Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 62-63)
Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قَالَ } أي إبليسُ لكن لا عَقيبَ كلامِه المحكي بل بعد الإنظارِ المترتب على استنظاره المتفرِّع على الأمر بخروجه من بـين الملأ الأعلى باللعن المؤبّدِ ، وإنما لم يصرّح بذلك اكتفاءً بما ذكر في مواضعَ أُخَرَ ، فإن توسيطَ ( قال ) بـين كلامَيْ اللعين للإيذان بعدمِ اتصالِ الثاني بالأول وعدمِ ابتنائِه عليه بل على غيره كما في قوله تعالى : { قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبّهِ إِلاَّ ٱلضَّآلُّونَ } [ الحجر ، الآية 56 ] { أَرَءيْتَكَ هَـٰذَا ٱلَّذِى كَرَّمْتَ عَلَىَّ } الكافُ لتأكيد الخطابِ لا محل لها من الإعراب وهذا مفعولٌ أولٌ والموصولُ صفتُه ، والثاني محذوفٌ لدِلالة الصلةِ عليه أي أخبِرني عن هذا الذي كرّمته عليّ بأن أمرْتَني بالسجود له لِمَ كَرَّمْتَه عليّ ؟ وقيل : هذا مبتدأٌ حُذف عنه حرفُ الاستفهام والموصولُ مع صلته خبرُه ومقصودُه الاستصغارُ والاستحقارُ ، أي أخبرْني أهذا مَنْ كرَّمته عليّ ؟ وقيل : معنى أرأيتَك أتأمّلت كأن المتكلّم ينبّه المخاطَب على استحضار ما يخاطبه به عَقيبه { لَئِنْ أَخَّرْتَنِ } حياً { إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَـٰمَةِ } كلامٌ مبتدأٌ واللامُ موطِّئةٌ للقسم وجوابُه قوله : { لأَحْتَنِكَنَّ ذُرّيَّتَهُ } أي لأستأصِلَنّهم ، من قولهم : احتنَك الجرادُ الأرضَ إذا جرَد ما عليها أكلاً ، أو لأقودنّهم حيث ما شئتُ ولأستولِينّ عليهم استيلاءً قوياً ، من قولهم : حنكْتَ الدابةَ واحتنكتَها إذا جعلتَ في حنَكها الأسفلِ حبلاً تقودُها به ، وهذا كقوله : { لأزَيّنَنَّ لَهُمْ فِى ٱلأَرْضِ وَلأغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } [ الحجر : 39 ] وإنما عَلِم تسنِّي ذلك المطلبِ له تلقّياً من جهة الملائكةِ عليهم الصلاة والسلام أو استنباطاً من قولهم : { أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ ٱلدِّمَاء } [ البقرة : 30 ] أو توسّماً من خَلْقه { إِلاَّ قَلِيلاً } منهم وهم المخْلَصون الذين عصمهم الله تعالى . { قَالَ ٱذْهَبْ } أي امضِ لشأنك الذي اخترتَه وهو طردٌ له وتخليةٌ بـينه وبـين ما سوّلت له نفسه { فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ } أي جزاؤُك وجزاؤهم فغُلّب المخاطَبُ على الغائب رعايةً لحق المتبوعية { جَزَاء مَّوفُورًا } أي جزاءً مكملاً من قولهم : فِرْ لصاحبك عِرضَه فِرَةً ، أي وفّر ، وهو نصب على أنه مصدرٌ مؤكّدٌ لما في قوله : { جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ } من معنى تجازون أو الفعلِ المقدّر أو حالٌ موطئةٌ لقوله موفوراً .