Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 33-34)

Tafsir: ad-Durr al-manṯūr fī at-tafsīr bi-l-maʾṯūr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أخرج أبو داود والنسائي عن ابن عباس في قوله { إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله } قال : نزلت في المشركين ، منهم من تاب قبل أن يقدر عليه لم يكن عليه سبيل ، وليست تحرز هذه الآية الرجل المسلم من الحد إن قتل ، أو أفسد في الأرض ، أو حارب الله ورسوله ، ثم لحق بالكفار قبل أن يقدروا عليه ، لم يمنعه ذلك أن يقام فيه الحد الذي أصابه . وأخرج ابن جرير والطبراني في الكبير عن ابن عباس في هذه الآية قال " كان قوم من أهل الكتاب بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد وميثاق ، فنقضوا العهد وأفسدوا في الأرض ، فخيَّر الله نبيه فيهم إن شاء أن يقتل ، وإن شاء أن يصلب ، وإن شاء أن يقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ، وأما النفي فهو الهرب في الأرض ، فإن جاء تائباً فدخل في الإسلام قُبِل منه ولم يؤخذ بما سلف " . وأخرج ابن مردويه عن ابن سعد قال : نزلت هذه الآية في الحرورية { إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله } الآية . وأخرج عبد الرزاق والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر والنحاس في ناسخه والبيهقي في الدلائل عن أنس " أن نفراً من عكل قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلموا وآمنوا ، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتوا إبل الصدقة فيشربوا من أبوالها ، فقتلوا راعيها واستاقوها ، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم في طلبهم ، فأتى بهم فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم ، ولم يحسمهم وتركهم حتى ماتوا ، فأنزل الله { إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله … } الآية " . وأخرج أبو داود والنسائي وابن جرير عن ابن عمر قال : نزلت آية المحاربين في العرنيين . وأخرج ابن جرير قال : " قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم قوم من عرينة مضرورين ، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما صحوا واشتدوا قتلوا رعاء اللقاح ، ثم صرخوا باللقاح عامدين بها إلى أرض قومهم قال جرير : فبعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من المسلمين ، فقدمنا بهم ، فقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف وسمل أعينهم ، فأنزل الله هذه الآية { إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله } الآية " . وأخرج ابن جرير عن يزيد بن أبي حبيب أن عبد الملك بن مروان كتب إلى أنس يسأله عن هذه الآية ، فكتب إليه أنس يخبره أن هذه الآية نزلت في أولئك النفر من العرنيين ، وهم من بجيلة . قال أنس " فارتدوا عن الإسلام ، وقتلوا الراعي ، واستاقوا الإبل ، وأخافوا السبيل ، وأصابوا الفرج الحرام ، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل عن القضاء فيمن حارب ، فقال : من سرق وأخاف السبيل واستحل الفرج الحرام فاصلبه " . وأخرج الحافظ عبد الغني في إيضاح الإشكال من طريق أبي قلابة عن أنس " عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله { إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله } قال : " هم من عكل " " . وأخرج عبد الرزاق عن أبي هريرة قال " قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم رجال من بني فزاره قد ماتوا هزالاً ، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى لقاحه فسرقوها فطلبوا ، فأتى بهم النبي صلى الله عليه وسلم ، فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم ، قال أبو هريرة : فيهم نزلت هذه الآية { إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله } قال : فترك النبي صلى الله عليه وسلم الأعين بعد " . وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن سعيد بن جبير قال : " كان ناس من بني سليم أتوا النبي صلى الله عليه وسلم ، فبايعوه على الإسلام وهم كذبة ، ثم قالوا : إنا نجتوي المدينة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : هذه اللقاح تغدو عليكم وتروح فاشربوا من أبوالها ، فبينما هم كذلك إذ جاء الصريخ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : قتلوا الراعي ، وساقوا النعم ، فركبوا في أثرهم ، فرجع صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أسروا منهم ، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم بهم ، فأنزل الله { إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله } الآية . فقتل النبي صلى الله عليه وسلم منهم ، وصلب ، وقطع ، وسمل الأعين ، قال : فما مثَّل النبي صلى الله عليه وسلم قبل ولا بعد ، ونهى عن المثلة وقال : لا تمثِّلوا بشيء " . وأخرج مسلم والنحاس في ناسخه والبيهقي عن أنس قال " إنما سمل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعين أولئك لأنهم سملوا أعين الرعاة " . وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله { إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله } الآية . قال : " نزلت في سودان عرينة ، أتوا النبي صلى الله عليه وسلم وبهم الماء الأصفر ، فشكوا ذلك إليه ، فأمرهم فخرجوا إلى إبل الصدقة ، فقال اشربوا من أبوالها وألبانها ، فشربوا حتى إذا صحوا وبرئوا قتلوا الرعاة واستاقوا الإبل ، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتى بهم ، فأراد أن يسمل أعينهم ، فنهاه الله عن ذلك ، وأمره أن يقيم فيهم الحدود كما أنزل الله " . وأخرج ابن جرير عن الوليد بن مسلم قال : ذكرت لليث بن سعد ما كان من سمل رسول الله صلى الله عليه وسلم وترك حسمهم حتى ماتوا ، فقال : سمعت محمد بن عجلان يقول : أنزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم معاتبة في ذلك ، وعلَّمه عقوبة مثلهم من القطع والقتل والنفي ، ولم يسمل بعدهم وغيرهم . قال : وكان هذا القول ذكر لابن عمر ، فأنكر أن تكون نزلت معاتبة ، وقال : بل كانت عقوبة ذلك النفر بأعيانهم ، ثم نزلت هذه الآية في عقوبة غيرهم ممن حارب بعدهم فرفع عنه السمل . وأخرج البيهقي في سننه عن محمد بن عجلان عن أبي الزناد " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قطع الذين أخذوا لقاحه وسمل أعينهم ، عاتبه الله في ذلك ، فأنزل الله { إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله … } الآية " . وأخرج الشافعي في الأم وعبد الرزاق والفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس في قوله { إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله … } الآية . قال : إذا خرج المحارب فأخذ المال ولم يقتل يقطع من خلاف ، واذا خرج فقتل ولم يأخذ المال قتل ، وإذا خرج فقتل وأخذ المال قتل وصلب ، واذا خرج فأخاف السبيل ولم يأخذ المال ولم يقتل نفي . وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه عن ابن عباس في قوله { إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله … } الآية . قال : من شهر السلاح في قبة الإسلام ، وأفسد السبيل وظهر عليه وقدر فإمام المسلمين مخيَّر فيه ، إن شاء قتله ، وإن شاء صلبه ، وإن شاء قطع يده ورجله ، قال { أو ينفوا من الأرض } يهربوا يخرجوا من دار الإسلام إلى دار الحرب . وأخرج أبو داود والنسائي والنحاس في ناسخه والبيهقي ، عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث خصال : زان محصن يرجم ، ورجل قتل متعمداً فيقتل ، ورجل خرج من الإسلام فحارب ، فيقتل أو يصلب أو ينفى من الأرض " . وأخرج الخرائطي في مكارم الأخلاق عن ابن عباس " أن قوماً من عرينة جاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلموا وكان منهم مواربة قد شلت أعضاؤهم ، واصفرت وجوههم ، وعظمت بطونهم ، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى إبل الصدقة يشربوا من أبوالها وألبانها ، فشربوا حتى صحوا وسمنوا ، فعمدوا إلى راعي النبي صلى الله عليه وسلم فقتلوه واستاقوا الإبل ، وارتدوا عن الإسلام ، وجاء جبريل فقال : يا محمد ابعث في آثارهم ، فبعث ثم قال : ادع بهذا الدعاء : اللهم إن السماء سماؤك ، والأرض أرضك ، والمشرق مشرقك ، والمغرب مغربك ، اللهم ضيق من مسك حمل حتى تقدرني عليهم . فجاؤوا بهم ، فأنزل الله تعالى { إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله … } الآية . فأمره جبريل أن من أخذ المال وقتل يصلب ، ومن قتل ولم يأخذ المال يقتل ، ومن أخذ المال ولم يقتل تقطع يده ورجله من خلاف ، وقال ابن عباس هذا الدعاء : لكل آبق ، ولكل من ضلت له ضالة من انسان وغيره ، يدعو هذا الدعاء ، ويكتب في شيء ويدفن في مكان نظيف إلا قدره الله عليه " . وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة وعطاء الخراساني في قوله { إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله … } الآية . قال : هذا الذي يقطع الطريق فهو محارب ، فإن قتل وأخذ مالاً صلب ، وإن قتل ولم يأخذ مالاً قتل ، وإن أخذ مالاً ولم يقتل قطعت يده ورجله ، وإن أخذ قبل أن يفعل شيئاً من ذلك نفي ، وأما قوله { إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم } فهؤلاء خاصة ، ومن أصاب دماً ثم تاب من قبل أن يقدر عليه أهدر عنه ما مضى . وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن عطاء ومجاهد قالا : الإمام في ذلك مخير ، إن شاء قتل ، وإن شاء قطع ، وإن شاء صلب ، وإن شاء نفى . وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن المسيب والحسن والضحاك في الآية قالوا : الإمام مخيَّر في المحارب يصنع به ما شاء . وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الضحاك فال " كان قوم بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم ميثاق ، فنقضوا العهد وقطعوا السبل ، وأفسدوا في الأرض ، فخير الله نبيه فيهم إن شاء قتل ، وإن شاء صلب ، وإن شاء قطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ، أو ينفوا من الأرض . قال : هو أن يطلبوا حتى يعجزوا ، فمن تاب قبل أن يقدروا عليه قبل ذلك منه " . وأخرج أبو داود في ناسخه عن الضحاك قال : نزلت هذه الآية في المشركين . وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : نفيه أن يطلبه الإمام حتى يأخذه ، أقام عليه إحدى هذه المنازل التي ذكر الله بما استحل . وأخرج عبد بن حميد عن الحسن في قوله { أو ينفوا من الأرض } قال : من بلد إلى بلد . وأخرج ابن جرير عن الحسن قال : ينفى حتى لا يقدر عليه . وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الزهري في قوله { أو ينفوا من الأرض } قال : نفيه أن يطلب فلا يقدر عليه ، كلما سمع به أرض طلب . وأخرج ابن جرير عن الربيع بن أنس في الآية قال : يخرجوا من الأرض ، أينما أدركوا خرجوا حتى يلحقوا بأرض العدو . وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير في الآية قال : من أخاف سبيل المؤمنين نفي من بلد إلى غيره . وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله { ويسعون في الأرض فساداً } قال : الزنا ، والسرقة ، وقتل النفس ، وهلاك الحرث ، والنسل . وأخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي وسعيد بن جبير قالا : ان جاء تائباً لم يقطع مالاً ، ولا سفك دماً ، فذلك الذي قال الله { إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم } . وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا في كتاب الأشراف وابن جرير وابن أبي حاتم عن الشعبي قال : كان حارثة بن بدر التميمي من أهل البصرة ، قد أفسد في الأرض وحارب ، وكلم رجالاً من قريش أن يستأمنوا له علياً فأبوا ، فأتى سعيد بن قيس الهمداني ، فأتى علياً فقال : يا أمير المؤمنين ما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً ؟ قال : أن يقتلوا ، أو يصلبوا ، أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ، أو ينفوا من الأرض ، ثم قال { إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم } فقال سعيد : وإن كان حارثة بن بدر ؟ فقال : هذا حارثة بن بدر قد جاء تائباً فهو آمن ؟ قال : نعم . قال : فجاء به إليه ، فبايعه وقَبِل ذلك منه وكتب له أماناً . وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن الأشعث عن رجل قال : صلى رجل مع أبي موسى الأشعري الغداة ، ثم قال : هذا مقام العائذ التائب ، أنا فلان بن فلان ، أنا كنت ممن حارب الله ورسوله وجئت تائباً من قبل أن يقدر عليَّ ، فقال أبو موسى : إن فلان ابن فلان كان ممن حارب الله ورسوله وجاء تائباً من قبل أن يقدر عليه ، فلا يعرض له أحد إلا بخير ، فإن يكن صادقاً فسبيلي ذلك ، وإن يك كاذباً فلعل الله أن يأخذه بذنبه . وأخرج عبد بن حميد عن عطاء أنه سئل عن رجل سرق سرقة فجاء تائباً من غير أن يؤخذ عليه ، هل عليه حد ؟ قال : لا ، ثم قال { إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم … } الآية . وأخرج أبو داود في ناسخه عن السدي في قوله { إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله } قال : سمعنا انه إذا قَتَلَ قُتِلَ ، واذا أخذ المال ولم يقتل قطعت يده بالمال ، ورجله بالمحاربة ، وإذا قتل وأخذ المال قطعت يده ورجلاه وصلب { إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم } فإن جاء تائباً إلى الإمام قبل أن يقدر عليه فأمنه الإمام فهو آمن ، فإن قتله إنسان بعد أن يعلم أن الإمام قد أمنه قتل به ، فإن قتله ولم يعلم أن الإمام قد أمنه كانت الدية .