Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 41-41)
Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَٱلَّذِينَ هَـٰجَرُواْ فِى ٱللَّهِ } أي في شأن الله تعالى ورِضاه وفي حقه ولوجهه { مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ } ولعلهم الذين ظلمهم أهلُ مكة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخرجوهم من ديارهم فهاجروا إلى الحبشة ثم بوّأهم الله تعالى المدينةَ حسبما وعد بقوله سبحانه : { لَنُبَوّئَنَّهُمْ فِى ٱلدُّنْيَا حَسَنَة } أي مَباءةً حسنةً أو تبوئةً حسنة كما قال قتادة وهو الأنسبُ بما هو المشهورُ من كون السورةِ غيرَ ثلاثِ آياتٍ من آخرها مكيةً . وأما ما نقل عن ابن عباس رضي الله عنهما من أنها نزلت في صهيبٍ وبلالٍ وعمارٍ وخبابٍ وعابس وجُبـير وأبـي جندل بن سهيل ، أخذهم المشركون فجعلوا يعذّبونهم ليردوهم عن الإسلام ، فأما صهيبٌ فقال لهم : أنا رجلٌ كبـير إن كنت معكم لم أنفعْكم وإن كنت عليكم لم أضرَّكم ، فافتدى منهم بماله وهاجر فلما رآه أبو بكر رضي الله عنه قال : ربح البـيعُ يا صهيب ، وقال عمر رضي الله عنه : " نعم العبدُ صُهيب لو لم يخِفِ الله لم يَعْصِمْه " فإنما يناسب ما حُكي عن الأصم من كون كل السورةِ مدنيةً ، وما نقل عن قتادةَ من كون هذه الآية إلى آخر السورةِ مدنيةً فيُحمل ما نقلناه عنه من نزول الآيةِ في أصحاب الهجرتين على أن يكون نزولُها بالمدينة بـين الهجرتين ، وأما جعلُ رسول الله صلى الله عليه وسلم من جملتهم فلا يساعده نظمُ التنزيلِ ولا شأنُه الجليل ، وقرىء لنُثْوِينّهم ومعناه إثواءةً حسنةً أو لنُنزّلنهم في الدنيا منزلة حسنة وهي الغَلبةُ على من ظلمهم من أهل مكةَ وعلى العرب قاطبةً وأهلِ الشرقِ والغربِ كافة { وَلأَجْرُ ٱلأَخِرَةِ } أي أجرُ أعمالِهم المذكورةِ في الآخرة { أَكْبَر } مما يعجّل لهم في الدنيا ، وعن عمر رضي الله عنه أنه كان إذا أعطىٰ رجلاً من المهاجرين عطاءً قال له : خُذ بارك الله تعالى لك فيه ، هذا ما وعدك الله تعالى في الدنيا وما ادّخر في الآخرة أفضلُ { لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } الضمير للكفار أي لو علموا أن الله تعالى يجمع لهؤلاء المهاجرين خيرَ الدارين لوافقوهم في الدين ، وقيل : للمهاجرين أي لو علموا ذلك لزادوا فى الاجتهاد أو لَما تألموا لما أصابهم من المهاجَرة وشدائدِها .