Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 81-82)
Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مّمَّا خَلَقَ } من غير صنعٍ من قِبلكم { ظِلَـٰلاً } أشياءَ تستظلون بها من الحر كالغمام والشجرِ والجبل وغيرها . امتنّ سبحانه بذلك لِما أن تلك الديارَ غالبةُ الحرارة { وَجَعَلَ لَكُمْ مّنَ ٱلْجِبَالِ أَكْنَـٰناً } مواضعَ تسكنون فيها من الكهوف والغِيران والسُّروب ، والكلام في الترتيب الواقع بـين المفاعيل كالذي مرَّ غير مرة . { وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ } جمع سِربال وهو كل ما يُلبس ، أي جعل لكم ثياباً من القُطن والكَتان والصوف وغيرها { تَقِيكُمُ ٱلْحَرَّ } خصّه بالذكر اكتفاءً بذكر أحد الضدّين عن ذكر الآخر أو لأن وقايتَه هي الأهم عندهم لما مر آنفاً { وَسَرٰبِيلَ } من الدروع والجواشن { تَقِيكُم بَأْسَكُمْ } أي البأسَ الذي يصل إلى بعضكم من بعض في الحرب من الضرب والطعن ، ولقد منّ الله سبحانه علينا حيث ذكر جميعَ نعمِه الفائضةِ على جميع الطوائف فبدأ بما يخُص المقيمين حيث قال : { وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا } [ النحل ، الآية 80 ] ثم بما يخص المسافرين ممن لهم قدرةٌ على الخيام وأضرابِها حيث قال : { وَجَعَلَ لَكُمْ مّن جُلُودِ ٱلأَنْعَـٰمِ } الخ ، ثم بما يعم من لا يقدر على ذلك ولا يأويه إلا الظلالُ حيث قال : { وَجَعَلَ لَكُمُ مّمَّا خَلَقَ ظِلَـٰلاً } الخ ، ثم بما لا بد منه لأحد حيث قال : { وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ } الخ ، ثم بما لا غنى عنه في الحروب حيث قال : { وَسَرٰبِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ } ثم قال : { كَذٰلِكَ } أي مثلَ ذلك الإتمامِ البالغِ { يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ } أي إرادةَ أن تنظروا فيما أسبغ عليكم من النعم الظاهرةِ والباطنةِ والأنفسيةِ والآفاقية فتعرِفوا حقَّ مُنعمِها فتؤمنوا به وحده وتذروا ما كنتم به تشركون وتنقادوا لأمره ، وإفرادُ النعمة إما لأن المرادَ بها المصدرُ أو لإظهار أن ذلك بالنسبة إلى جانب الكبرياءِ شيءٌ قليل ، وقرىء تَسلمون أي تسلمون من العذاب أو من الشرك ، وقيل : من الجراح بلبس الدروع . { فَإِن تَوَلَّوْاْ } فعل ماض على طريقة الالتفات ، وصرفُ الخطابِ عنهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تسليةٌ له أي فإن أعرضوا عن الإسلام ولم يقبلوا منك ما ألقيَ إليهم من البـينات والعِبر والعظات { فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلَـٰغُ ٱلْمُبِينُ } أي فلا قصور من جهتك لأن وظيفتك هي البلاغُ الموضح أو الواضح وقد فعلتَه بما لا مزيد عليه فهو من باب وضعِ السببِ موضعَ المسبب .