Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 97-99)

Tafsir: ad-Durr al-manṯūr fī at-tafsīr bi-l-maʾṯūr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أخرج البخاري والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والطبراني والبيهقي في سننه عن ابن عباس . أن ناساً من المسلمين كانوا مع المشركين يكثرون سواد المشركين على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيأتي السهم يرمي به ، فيصيب أحدهم فيقتله ، أو يضرب فيقتل . فأنزل الله { إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم } . وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال : كان قوم من أهل مكة اسلموا ، وكانوا يستخفون بالإسلام ، فأخرجهم المشركون معهم يوم بدر ، فأصيب بعضهم وقتل بعض ، فقال المسلمون : قد كان أصحابنا هؤلاء مسلمين وأكرهوا فاستغفروا لهم ، فنزلت هذه الآية { إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم } إلى آخر الآية . قال : فكتب إلى من بقي بمكة من المسلمين بهذه الآية وأنه لا عذر لهم فخرجوا ، فلحقهم المشركون فاعطوهم الفتنة ، فأنزلت فيهم هذه الآية { ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله } [ العنكبوت : 10 ] إلى آخر الآية . فكتب المسلمون إليهم بذلك ، فحزنوا وأيسوا من كل خير ، فنزلت فيهم { ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم } [ النحل : 110 ] فكتبوا إليهم بذلك أن الله قد جعل لكم مخرجاً فاخرجوا ، فخرجوا فأدركهم المشركون فقاتلوهم حتى نجا من نجا وقتل من قتل . وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن جرير عن عكرمة في قوله { إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم } إلى قوله { وساءت مصيراً } قال : نزلت في قيس بن الفاكه بن المغيرة ، والحارث بن زمعة بن الأسود ، وقيس بن الوليد بن المغيرة ، وأبي العاص بن منية بن الحجاج ، وعلي بن أمية بن خلف . قال : لما خرج المشركون من قريش وأتباعهم لمنع أبي سفيان بن حرب وعير قريش من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وأن يطلبوا ما نيل منهم يوم نخلة ، خرجوا معهم بشبان كارهين ، كانوا قد أسلموا واجتمعوا ببدر على غير موعد ، فقتلوا ببدر كفاراً ورجعوا عن الإسلام ، وهم هؤلاء الذين سميناهم . وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن محمد بن إسحاق في قوله { إن الذين توفاهم الملائكة } قال : هم خمسة فتية من قريش : علي بن أمية ، وأبو قيس بن الفاكه ، وزمعة بن الأسود ، وأبو العاصي بن منية بن الحجاج . قال : ونسيت الخامس . وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس في الآية قال : هم قوم تخلفوا بعد النبي صلى الله عليه وسلم وتركوا أن يخرجوا معه ، فمن مات منهم قبل أن يلحق بالنبي صلى الله عليه وسلم ضربت الملائكة وجهه ودبره . وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : كان قوم بمكة قد أسلموا ، فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم كرهوا أن يهاجروا وخافوا ، فأنزل الله { إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم } إلى قوله { إلا المستضعفين } . وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الضحاك في الآية قال : هم أناس من المنافقين تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ، فلم يخرجوا معه إلى المدينة ، وخرجوا مع مشركي قريش إلى بدر ، فأصيبوا يوم بدر فيمن أصيب . فأنزل الله فيهم هذه الآية . وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي قال : " لما أسر العباس ، وعقيل ، ونوفل ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " افد نفسك وابن أخيك . قال : يا رسول الله ألم نصل قبلتك ونشهد شهادتك ؟ قال : يا عباس إنكم خاصمتم فخصمتم ثم تلا عليه هذه الآية { ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيراً } " فيوم نزلت هذه الآية كان من أسلم ولم يهاجر فهو كافر حتى يهاجر { إلا المستضعفين } الذين { لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً } حيلة في المال ، والسبيل الطريق . قال ابن عباس : كنت أنا منهم من الولدان . وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في الآية قال : حدثت أن هذه الآية أنزلت في أناس تكلموا بالإسلام من أهل مكة ، فخرجوا مع عدو الله أبي جهل ، فقتلوا يوم بدر فاعتذروا بغير عذر ، فأبى الله أن يقبل منهم ، وقوله { إلا المستضعفين } قال : أناس من أهل مكة عذرهم الله فاستثناهم . قال : وكان ابن عباس يقول : كنت أنا وأمي من الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً . وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية : نزلت هذه الآية فيمن قتل يوم بدر من الضعفاء ، في كفار قريش . وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال " لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم وظهروا ونبع الإيمان نبع النفاق معه فأتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجال فقالوا : يا رسول الله لولا أنا نخاف هؤلاء القوم يعذبونا ، ويفعلون ويفعلون لأسلمنا ، ولكنا نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ، فكانوا يقولون ذلك له ، فلما كان يوم بدر قام المشركون فقالوا : لا يتخلف عنا أحد إلا هدمنا داره ، واستبحنا ماله . فخرج أولئك الذين كانوا يقولون ذلك القول للنبي صلى الله عليه وسلم معهم ، فقتلت طائفة منهم وأسرت طائفة ، قال : فأما الذين قتلوا فهم الذين قال الله { إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم } الآية كلها { ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها } وتتركوا هؤلاء الذين يستضعفونكم { أولئك مأواهم جهنم وساءت مصيراً } ثم عذر الله أهل الصدق فقال { إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً } يتوجهون له لو خرجوا لهلكوا { فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم } اقامتهم بين ظهري المشركين . وقال الذين أسروا : يا رسول الله انك تعلم انا كنا نأتيك فنشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ، وأن هؤلاء القوم خرجنا معهم خوفاً ؟ فقال الله { يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى إن يعلم الله في قلوبكم خيراً يؤتكم خيراً مما أخذ منكم ويغفر لكم } [ الأنفال : 70 ] صنيعكم الذي صنعتم خروجكم مع المشركين على النبي صلى الله عليه وسلم . { وإن يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل } [ الأنفال : 71 ] خرجوا مع المشركين فأمكن منهم " . وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد والبخاري وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال : كنت أنا وأمي من المستضعفين . أنا من الولدان ، وأمي من النساء . وأخرج عبد بن حميد والبخاري وابن جرير والطبراني والبيهقي في سننه عن ابن عباس أنه تلا { إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان } قال : كنت أنا وأمي ممن عذر الله . وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي هريرة : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانو يدعو في دبر كل صلاة : اللهم خلص الوليد وسلمة بن هشام ، وعياش بن أبي ربيعة ، وضعفة المسلمين من أيدي المشركين ، الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً " . وأخرج البخاري عن أبي هريرة قال : " بينما النبي صلى الله عليه وسلم يصلي العشاء إذ قال : سمع الله لمن حمده . ثم قال قبل أن يسجد : اللهم نج عياش بن أبي ربيعة ، اللهم نج سلمة بن هشام ، اللهم نج الوليد بن الوليد ، اللهم نج المستضعفين من المؤمنين ، اللهم اشدد وطأتك على مضر ، اللهم اجعلها سنين كسني يوسف " . وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن عكرمة في قوله { إلا المستضعفين } يعني الشيخ الكبير ، والعجوز ، والجواري الصغار ، والغلمان . وأخرج ابن أبي شيبة عن محمد بن يحيى قال : " مكث النبي صلى الله عليه وسلم أربعين صباحاً يقنت في صلاة الصبح بعد الركوع ، وكان يقول في قنوته : اللهم أنج الوليد بن الوليد ، وعياش بن أبي ربيعة ، والعاصي بن هشام ، والمستضعفين من المؤمنين بمكة الذين { لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً } " . وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال { الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم } إلى قوله { وساءت مصيراً } قال : كانوا قوماً من المسلمين بمكة ، فخرجوا مع قومهم من المشركين في قتال ، فقتلوا معهم ، فنزلت هذه الآية { إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان } فعذر الله أهل العذر منهم ، وهلك من لا عذر له قال ابن عباس : وكنت أنا وأمي ممن كان له عذر . وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج { لا يستطيعون حيلة } قوة . وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله { لا يستطيعون حيلة } قال : نهوضاً إلى المدينة { ولا يهتدون سبيلاً } طريقاً إلى المدينة . وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد { ولا يهتدون سبيلاً } طريقاً إلى المدينة . والله تعالى أعلم .