Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 52-55)
Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يَوْمَ يَدْعُوكُمْ } منصوب بفعل مضمر أي اذكروا ، أو على أنه بدلٌ من قريباً على أنه ظرفٌ أو نُصب بـيكونَ تامةً بالاتفاق ، أو ناقصةً عند من يجوّز إعمالَ الناقصة في الظروف ، أو بضمير المصدرِ المستكنِّ في عسى أو يكون ، أعني البعث عند من يجوز إعمالَ ضمير المصدر كما في قول زهير : [ الطويل ] @ وما الحربُ إلا ما علمتمْ وذُقتم وما هو عنها بالحديث المُرجّمِ @@ فهو ضميرُ المصدر وقد تعلق به ما بعده من الجار { فَتَسْتَجِيبُونَ } أي يوم يبعثكم فتُبعثون ، وقد استُعير لهما الدعاءُ والإجابة إيذاناً بكمال سهولةِ التأتّي وبأن المقصودَ منهما الإحضارُ للمحاسبة والجواب { بِحَمْدِهِ } حال من ضمير تستجيبون أي منقادين له حامدين لما فَعل بكم غيرَ مستعصين ، أو حامدين له تعالى على كمال قدرتِه عند مشاهدة آثارها ومعاينةِ أحكامها { وَتَظُنُّونَ } عطف على تستجيبون أي تظنون عندما ترَوْن من الأمور الهائلة { إِن لَّبِثْتُمْ } أي ما لبثتم في القبور { إِلاَّ قَلِيلاً } كالذي مر على قرية أو ما لبثتم في الدنيا . { وَقُل لّعِبَادِى } أي المؤمنين { يَقُولُواْ } عند محاورتِهم مع المشركين { ٱلَّتِى } أي الكلمةَ التي { هِىَ أَحْسَنُ } ولا يخاشنوهم كقوله تعالى : { وَلاَ تُجَـٰدِلُواْ أَهْلَ ٱلْكِتَـٰبِ إِلاَّ بِٱلَّتِى هِىَ أَحْسَنُ } [ العنكبوت ، الآية 46 ] { إِنَّ ٱلشَّيْطَـٰنَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ } أي يُفسد ويَهيج الشر والمِراء ويُغري بعضَهم على بعض لتقع بـينهم المشاقّةُ والمشارّة والمُعازّة والمضارّة ، فلعل ذلك يؤدي إلى تأكد العِناد وتمادي الفساد ، فهو تعليلٌ للأمر السابق وقرىء بكسر الزاي { إِنَّ ٱلشَّيْطَـٰنَ كَانَ } قدماً { لِلإِنْسَـٰنِ عَدُوّا مُّبِينًا } ظاهرَ العداوة ، وهو تعليلٌ لما سبق من أن الشيطان ينزَغ بـينهم . { رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ } بالتوفيق للإيمان { أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذّبْكُمْ } بالإماتة على الكفر ، وهذا تفسيرُ التي هي أحسنُ وما بـينهما اعتراضٌ ، أي قولوا لهم هذه الكلمةَ وما يشاكلها ولا تصرحوا بأنهم من أهل النار فإنه مما يَهيجهم على الشر ، مع أن العاقبَة مما لا يعلمه إلا الله سبحانه فعسى يهديهم إلى الإيمان { وَمَا أَرْسَلْنَـٰكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً } موكولاً إليك أمورُهم تقسِرهم على الإيمان وإنما أرسلناك بشيراً ونذيراً فدارِهم ومُرْ أصحابَك بالمداراة والاحتمال وترك المُحاقّة والمشاقّة وذلك قبل نزول آيةِ السيف ، وقيل : نزلت في عمر رضي الله عنه ، شتمه رجلٌ فأُمر بالعفو ، وقيل : أفرط أذيةُ المشركين بالمؤمنين فشكَوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت ، وقيل : الكلمة التي هي أحسنُ أن يقولوا : يهديكم الله ويرحمكم الله . { وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْض } وبتفاصيلِ أحوالِهم الظاهرة والكامنة التي بها يستأهلون الاصطفاءَ والاجتباءَ فيختار منهم لنبوته وولايتِه من يشاء ممن يشاء ممن يستحقه ، وهو ردٌّ عليهم إذ قالوا : بعيدٌ أن يكون يتيمُ أبـي طالبٍ نبـياً وأن يكون العُراةُ الجَوعىٰ أصحابَه دون أن يكون ذلك من الأكابر والصناديدِ ، وذكرُ من في السموات لإبطال قولِهم : لولا أُنزل علينا الملائكةُ ، وذكرُ مَن في الأرض لرد قولِهم : { لَوْلاَ نُزّلَ هَـٰذَا ٱلْقُرْءانُ عَلَىٰ رَجُلٍ مّنَ ٱلْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ } [ الزخرف ، الآية 31 ] { وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ ٱلنَّبِيّينَ عَلَىٰ بَعْضٍ } بالفضائل النفسانيةِ والتنّزهِ عن العلائق الجُسمانية لا بكثرة الأموالِ والأتباع { وَءاتَيْنَا دَاوُود زَبُوراً } بـيانٌ لحيثية تفضيلِه عليه الصلاة والسلام فإن ذلك إيتاءُ الزبور لا إيتاءُ الملك والسلطنةِ ، وفيه إيذانٌ بتفضيل النبـي عليه الصلاة والسلام فإن نعوتَه الجليلةَ وكونَه خاتمَ النبـيـين مسطورةٌ في الزبور ، وأن المرادَ بعباد الله الصالحين في قوله تعالى : { أَنَّ ٱلأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِىَ ٱلصَّـٰلِحُونَ } [ الأنبياء ، الآية 105 ] هو النبـيُّ عليه الصلاة والسلام وأمته ، وتعريفُ الزبور تارة وتنكيرُه أخرى إما لأنه في الأصل فَعولٌ بمعنى المفعول كالحَلوب أو مصدر بمعناه كالقول ، وإما لأن المرادَ آتينا داودَ زبوراً من الزُّبُر ، أو بعضاً من الزبور فيه ذكرُه عليه الصلاة والسلام ، وقرىء بضم الزاي على أنه جمع زِبْر بمعنى مزبور .