Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 15, Ayat: 64-66)

Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَأتَيْنَـٰكَ بِٱلْحَقّ } أي باليقين الذي لا مجال فيه للامتراء والشك وهو عذابُهم ، عبر عنه بذلك تنصيصاً على نفي الامتراءِ عنه ، أو المرادُ بالحق الإخبارُ بمجيء العذابِ المذكور ، وقوله تعالى : { وِإِنَّا لَصَـٰدِقُونَ } تأكيدٌ له ، أي أتيناك فيما قلنا بالخير الحقِّ أي المطابق للواقعِ ، وإنا لصادقون في ذلك الخبرِ أو في كل كلام فيكون كالدليل على صدقهم فيه ، وعلى الأول تأكيدٌ إثرَ تأكيدٍ . وقوله تعالى : { فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ } شروعٌ في ترتيب مبادي النجاةِ ، أي اذهبْ بهم في الليل ، وقرىء بالوصل وكلاهما من السُّرىٰ وهو السيرُ في الليل ، وقرىء فسِرْ من السير { بِقِطْعٍ مّنَ ٱلَّيْلِ } بطائفة منه أو من آخره قال : [ الخفيف ] @ افتحي الباب وانظُري في النجوم كم علينا من قِطْع ليلٍ بهيم @@ وقيل : هو بعد ما مضى منه شيءٌ صالح { وَٱتَّبِعْ أَدْبَـٰرَهُمْ } وكن على أثرهم تذودُهم وتسرع بهم وتطّلع على أحوالهم ، ولعل إيثارَ الاتباعِ على السَّوْق مع أنه المقصودُ بالأمر للمبالغة في ذلك ، إذ السَّوْقُ ربما يكون بالتقدم على بعض مع التأخر عن بعض ويلزَمه عادةً الغفلةُ عن حال المتأخر ، والالتفاتُ المنهيُّ عنه بقوله تعالى : { وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ } أي منك ومنهم { أَحَدٌ } فيرى ما وراءه من الهول فلا يطيقه ، أو يصيبه ما أصابهم ، أو ولا ينصرفْ منكم أحدٌ ولا يتخلفْ لغرض فيصيبه العذاب ، وقيل : نُهوا عن ذلك ليوطنوا أنفسهم على المهاجرة ، أو هو نهي عن ربط القلب بما خلّفوه ، أو هو للإسراع في السير فإن الملتفتَ قلما يخلو عن أدنى وقفة ، وعدمُ ذكر استثناء المرأةِ من الإسراء والالتفات لا يستدعي عدم وقوعِه ، فإن ذلك لما عرفت مراراً للاكتفاء بما ذكر في مواضعَ أخَرَ { وَٱمْضُواْ حَيْثُ تُؤْمَرُونَ } إلى حيث أمركم الله تعالى بالمُضيّ إليه وهو الشام أو مصر ، وحذفُ الصلتين على الاتساع المشهور ، وإيثارُ المضيِّ إلى ما ذكر على الوصول إليه واللُّحوق به للإيذان بأهمية النجاةِ ولمراعاة المناسبةِ بـينه وبـين ما سلف من الغابرين . { وَقَضَيْنَا } أي أوحينا { إِلَيْهِ } مقْضيًّا ولذلك عُدِّيَ بإلى { ذَلِكَ ٱلأمْرَ } مبهمٌ يفسره { أَنَّ دَابِرَ هَـؤُلآْء مَقْطُوعٌ } على أنه بدلٌ منه ، وإيثار اسم الإشارة على الضمير للدلالة على اتصافهم بصفاتهم القبـيحةِ التي هي مدارُ ثبوت الحكم ، أي دابرَ هؤلاء المجرمين ، وإيرادُ صيغة المفعول بدلَ صيغة المضارع لكونها أدخلَ في الدلالة على الوقوعِ ، وفي لفظ القضاءِ والتعبـيرِ عن العذاب بالأمر والإشارةِ إليه بذلك وتأخيرِه عن الجار والمجرور وإبهامِه أولاً ثم تفسيره ثانياً من الدلالة على فخامة الأمر وفظاعتِه ما لا يخفى . وقرىء بالكسر على الاستئناف ، والمعنى أنهم يُستأصَلون عن آخرهم حتى لا يبقى منهم أحدٌ { مُّصْبِحِينَ } داخِلين في الصُّبح ، وهو حال من هؤلاء أو من الضمير في مقطوعٌ وجمعه للحمل على المعنى فإن دابر هؤلاء بمعنى مدبري هؤلاء .