن للريح جناحاً ، وأن القمر يأوي إلى غلاف من الماء . وأخرج أبو الشيخ عن عثمان الأعرج قال : إن مساكن الرياح تحت أجنحة الكروبيين حملة العرش ، فتهيج فتقع بعجلة الشمس فتعين الملائكة على جرها ، ثم تهيج من عجلة الشمس فتقع في البحر ، ثم تهيج في البحر فتقع برؤوس الجبال ، ثم تهيج من رؤوس الجبال فتقع في البر ، فأما الشمال فإنها تمر بجنة عدن فتأخذ من عرف طيبها ، ثم تأتي الشمال وحدها من كرسي بنات نعش إلى مغرب الشمس ، وتأتي الدبور وحدها من مغرب الشمس إلى مطلع الشمس إلى كرسي بنات نعش ، فلا تدخل هذه ولا هذه في حد هذه . وأخرج الشافعي وابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة والبيهقي في سننه عن أبي هريرة قال : أخذت لنا الريح بطريق مكة ، وعمر حاج ، فاشتدت فقال عمر لمن حوله : ما بلغكم في الريح ؟ فقلت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " الريح من روح الله تأتي بالرحمة وبالعذاب ، فلا تسبوها وسلوا الله من خيرها ، وعوذوا بالله من شرها " . وأخرج الشافعي عن صفوان بن سليم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تسبوا الريح ، وعوذوا بالله من شرها " . وأخرج البيهقي في شعب الإِيمان عن ابن عباس " أن رجلاً لعن الريح فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : لا تلعن الريح فإنها مأمورة ، وأنه من لعن شيئاً ليس له بأهل رجعت اللعنة عليه " . وأخرج الشافعي وأبو الشيخ والبيهقي في المعرفة عن ابن عباس قال " ما هبت ريح قط إلا جثا النبي صلى الله عليه وسلم على ركبتيه ، وقال : اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها عذاباً ، اللهم اجعلها رياحاً ولا تجعلها ريحاً " قال ابن عباس : والله إن تفسير ذلك في كتاب الله { أرسلنا عليهم ريحاً صرصراً } [ القمر : 19 ] . { أرسلنا عليهم الريح العقيم } [ الذاريات : 41 ] وقال { وأرسلنا الرياح لواقح } [ الحجر : 22 ] . { أن يرسل الرياح مبشرات } [ الروم : 46 ] . وأخرج الترمذي والنسائي وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند عن أبي بن كعب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تسبوا الريح فإنها من روح الله تعالى ، وسلوا الله خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به ، وتعوذوا بالله من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به " . وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال : هاجت ريح فسبوها . فقال ابن عباس : لا تسبوها فإنها تجيء بالرحمة وتجيء بالعذاب ، ولكن قولوا : اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها عذاباً . وأخرج ابن أبي شيبة وأبو الشيخ عن عمر . أنه كان إذا عصفت الريح فدارت يقول : شدوا التكبير فإنها مذهبة . وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تسبوا الليل والنهار ولا الشمس ولا القمر ولا الريح ، فأنها تبعث عذاباً على قوم ورحمة على آخرين " . أما قوله تعالى : { والسحاب المسخر بين السماء والأرض } . أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي في الأسماء والصفات وابن عساكر عن معاذ بن عبد الله بن حبيب الجهني قال : رأيت ابن عبّاس سأل تبيعا ابن امرأة كعب هل سمعت كعباً يقول في السحاب شيئاً ؟ قال : نعم ، سمعته يقول : إن السحاب غربال المطر ، ولولا السحاب حين ينزل الماء من السماء لأفسد ما يقع عليه من الأرض . قال : وسمعت كعباً يذكر أن الأرض تنبت العام وتنبت نباتاً عاماً قابلاً غيره . وسمعته يقول : إن البذر ينزل من السماء مع المطر فيخرج في الأرض . قال ابن عباس : صدقت ، وأنا قد سمعت ذلك من كعب . وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عطاء قال : السحاب تخرج من الأرض . وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن خالد بن معدان قال : أن في الجنة شجرة تثمر السحاب ، فالسوداء منها الثمرة التي قد نضجت التي تحمل المطر ، والبيضاء الثمرة التي لا تنضج لا تحمل المطر . أخرج أبو الشيخ عن ابن عباس عن أبي المثنى أن الأرض قالت : رب أروني من الماء ، ولا تنزله علي منهمراً كما أنزلته علي يوم الطوفان . قال : سأجعل لك السحاب غربالاً . وأخرج أحمد وابن أبي الدنيا في كتاب المطر وأبو الشيخ عن الغفاري " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ينشىء السّحاب فتنطق أحسن المنطق ، وتضحك أحسن الضحك " . وأخرج أبو الشيخ عن عائشة " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إذا أنشأت بحرية ثم تشامت فتلك عين ، أو عام غديقة يعني مطراً كثيراً " . وأخرج الطبراني في الأوسط عن علي رضي الله عنه قال : أشد خلق ربك عشرة : الجبال ، والحديد ينحت الجبال ، النار تأكل الحديد ، والماء يطفىء النار ، والسحاب المسخر بين السماء والأرض يحمل الماء ، والريح تنقل السحاب ، والإِنسان يتقي الريح بيده ويذهب فيها لحاجته ، والسكر يغلب الإِنسان ، والنوم يغلب السكر ، والهم يمنع النوم ، فأشد خلق ربك الهم . أخرج أبو الشيخ عن الحسن . أنه كان إذا نظر إلى السحاب قال فيه : والله رزقكم ولكنكم تحرمونه بذنوبكم . وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن عائشة " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى سحاباً ثقيلاً من أفق من آفاق ترك ما هو فيه وإن كان في صلاة حتى يستقبله ، فيقول : اللهم إنا نعوذ بك من شر ما أرسل به فإن أمطر . قال : اللهم سيبان نافعاً مرتين أو ثلاثاً ، وإن كشفه الله ولم يمطر حمد الله على ذلك " .