Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 101-102)
Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَلَقَدْ ءاتَيْنَا مُوسَىٰ تِسْعَ ءايَـٰتٍ بَيّنَاتٍ } واضحاتِ الدِلالة على نبوته وصِحّةِ ما جاء به من عند الله وهي العَصا واليدُ والجَرادُ والقُمّل والضفادعُ والدمُ والطوفانُ والسّنونَ ونقصُ الثمرات ، وقيل : انفجارُ الماء من الحجر ونتْقُ الطورِ على بني إسرائيلَ وانفلاقُ البحرِ بدل الثلاث الأخيرة ، ويأباه أن هذه الثلاثَ لم تكن منزلةً إذ ذاك وأن الأولَين لا تعلقَ لهما بفرعون وإنما أوتيهما بنو إسرائيلَ ، وعن صفوانَ بن عسّال أن يهودياً سألَ النبـي عليه الصلاة والسلام عنها فقال : " ألا تشركوا به شيئاً ولا تسرِقوا ولا تزنوا ، ولا تقتُلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ، ولا تسحرَوا ولا تأكُلوا الربا ، ولا تمشوا ببريءٍ إلى ذي سلطان ليقتُله ولا تقذِفوا مُحصنةً ولا تفِرّوا من الزحف ، وعليكم خاصّةَ اليهودِ أن لا تعْدوا في السبت " فقبّل اليهوديُّ يدَه ورجلَه عليه السلام ، ولا يساعده أيضاً ما ذكر ولعل جوابَه عليه السلام بذلك لما أنه المُهم للسائل وقبولُه لما أنه كان في التوراة مسطوراً ، وقد علِم أنه ما علمه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلا من جهة الوحي . { فَٱسْأَلْ بَنِى إِسْرٰءيلَ } وقرىء فسَلْ أي فقلنا له : سلْهم من فرعون ، وقل له : أرسلْ معيَ بني إسرائيلَ أو سلهم عن إيمانهم أو عن حال دينِهم أو سلْهم أن يعاضدوك ، ويؤيده قراءةُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم على صيغة الماضي ، وقيل : الخطابُ للنبـي عليه الصلاة والسلام أي فاسألهم عن تلك الآياتِ لتزدادَ يقيناً وطُمَأْنينةً أو ليظهر صِدقُك { إِذْ جَاءهُم } متعلق بقلنا وبسأل على القراءة المذكورةِ وبآتينا أو بمضمر هم يخبروك أو اذكر على تقدير كونِ الخطابِ للرسول عليه الصلاة والسلام { فَقَالَ لَهُ فِرْعَونُ } الفاءُ فصيحةٌ أي فأظهرَ عند فرعون ما آتيناه من الآيات البـيناتِ وبلّغه ما أُرسل به ، فقال له فرعونُ : { إِنّى لأظُنُّكَ يٰمُوسَىٰ مَّسْحُورًا } سُحرْت فتخبّط عقلك . { قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَـؤُلاء } يعني الآياتِ التي أظهرها { إِلاَّ رَبُّ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْض } خالقُهما ومدبرُهما ، والتعرّضُ لربوبـيته تعالى لهما للإيذان بأنه لا يقدِر على إيتاء مثلِ هاتيك الآياتِ العظامِ إلا خالقُهما ومدبّرهما { بَصَائِرَ } حالٌ من الآيات أي بـيناتٍ مكشوفاتٍ تُبصّرك صدقي ولكنك تعاند وتكابر ، نحوُ : { وَجَحَدُواْ بِهَا وَٱسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ } [ النمل : 14 ] ومن ضرورة ذلك العلمِ العلمُ بأنه عليه الصلاة والسلام على كمال رصانةِ العقلِ فضلاً عن توهم المسحورية ، وقرىء علمتُ على صيغة التكلمِ أي لقد علمتُ بـيقين أن هذه الآياتِ الباهرةَ أنزلها الله عز سلطانه فكيف يُتوهم أن يحومَ حولي سحر { وَإِنّى لأظُنُّكَ يٰفِرْعَونُ مَثْبُورًا } مصروفاً عن الخير مطبوعاً على الشر ، من قولهم : ما ثبَرك عن هذا أي ما صرفك ، أو هالكاً ولقد قارع عليه السلام ظنَّه بظنه وشتان بـينهما ، كيف لا وظنُّ فرعونَ إفكٌ مُبـينٌ وظنُّه عليه الصلاة والسلام يتاخم اليقين .