Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 144-145)

Tafsir: ad-Durr al-manṯūr fī at-tafsīr bi-l-maʾṯūr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أخرج ابن المنذر عن كليب قال : خطبنا عمر فكان يقرأ على المنبر آل عمران ، ويقول : إنها أُحُدِيَّة ، ثم قال : تفرقنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد ، فصعدت الجبل فسمعت يهودياً يقول : قتل محمد فقلت لا أسمع أحداً يقول : قتل محمد إلا ضربت عنقه ، فنظرت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس يتراجعون إليه ، فنزلت هذه الآية { وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل } . وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتزل هو وعصابة معه يومئذ على أكمة والناس يفرون ، ورجل قائم على الطريق يسألهم : ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ وجعل كلما مروا عليه يسألهم فيقولون : والله ما ندري ما فعل ! فقال : والذي نفسي بيده لئن كان قتل النبي صلى الله عليه وسلم لنعطينهم بأيدينا أنهم لعشائرنا وإخواننا وقالوا : لو أن محمداً كان حياً لم يهزم ، ولكنه قد قتل ، فترخصوا في الفرار حينئذ فأنزل الله { وما محمد إلا رسول … } الآية كلها . وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الربيع في الآية قال : ذلك يوم أحد حين أصابهم ما أصابهم من القتل والقرح ، وتداعوا نبي الله … ؟ قالوا : قد قتل . وقال أناس منهم : لو كان نبياً ما قتل . وقال أناس من علية أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : قاتلوا على ما قتل عليه نبيكم حتى يفتح الله عليكم أو تلحقوا به ، وذكر لنا أن رجلاً من المهاجرين مر على رجل من الأنصار وهو يتخبَّط في دمه فقال : يا فلان أشعرت أن محمداً قد قتل ؟ فقال الأنصاري : إن كان محمد قد قتل فقد بلغ ، فقاتلوا عن دينكم . فأنزل الله { وما محمد إلا رسول الله قد خلت من قبله الرسل أفإين مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم } يقول : ارتددتم كفاراً بعد إيمانكم . وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة نحوه . وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال : نادى مناد يوم أحد حين هزم أصحاب محمد : أن محمداً قد قتل فارجعوا إلى دينكم الأول ، فأنزل الله { وما محمد إلا رسول … } الآية . وأخرج ابن جرير عن ابن جريج قال : قال أهل المرض والإرتياب والنفاق حين فر الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم : قد قتل محمد فالحقوا بدينكم الأول . فنزلت هذه الآية { وما محمد إلا رسول … } الآية . وأخرج ابن جرير عن السدي قال : فشا في الناس يوم أحد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قتل ، فقال بعض أصحاب الصخرة : ليت لنا رسولاً إلى عبد الله بن أبي ، فيأخذ لنا أماناً من أبي سفيان . يا قوم إن محمداً قد قتل فارجعوا إلى قومكم قبل أن يأتوكم فيقتلونكم . قال أنس بن النضر : يا قوم إن كان محمد قد قتل فإن رب محمد لم يقتل ، فقاتلوا على ما قاتل عليه محمد صلى الله عليه وسلم ، اللهم إني أعتذر إليك ممَّا يقول هؤلاء ، وأبرأ إليك مما جاء به هؤلاء . فشد بسيفه فقاتل حتى قتل . فأنزل الله { وما محمد إلا رسول } الآية . وأخرج ابن جرير عن القاسم بن عبد الرحمن بن رافع أخي بني عدي بن النجار قال : انتهى أنس بن النضر عم أنس بن مالك إلى عمر وطلحة بن عبيد الله في رجال من المهاجرين والأنصار وقد ألقوا بأيديهم فقال : ما يجلسكم ؟ قالوا : قتل محمد رسول الله قال : فما تصنعون بالحياة بعده ؟ قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله . واستقبل القوم فقاتل حتى قتل . وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عطية العوفي قال : لما كان يوم أحد وانهزموا قال بعض الناس : إن كان محمد قد أصيب فأعطوهم بأيديكم إنما هم إخوانكم . وقال بعضهم : إن كان محمد قد أصيب ألا تمضون على ما مضى عليه نبيكم حتى تلحقوا به ؟ فأنزل الله { وما محمد إلا رسول } إلى قوله { فآتاهم الله ثواب الدنيا } . وأخرج ابن سعد في الطبقات عن محمد بن شرحبيل العبدري قال : حمل مصعب بن عمير اللواء يوم أحد فقطعت يده اليمنى ، فأخذ اللواء بيده اليسرى وهو يقول { وما محمد إلا رسول الله قد خَلَتْ من قبله الرسل أفإين مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم } ثم قطعت يده اليسرى فجثا على اللواء وضمه بعضديه إلى صدره وهو يقول { وما محمد إلا رسول … } الآية . وما نزلت هذه الآية { وما محمد إلا رسول } يومئذ حتى نزلت بعد ذلك . وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد { ومن ينقلب على عقبيه } قال : يرتد . وأخرج البخاري والنسائي من طريق الزهري عن أبي سلمة عن عائشة " أن أبا بكر أقبل على فرس من مسكنه بالسخ حتى نزل فدخل المسجد ، فلم يكلم الناس حتى دخل على عائشة ، فتيمم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مغشى بثوب حبرة ، فكشف عن وجهه ثم أكب عليه وقبله وبكى ، ثم قال : بأبي أنت وأمي ، والله لا يجمع الله عليك موتتين ، وأما الموتة التي كتبت عليك فقدمتها " قال الزهري : وحدثني أبو سلمة عن ابن عباس . أن أبا بكر خرج وعمر يكلم الناس فقال : اجلس يا عمر . وقال أبو بكر : أما بعد من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ، ومن كان يعبد الله فان الله حي لا يموت . قال الله { وما محمد إلا رسول } إلى قوله { الشاكرين } فقال : فوالله لكان الناس لم يعلموا أن الله أنزل هذه الآية حتى تلاها أبو بكر ، فتلاها الناس منه كلهم . فما أسمع بشراً من الناس إلا يتلوها . وأخرج ابن المنذر عن أبي هريرة قال : لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قام عمر بن الخطاب فقال : إن رجالاً من المنافقين يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي ، وأن رسول الله والله ما مات ، ولكن ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران ، فقد غاب عن قومه أربعين ليلة ثم رجع إليهم بعد أن قيل قد مات . والله ليرجعن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما رجع موسى ، فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم زعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات . فخرج أبو بكر فقال : على رسلك يا عمر انصت . فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أيها الناس أنه من كان يعبد محمداً فان محمد قد مات ، ومن كان يعبد الله فان الله حي لا يموت . ثم تلا هذه الآية { وما محمد إلا رسول } الآية . فوالله لكأن الناس لم يعلموا أن هذه الآية نزلت حتى تلاها أبو بكر يومئذ ، وأخذ الناس عن أبي بكر فإنما هي في أفواههم . قال عمر : فوالله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها فعقرت حتى وقعت إلى الأرض ، ما تحملني رجلاي ، وعرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات . وأخرج البيهقي في الدلائل عن عروة قال : لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم قام عمر بن الخطاب فتوعد من قال قد مات بالقتل والقطع ، فجاء أبو بكر فقام إلى جانب المنبر وقال : إن الله نعى نبيكم إلى نفسه وهو حي بين أظهركم ، ونعاكم إلى أنفسكم ، فهو الموت حتى لا يبقى أحد إلا الله . قال الله { وما محمد إلا رسول } إلى قوله { الشاكرين } فقال عمر : هذه الآية في القرآن ؟ والله ما علمت أن هذه الآية أنزلت قبل اليوم وقال : قال الله لمحمد صلى الله عليه وسلم { إنك ميت وإنهم ميتون } [ الزمر : 30 ] . وأخرج ابن المنذر والبيهقي من طريق ابن عباس أن عمر بن الخطاب قال : كنت أتأوّل هذه الآية { وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً } [ البقرة : 143 ] فوالله إن كنت لا أظن أنه سيبقى في أمته حتى يشهد عليها بآخر أعمالها ، وأنه هو الذي حملني على أن قلت ما قلت . وأخرج ابن جرير عن علي بن أبي طالب في قوله { وسيجزي الله الشاكرين } قال : الثابتين على دينهم ، أبا بكر وأصحابه ، فكان علي يقول : كان أبو بكر أمين الشاكرين . وأخرج الحاكم والبيهقي في الدلائل عن الحسن بن محمد قال " قال عمر : دعني يا رسول الله أنزع ثنيتي سهيل بن عمرو فلا يقوم خطيباً في قومه أبداً فقال : دعها فلعلها أن تسرك يوماً . فلما مات النبي صلى الله عليه وسلم نفر أهل مكة ، فقام سهيل عند الكعبة فقال : من كان يعبد محمداً فان محمداً قد مات والله حي لا يموت " . وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم عن ان عباس . أن علياً كان يقول في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله يقول { أفإين مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم } والله لا ننقلب على أعقابنا بعد إذ هدانا الله ، والله لئن مات أو قتل لأقاتلن على ما قاتل عليه حتى أموت . وأخرج ابن المنذر عن الزهري قال : " لما نزلت هذه الآية { ليزدادوا إيماناً مع إيمانهم } [ الفتح : 4 ] قالوا : يا رسول الله قد علمنا أن الإيمان يزداد فهل ينقص ؟ قال : إي والذي بعثني بالحق إنه لينقص قالوا : يا رسول الله فهل لذلك دلالة في كتاب الله ؟ قال : نعم . ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية { وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم } فالإنقلاب نقصان لا كفر " . وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن إسحق { وما كان لنفس } الآية أي لمحمد صلى الله عليه وسلم أجل هو بالغه ، فإذا أذن الله في ذلك كان { ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها } أي من كان منكم يريد الدنيا ليست له رغبة في الآخرة نؤته ما قسم له فيها من رزق ولا حظ له في الآخرة { ومن يرد ثواب الآخرة } منكم { نؤته منها } ما وعده مع ما يجري عليه من رزقه في دنياه ، وذلك جزاء الشاكرين . وأخرج ابن أبي حاتم عن عمر بن عبد العزيز في الآية قال : لا تموت نفس ولها في الدنيا عمر ساعة إلا بلغته . وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله { وسنجزي الشاكرين } قال : يعطي الله العبد بنيته الدنيا والآخرة . وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال : قال أبو بكر : لو منعوني ولو عقالاً أعطوا رسول الله صلى الله عليه وسلم لجاهدتهم . ثم تلا { وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإين مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم } . وأخرج البغوي في معجمه عن إبراهيم بن حنظلة عن أبيه أن سالماً مولى أبي حذيفة ، كان معه اللواء يوم اليمامة فقطعت يمينه ، فأخذ اللواء بيساره ، فقطعت يساره ، فاعتنق اللواء وهو يقول { وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإين مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم … } الآيتين .