Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 163-166)

Tafsir: ad-Durr al-manṯūr fī at-tafsīr bi-l-maʾṯūr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عكرمة قال : دخلت على ابن عباس وهو يقرأ هذه الآية { واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر } قال : يا عكرمة ، هل تدري أي قرية هذه ؟ قلت : لا . قال : هي أيلة . وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن شهاب { واسألهم عن القرية } قال : هي طبرية . وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد واسألهم عن القرية قال : هي قرية يقال لها مقنا بين مدين وعينونا . وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير { واسألهم عن القرية } قال : هي مدين . وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس في قوله { إذ يعدون في السبت } قال : يظلمون . وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله { شرعاً } يقول : من كل مكان . وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله { شرعاً } قال : ظاهرة على الماء . وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله { شرعاً } قال : واردة . وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر } قال : هي قرية على شاطىء البحر بين مصر والمدينة يقال لها أيلة ، فحرَّم الله عليهم الحيتان يوم سبتهم ، فكانت تأتيهم يوم سبتهم شرعاً في ساحل البحر ، فإذا مضى يوم السبت لم يقدروا عليها ، فمكثوا كذلك ما شاء الله ، ثم إن طائفة منهم أخذوا الحيتان يوم سبتهم ، فنهتهم طائفة فلم يزدادوا إلا غيّاً . فقالت طائفة من النهاة : تعلمون أن هؤلاء قوم قد حق عليهم العذاب { لم تعظون قوماً الله مهلكهم } وكانوا أشد غضباً من الطائفة الأخرى ، وكل قد كانوا ينهون ، فما وقع عليهم غضب الله نجت الطائفتان اللتان قالتا : لم تعظون ؟ والذين { قالوا : معذرة إلى ربكم } وأهلك الله أهل معصيته الذين أخذوا الحيتان فجعلهم قردة . وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله { واسألهم عن القرية … } الآية . قال : إن الله إنما افترض على بني إسرائيل اليوم الذي افترض عليكم يوم الجمعة ، فخالفوا إلى السبت فعظَّموه وتركوا ما أمروا به ، فلما ابتدعوا السبت ابتلوا فيه ، فحرمت عليهم الحيتان ، وهي قرية يقال لها مدين بين أيلة والطور ، فكانوا إذا كان يوم السبت شرعت لهم الحيتان ينظرون إليها في البحر ، فإذا انقضى السبت ذهبت فلم تر حتى مثله من السبت المقبل ، فإذا جاء السبت عادت شرعاً ، ثم إن رجلاً منهم أخذ حوتاً فحزمه بخيط ثم ضرب له وتداً في الساحل وربطه وتركه في الماء ، فلما كان الغد جاء فأخذه فأكله سراً ، ففعلوا ذلك وهم ينظرون لا يتناهون إلا بقية منهم ، فنهوهم حتى إذا ظهر ذلك في الأسواق علانية قالت طائفة للذين ينهونهم { لم تعظون قوماً الله مهلكهم أو معذبهم عذاباً شديداً } قالوا { معذرة إلى ربكم } في سخطنا أعمالهم { ولعلهم يتقون } فكانوا أثلاثاً . ثلثاً نهى ، وثلثاً قالوا { لم تعظون } وثلثاً أصحاب الخطيئة ، فما نجا إلا الذين نهوا وهلك سائرهم ، فأصبح الذين نهوا ذات غداة في مجالسهم يتفقدون الناس لا يرونهم ، وقد باتوا من ليلتهم وغلقوا عليهم دورهم ، فجعلوا يقولون : إن للناس شأناً فانظروا ما شأنهم ، فاطلعوا في دورهم فإذا القوم قد مسخوا يعرفون الرجل بعينه وأنه لقرد ، والمرأة بعينها وانها لقردة . وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن عكرمة قال : جئت ابن عباس يوماً وهو يبكي ، وإذا المصحف في حجره فقلت : ما يبكيك يا ابن عباس ؟ فقال : هؤلاء الورقات . وإذا في سورة الأعراف قال : تعرف أيلة ؟ قلت : نعم . قال : فإنه كان بها حي من يهود سيقت الحيتان إليهم يوم السبت ، ثم غاصت لا يقدرون عليها حتى يغوصوا عليها بعد كد ومؤنة شديدة ، وكانت تأتيهم يوم السبت شرعاً بيضاً سمانا كأنها الماخض ، فكانوا كذلك برهة من الدهر ثم إن الشيطان أوحى إليهم فقال : إنما نهيتم عن أكلها يوم السبت فخذوها فيه وكلوها في غيره من الأيام . فقالت : ذلك طائفة منهم ، وقالت طائفة : بل نهيتم عن أكلها وأخذها وصيدها في يوم السبت ، فعدت طائفة بأنفسها وأبنائها ونسائها ، واعتزلت طائفة ذات اليمين ، وتنحَّت واعتزلت طائفة ذات اليسار ، وسكتت وقال الأيمنون : ويلكم … ؟ لا تتعرضوا لعقوبة الله ، وقال الأيسرون { لم تعظون قوماً الله مهلكهم أو معذبهم عذاباً شديداً } قال الأيمنون : { معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون } ان ينتهوا فهو أحب إلينا أن لا يصابوا ولا يهلكوا ، وأن لم ينتهوا فمعذرة إلى ربكم . فمضوا على الخطيئة وقال الأيمنون : قد فعلتم يا أعداء الله ، والله لنبايننَّكم الليلة في مدينتكم . والله ما أراكم تصبحون حتى يصبحكم الله بخسف أو قذف أو بعض ما عنده من العذاب ، فلما أصبحوا ضربوا عليهم الباب ونادوا فلم يجابوا ، فوضعوا سلما وعلوا سور المدينة رجلاً ، فالتفت إليهم فقال : أي عباد الله قردة والله تعاوى لها أذناب … ! ففتحوا فدخلوا عليهم فعرفت القردة أنسابها من الانس ولا تعرف الانس أنسابها من القردة ، فجعلت القرود تأتي نسيبها من الانس فتشم ثيابه وتبكي ، فيقول ألم ننهكم فتقول برأسها : أي نعم . ثم قرأ ابن عباس { فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس } قال : أليم وجيع . قال : فارى الذين نهوا قد نجوا ولا أرى الآخرين ذكروا ، ونحن نرى أشياء ننكرها ولا نقول فيها . قلت : أي جعلني الله فداك ، ألا ترى أنهم كرهوا ما هم عليه وخالفوهم ، وقالوا { لم تعظون قوماً الله مهلكهم } قال : فأمر بي فكسيت ثوبين غليظين . وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال : كانت قرية على ساحل البحر يقال لها ايلة ، وكان على ساحل البحر صنمان من حجارة مستقبلان الماء ، يقال لأحدهما لقيم والآخر لقمانة ، فأوحى الله إلى السمك ، أن حج يوم السبت إلى الصنمين ، وأوحى إلى أهل القرية : أني قد أمرت السمك أن يحجوا إلى الصنمين يوم السبت فلا تعرضوا للسمك يوم لا يمتنع منكم ، فإذا ذهب السبت فشأنكم به فصيدوه ، فكان إذا طلع الفجر يوم السبت أقبل السمك شرعاً إلى الصنمين لا يمتنع من آخذ يأخذه ، فظهر يوم السبت شيء من السمك في القرية فقالوا : نأخذه يوم السبت فنأكله يوم الأحد ، فلما كان يوم السبت الآخر ظهر أكثر من ذلك ، فلما كان السبت الآخر ظهر السمك في القرية ، فقام إليهم قوم منهم فوعظوهم فقالوا : اتقوا الله . فقام آخرون فقالوا { لم تعظون قوماً الله مهلكهم أو معذبهم عذاباً شديداً قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون } فلما كان سبت من تلك الأسبات فشى السمك في القرية ، فقال الذين نهوا عن السوء فقالوا : لا نبيت معكم الليلة في هذه القرية . فقيل لهم : لو أصبحتم فانقلبتم بذراريكم ونسائكم . قالوا : لا نبيت معكم الليلة في هذه القرية ، فإن أصبحنا غدونا فاخرجنا ذرارينا وأمتعتنا من بين ظهرانيكم وكان القوم شاتين ، فلما أمسوا أغلقوا أبوابهم فلما أصبحوا لم يسمع القوم لهم صوتاً ولم يروا سرجاً خرج من القرية … ! قالوا : قد أصاب أهل القرية شر … ! فبعثوا رجلاً منهم ينظر إليهم ، فلما أتى القرية إذا الأبواب مغلقة عليهم ، فاطلع في دار فإذا هم قرود كلهم ، المرأة أنثى والرجل ذكر ، ثم اطلع في دار أخرى فإذا هم كذلك الصغير صغير والكبير كبير ، ورجع إلى القوم فقال : يا قوم نزل بأهل القرية ما كنتم تحذرون ، أصبحوا قردة كلهم لا يستطيعون أن يفتحوا الأبواب ، فدخلوا عليه فإذا هم قردة كلهم ، فجعل الرجل يومىء إلى القرد منهم أنت فلان ، فيومىء برأسه : نعم . وهم يبكون فقالوا : أبعدكم الله قد حذرناكم هذا ، ففتحوا لهم الأبواب فخرجوا فلحقوا بالبرية . وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس قال : نجا الناهون وهلك الفاعلون ، ولا أدري ما صنع بالساكتين . وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن ابن عباس قال : والله لئن أكون علمت أن القوم الذين قالوا { لم تعظون قوماً } نجوا مع الذين نهوا عن السوء أحب إلى ما عدل به . وفي لفظ : من حمر النعم . ولكني أخاف أن تكون العقوبة نزلت بهم جميعاً . وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن عكرمة قال : قال ابن عباس : ما أدري انجا الذين قالوا لم تعظون قوماً أم لا ؟ قال : فما زلت أبصره حتى عرف أنهم قد نجوا فكساني حلة . وأخرج عبد بن حميد عن ليث بن أبي سليم قال : مسخوا حجارة الذين قالوا { لم تعظون قوماً الله مهلكهم } . وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن في قوله { واسألهم عن القرية … } الآية . قال : كان حوتاً حرمه الله عليهم في يوم وأحله لهم فيما سوى ذلك ، فكان يأتيهم في اليوم الذي حرَّمه الله عليهم كأنه المخاض ما يمتنع من أحد ، فجعلوا يهمون ويمسكون وقلما رأيت أحداً أكثر الأهتمام بالذنب إلا واقعه ، فجعلوا يهمون ويمسكون حتى أخذوه فأكلوا بها والله أوخم أكلة أكلها قوم قط أبقاه خزياً في الدنيا وأشده عقوبة في الآخرة ، وأيم الله للمؤمن من أعظم حرمة عند الله من حوت ، ولكن الله عز وجل جعل موعد قوم الساعة والساعة أدهى وأمر . وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن ابن عباس قال : أخذ موسى عليه السلام رجلاً يحمل حطباً يوم السبت ، وكان موسى يسبت فصلبه . وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال : احتطب رجل في السبت ، وكان داود عليه السلام يسبت فصلبه . وأخرج عبد بن حميد عن أبي بكر بن عياش قال : كان حفظي عن عاصم " بعذاب بئيس " على معنى فعيل ، ثم دخلني منها شك فتركت روايتها عن عاصم وأخذتها عن الأعمش " بعذاب بئيس " على معنى فعيل . وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس في قوله { بعذاب بئيس } قال : لا رحمة فيه . وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة { بعذاب بئيس } قال : وجيع . وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله { بعذاب بئيس } قال : أليم بشدة . وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء قال : نودي الذي اعتدوا في السبت ثلاثة أصوات ، نودوا يا أهل القرية فانتبهت طائفة ، ثم نودوا يا أهل القرية فانتبهت طائفة أكثر من الأولى ، ثم نودوا يا أهل القرية فانتبه الرجال والنساء والصبيان ، فقال الله لهم { كونوا قردة خاسئين } [ البقرة : 65 ] فجعل الذين نهوهم يدخلون عليهم فيقولون : يا فلان ألم ننهكم ؟ فيقولون برؤوسهم : أي بلى . وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير وماهان الحنفي قال : لما مسخوا جعل الرجل يشبه الرجل وهو قرد ، فيقال : أنت فلان … ؟ ! فيومىء إلى يديه بما كسبت يداي . وأخرج ابن بطة عن أبي هريرة رضي الله عنه " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل " . وأخرج أبو الشيخ عن سفيان قال : قالوا لعبد الله بن عبد العزيز العمري في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر : تأمر من لا يقبل منك ؟ قال : يكون معذرة ، وقرأ { قالوا معذرة إلى ربكم } .