Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 15, Ayat: 67-70)

Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَجَآء أَهْلُ ٱلْمَدِينَةِ } شروعٌ في حكاية ما صدر عن القوم عند وقوفِهم على مكان الأضيافِ من الفعل والقول وما ترتب عليه بعدما أشير إلى ذلك إجمالاً حسبما نبه عليه ، أي جاء أهلُ سدومَ منزلَ لوط عليه الصلاة والسلام { يَسْتَبْشِرُونَ } أي مستبشرين بأضيافه عليه الصلاة والسلام طمعاً فيهم . { قَالَ إِنَّ هَـؤُلآء ضَيْفِى } الضيفُ حيث كان مصدراً في الأصل أُطلق على الواحد والمتعددِ والمذكرِ والمؤنث ، وإطلاقُه على الملائكة بحسب اعتقادِه عليه الصلاة والسلام لكونهم في زِيّ الضيف ، والتأكيدُ ليس لإنكارهم بذلك بل لتحقيق اتِّصافِهم به وإظهارِ اعتنائه بشأنهم وتشمُّره لمراعاة حقوقِهم وحمايتهم من السوء ، ولذلك قال : { فَلاَ تَفْضَحُونِ } أي عندكم بأن تتعرضوا لهم بسوء فيعلموا أنه ليس لي عندكم قدْرٌ وحرمة ، أو لا تفضحونِ بفضيحة ضيفي فإن من أُسيء إلى ضيفه فقد أُسيءَ إليه ، يقال : فضحَه فضحاً وفضيحةً إذا أظهر من أمره ما يلزمه العار . { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } في مباشرتكم لما يسؤوني { وَلاَ تُخْزُونِ } أي لا تُذِلوني ولا تُهينوني بالتعرض لمن أجَرْتُهم بمثل تلك الفَعْلةِ الخبـيثة ، وحيث كان التعرضُ لهم بعد أن نهاهم عليه الصلاة والسلام عن ذلك بقوله : فلا تفضحونِ أكثرَ تأثيراً في جانبه عليه الصلاة والسلام وأجلبَ للعار إليه ، إذِ التعرّضُ للجار قبل شعورِ المُجير بذلك ربما يُتسامَح فيه ، وأما بعد الشعورِ به والمناصبةِ لحمايته والذبِّ عنه فذاك أعظمُ العار ، عبّر عليه الصلاة والسلام عما يعتريه من جهتهم بعد النهي المذكورِ بسبب لَجاجِهم ومُجاهرتِهم بمخالفته بالخِزي وأمرَهم بتقوى الله تعالى في ذلك ، وإنما لم يصرَّحْ بالنهي عن نفس تلك الفاحشةِ لأنه كان يعرِف أنه لا يفيدهم ذلك ، وقيل : المرادُ تقوى الله تعالى في ركوب الفاحشةِ ، ولا يساعده توسيطُه بـين النهيَـيْن عن أمرين متعلقين بنفسه عليه الصلاة والسلام . وكذلك قوله تعالى : { قَالُواْ أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ ٱلْعَـٰلَمِينَ } أي عن التعرض لهم بمنعهم عنا وضيافتِهم ، والهمزةُ للإنكار والواو للعطف على مقدر ، أي ألم نتقدمْ إليك ولم ننْهَكَ عن ذلك فإنهم كانوا يتعرضون لكل أحدٍ من الغرباء بالسوء ، وكان عليه الصلاة والسلام ينهاهم عن ذلك بقدر وُسعِه وكانوا قد نهَوْه عليه الصلاة والسلام عن أن يُجير أحداً ، فكأنهم قالوا : ما ذكرتَ من الفضيحة والخِزي إنما جاءك من قِبَلك لا من قِبَلنا إذ لولا تعرضُك لما نتصدَّى له لَما اعتراك تلك الحالةُ . ولمّا رآهم لا يُقلِعون عما هم عليه .