Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 15, Ayat: 18-20)

Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِلاَّ مَنِ ٱسْتَرَقَ ٱلسَّمْعَ } محلُّه النصبُ على الاستثناء المتصل إنْ فسّر الحِفظُ بمنع الشياطين عن التعرّضِ لها على الإطلاق والوقوفِ على ما فيها في الجملة ، أو المنقطعِ إن فُسر ذلك بالمنع عن دخولها والتصرف فيها . عن ابن عباس رضي الله عنهما : « أنهم كانوا لا يحجبون عن السموات ، فلما وُلد عيسى عليه السلام مُنعوا من ثلاث سموات ، ولما ولد النبـي صلى الله عليه وسلم مُنِعوا من السموات كلِّها » ، واستراقُ السمعِ اختلاسُه سرًّا ، شُبّه به خَطفتُهم اليسيرةُ من قُطّان السمواتِ بما بـينهم من المناسبة في الجوهر ، أو بالاستدلال من الأوضاع { فَأَتْبَعَهُ } أي تبعه ولحِقه { شِهَابٌ } لهبٌ محروقٌ وهو شعلةُ نارٍ ساطعةٌ ، وقد يطلق على الكواكب والسِّنان لما فيهما من البريق { مُّبِينٌ } ظاهرٌ أمرُه للمبصرين . قال معمر : قلت لابن شهاب الزهري : أكان يرمىٰ بالنجوم في الجاهلية ؟ قال : نعم ، وإن النجم ينقضّ ويُرمىٰ به الشيطانُ فيقتلُه أو يخبِلُه لئلا يعود إلى استراق السمع ، ثم يعود إلى مكانه ، قال : أفرأيت قوله تعالى : { وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَـٰعِدَ } [ الجن ، الآية 9 ] ، قال : غُلّظت وشُدّد أمرُها حين بعث رسولُ الله صلى الله عليه وسلم . قال ابن قتيبة : إن الرجمَ كان قبل مبعثِه عليه الصلاة والسلام ، ولكن لم يكن في شدة الحِراسة كما بعدَ مبعثِه عليه الصلاة والسلام ، قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : إن الشياطينَ يركَبُ بعضُهم بعضاً إلى السماء الدنيا يسترقون السمعَ من الملائكة ، فيُرمَون بالكواكب فلا يخطِىء أبداً ، فمنهم من يُحرق وجهُه وجنبُه ويدُه حيث يشاء الله تعالى ، ومنهم من يخبِلُه فيصير غُولاً فيُضل الناس في البوادي . قال القرطبـي : اختلفوا في أن الشهاب هل يقتُل أم لا ؟ قال ابن عباس رضي الله عنهما : يجرَح ويحرِق ويخبِلُ ولا يقتُل ، وقال الحسن وطائفةٌ : يقتل ، قال : والأول أصح . { وَٱلأَرْضَ مَدَدْنَـٰهَا } بسطناها ، وهو بالنصب على الحذف على شريطة التفسير ، ولم يُقرأ بالرفع لرجحان النصب للعطف على الجملة الفعلية ، أعني قوله تعالى : { وَلَقَدْ جَعَلْنَا } الخ ، وليوافِقَ ما بعده ، أعني قوله تعالى : { وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوٰسِيَ } أي جبالاً ثوابتَ ، وقد مر بـيانه في أول الرعد { وَأَنبَتْنَا فِيهَا } أي في الأرض أو فيها وفي رواسيها { مِن كُلّ شَىْء مَّوْزُونٍ } بميزان الحِكمة ذاتاً وصفةً ومقداراً ، وقيل : ما يوزن من الذهب والفضة وغيرِهما أو من كل شيءٍ مستحسَنٍ مناسب ، أو ما يوزن ويُقدَّر من أبواب النعمة . { وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَـٰيِشَ } ما تعيشون به من المطاعم والملابسِ وغيرِهما مما يتعلق به البقاءُ ، وهي بـياء صريحة ، وقرىء بالهمزة تشبـيهاً له بالشمائل { وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرٰزِقِينَ } عطف على معايش أو على محل لكم ، كأنه قيل : جعلنا لكم معايشَ وجعلنا لكم مَنْ لستم برازقيه من العِيال والمماليك والخدَم والدوابِّ وما أشبهها على طريقة التغليب ، وذِكرُهم بهذا العنوان لرد حسبانُهم أنهم يَكْفون مؤناتِهم ، ولتحقيق أن الله تعالى هو الذي يرزقهم وإياهم ، أو وجعلنا لكم فيها معايشَ ولمن لستم له برازقين .