Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 72-73)
Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَمَن كَانَ } من المدعوّين المذكورين { فِى هَـٰذِهِ } الدنيا التي فُعل بهم فيها ما فعل من فنون التكريمِ والتفضيل { أَعْمَىٰ } فاقدَ البصيرة لا يهتدي إلى رُشده ولا يعرِف ما أوليناه من نعمة التكْرِمةِ والتفضيلِ فضلاً عن شكرها والقيامِ بحقوقها ، ولا يستعمل ما أودعناه فيه من العقول والقُوى فيما خُلِقْن له من العلوم والمعارِف الحَقّة { فَهُوَ فِى ٱلآخِرَةِ } التي عُبّر عنها بـيومَ ندعو { أَعْمَىٰ } كذلك أي لا يهتدي إلى ما ينجيّه ولا يظفَر بما يُجديه لأن العمَى الأولَ موجبٌ للثاني ، وقد جُوّز كونُ الثاني بمعنى التفضيل على أن عماه في الدنيا ، ولذلك قرأ أبو عمرو الأولَ مُمالاً والثاني مفخماً { وَأَضَلُّ سَبِيلاً } أي من الأعمى لزوال الاستعدادِ المُمْكنِ وتعطلِ الآلاتِ بالكلية ، وهذا بعينه هو الذي أوتي كتابَه بشماله بدِلالة حال ما سبق من الفريق القابلِ له ، ولعل العدولَ عن ذكره بذلك العنوانِ مع أنه الذي يستدعيه حسنُ المقابلة حسبما هو الواقعُ في سورة الحاقة وسورةِ الانشقاق للإيذان بالعلة الموجبةِ له كما في قوله تعالى : { وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ ٱلْمُكَذّبِينَ ٱلضَّالّينَ } [ الواقعة ، الآية 92 ] بعد قوله تعالى : { فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ أَصْحَابِ ٱلْيَمِينِ } [ الواقعة ، الآية 90 ] وللرمز إلى علة حالِ الفريقِ الأول ، وقد ذكر في أحد الجانبـين المسبّبُ وفي الآخر السببُ ، ودل بالمذكور في كل منهما على المتروك في الآخر تعويلاً على شهادة العقلِ كما في قوله عز وعلا : { وَإِن يَمْسَسْكَ ٱللَّهُ بِضُرّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَادَّ لِفَضْلِهِ } [ يونس ، الآية 107 ] . { وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ } نزلت في ثقيفٍ إذ قالوا للنبـي صلى الله عليه وسلم : لا ندخُل في أمرك حتى تعطيَنا خِصالاً نفتخر بها على العرب لا نُعشر ولا نُحشر ولا نُجبىٰ في صلاتنا ، وكلُّ رِباً لنا فهو لنا وكلُّ رباً علينا فهو موضوعٌ عنا ، وأن تُمتّعنا باللات سنةً وأن تحرِّم واديَنا وَجّ كما حرّمت مكة ، فإذا قالت العربُ : لم فعلتَ ؟ فقل : إن الله أمرني بذلك ، وقيل : في قريش حيث قالوا : اجعل لنا آيةَ عذابٍ آيةَ رحمةٍ وآيةَ رحمةٍ آيةَ عذابٍ ، أو قالوا : لا نُمكّنك من استلام الحجرِ حتى تُلمّ بآلهتنا ، فإنْ مخففةٌ من المشددة وضميرُ الشأنِ الذي هو اسمُها محذوفٌ واللامُ هي الفارقة بـينها وبـين النافية ، أي إن الشأنَ قاربوا أن يفتنوك أي يخدعوك فاتنين { عَنِ ٱلَّذِى أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ } من أوامرنا ونواهينا ووعْدِنا ووعيدِنا { لِتفْتَرِىَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ } لتتقول علينا غيرَ الذي أوحينا إليك مما اقترحَتْه ثقيفٌ أو قريشٌ حسبما نقل { وَإِذّاً لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً } أي لو اتبعت أهواءَهم لكنتَ لهم وليًّا ولخرجتَ من ولايتي .