Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 90-91)

Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ } أي فيما نزّله تبـياناً لكل شيء وهدًى ورحمةً وبشرى للمسلمين ، وإيثارُ صيغةِ الاستقبال فيه وفيما بعده لإفادة التجددِ والاستمرار { بِٱلْعَدْلِ } بمراعاة التوسطِ بـين طرفي الإفراطِ والتفريطِ وهو رأسُ الفضائل كلِّها يندرج تحته فضيلةُ القوةِ العقلية الملكية من الحِكمة المتوسطةِ بـين الحُرية والبَلادة ، وفضيلةُ القوةِ الشهوية البهيمية من العِفة المتوسّطة بـين الخلاعة والخمود ، وفضيلةُ القوة الغضبـية السبعية من الشجاعة المتوسطة بـين التهوُّرِ والجُبن ، فمن الحِكم الاعتقادية التوحيدُ المتوسطُ بـين التعطيل والتشريك . نقل عن ابن عباس رضي الله عنهما : « أن العدلَ هو التوحيدُ » والقولُ بالكسب المتوسّطِ بـين الجبر والقدَر ، ومن الحِكم العملية التعبدُ بأداء الواجبات المتوسطِ بـين البَطالة والترهب ، ومن الحِكم الخلُقية الجودُ المتوسط بـين البخل والتبذير { وَٱلإِحْسَانِ } أي الإتيانِ بما أمر به على الوجه اللائقِ وهو إما بحسب الكمية كالتطوع بالنوافل أو بحسب الكيفيةِ كما يشير إليه قولُه صلى الله عليه وسلم : " الإحسانُ أن تعبدَ الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك " { وَإِيتَآء ذِى ٱلْقُرْبَىٰ } أي إعطاءِ الأقارب ما يحتاجون إليه ، وهو تخصيصٌ إثرَ تعميمٍ اهتماماً بشأنه { وَيَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَاء } الإفراط في مشايعة القوةِ الشهوية كالزنىٰ مثلاً { وَٱلْمُنْكَرِ } ما يُنكَر شرعاً أو عقلاً من الإفراط في إظهار آثار القوةِ الغضبـية { وَٱلْبَغْى } الاستعلاءُ والاستيلاءُ على الناس والتجبرُ عليهم وهو من آثار القوة الوهمية الشيطانيةِ التي هي حاصلةٌ من رذيلتَيْ القوتين المذكورتين الشهويةِ والغضبـية ، وليس في البشر شرٌّ إلا وهو مندرجٌ في هذه الأقسام صادرٌ عنه بواسطة هذه القُوى الثلاث ، ولذلك قال ابن مسعود رضي الله عنه : " هي أجمعُ آيةٍ في القرآن للخير والشر " ، ولو لم يكن فيه غيرُ هذه الآية الكريمة لكفَتْ في كونه تبـياناً لكل شيءٍ وهدى ( ورحمة ) { يَعِظُكُم } بما يأمر وينهى ، وهو إما استئنافٌ وإما حالٌ من الضميرين في الفعلين { لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } طلباً لأن تتعظوا بذلك . { وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ ٱللَّهِ } هو البَـيعةُ لرسول الله صلى الله عليه وسلم فإنها مبايعةٌ لله سبحانه لقوله تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ ٱللَّهَ } [ الفتح : 10 ] { إِذَا عَـٰهَدتُّمْ } أي حافظوا على حدود ما عاهدتم الله عليه وبايعتم به رسولَ الله صلى الله عليه وسلم { وَلاَ تَنقُضُواْ ٱلأَيْمَـٰنَ } التي تحلِفون بها عند المعاهدة { بَعْدَ تَوْكِيدِهَا } حسبما هو المعهودُ في أثناء العهودِ لا على أن يكون النهيُ مقيداً بالتوكيد مختصاً به { وَقَدْ جَعَلْتُمُ ٱللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً } شاهداً رقيباً ، فإن الكفيلَ مُراعٍ لحال المكفول به محافظٌ عليه { إِنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ } من نقض الأيمان والعهودِ فيجازيكم على ذلك .