Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 92-93)
Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَلاَ تَكُونُواْ } فيما تصنعون من النقض { كَٱلَّتِى نَقَضَتْ غَزْلَهَا } أي ما غزلتْه ، مصدرٌ بمعنى المفعول { مِن بَعْدِ قُوَّةٍ } متعلق بنقضت أي كالمرأة التي نقضت غزلها من بعد إبرامه وإحكامِه { أَنكَـٰثًا } طاقاتٍ نكثتْ فتلَها جمع نِكْث ، وانتصابه على الحالية من غزْلَها أو على أنه مفعولٌ ثانٍ لنقضت فإنه بمعنى صيّرت ، والمرادُ تقبـيحُ حالِ النقض بتشبـيه الناقض بمثل هذه الخرقاءِ المعتوهةِ . قيل : هي ( رَيْطةُ بنتُ سعد بن تيم ) وكانت خرقاءَ اتخذت مِغزلاً قدرَ ذراعٍ وصَنّارةً مثلَ أصبع وفلكةً عظيمةً على قدرها فكانت تغزِل هي وجواربها من الغداة إلى الظهر ثم تأمرهن فينقُضْن ما غزَلْن { تَتَّخِذُونَ أَيْمَـٰنَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ } حالٌ من الضمير في لا تكونوا أو في الجار والمجرور الواقعِ موقعَ الخبر أي مشابهين لامرأة شأنُها هذا حالَ كونِكم متَّخذين أيمانَكم مفسدةً ودخَلاً بـينكم ، وأصلُ الدخَل ما يدخُل الشيء ولم يكن منه { أَن تَكُونَ أُمَّةٌ } أي بأن تكون جماعة { هِىَ أَرْبَى } أي أزيد عدداً وأوفر مالاً { مِنْ أُمَّةٍ } من جماعة أخرى أي لا تغدُروا بقوم لكثرتكم وقلتهم أو لكثرة مُنابذيهم وقوتهم كقريش ، فإنهم كانوا إذا رأوا شوكةً في أعادي حلفائِهم نقضوا عهدَهم وحالفوا أعداءهم { إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ ٱللَّهُ بِهِ } أي بأن تكون أمةٌ أربى من أمة ، أي يعاملكم بذلك معاملةَ من يختبركم لينظر أتتمسكون بحبل الوفاءِ بعهد الله وبَـيعةِ رسولِه عليه السلام أم تغترّون بكثرة قريشٍ وشوكتِهم وقلةِ المؤمنين وضعفهم بحسب ظاهر الحال { وَلَيُبَيّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ } حين جازاكم بأعمالكم ثواباً وعقاباً . { وَلَوْ شَاء ٱللَّهُ } مشيئةَ قسرٍ وإلجاءٍ { لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وٰحِدَةً } متفقةً على الإسلام { وَلَـٰكِن } لا يشاء ذلك لكونه مزاحِماً لقضية الحِكمة بل { يُضِلُّ مَن يَشَاء } إضلالَه أي يخلق فيه الضلالَ حسبما يصرِفُ اختيارَه الجزئيَّ إليه { وَيَهْدِى مَن يَشَاء } هدايته حسبما يصرِف اختيارَه إلى تحصيلها { وَلَتُسْـئَلُنَّ } جميعاً يوم القيامة { عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } في الدنيا ، وهذا إشارةٌ إلى ما لُوِّح به من الكسب الذي عليه يدور أمرُ الهداية والضلال .