Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 74-77)
Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَـٰكَ } على ما أنت عليه من الحق بعِصمتنا لك { لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً } من الركون الذي هو أدنى ميلٍ أي لولا تثبـيتنا لك لقاربت أن تميلَ إليهم شيئاً يسيراً من الميل اليسيرِ لقوة خَدعِهم وشدة احتيالِهم ، لكن أدركتْك العصمةُ فمنعَتْك من أن تقرَبَ من أدنى مراتبِ الركونِ إليهم فضلاً عن نفس الركونِ ، وهذا صريحٌ في أنه عليه الصلاة والسلام ما همّ بإجابتهم مع قوة الداعي إليها ، ودليلٌ على أن العصمةَ بتوفيق الله تعالى وعنايتِه . { إِذاً } لو قاربت أن تركنَ إليهم أدنى رَكْنة { لأذَقْنَاكَ ضِعْفَ ٱلْحَيَاةِ وَضِعْفَ ٱلْمَمَاتِ } أي عذابَ الدنيا وعذابَ الآخرة ضعفَ ما يُعذَّب به في الدارين بمثل هذا الفعلِ غيرُك لأن خطأَ الخطيرِ خطيرٌ ، وكان أصلُ الكلامِ عذاباً ضِعفاً في الممات بمعنى مضاعفاً ثم حُذف الموصوفُ وأُقيمت الصفةُ مُقامَه ثم أضيفت إضافةَ موصوفِها ، وقيل : الضِعف من أسماء العذاب ، وقيل : المرادُ بضِعف الحياة عذابُ الآخرة وبضِعف المماتِ عذابُ القبر { ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا } يدفع عنك العذابَ . { وَإِن كَادُواْ } الكلامُ فيه كما في الأول أي كاد أهلُ مكة { لَيَسْتَفِزُّونَكَ } أي ليُزعِجونك بعداوتهم ومكرِهم { مّنَ ٱلأَرْضِ } أي الأرضِ التي أنت فيها وهي أرضُ مكة { لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذّاً لاَّ يَلْبَثُونَ } بالرفع عطفاً على خبر كاد ، وقرىء لا يلبثوا بالنصب بإعمال إذن على أن الجملةَ معطوفةٌ على جملة وإن كادوا ليستفزونك { خِلَـٰفَكَ } أي بعدك قال : [ الكامل ] @ خلت الديارُ خِلافَهم فكأنما بسَطَ الشواطِبُ بـينهن حصيراً @@ أي لو خرجتَ لا يبقَون بعد خروجِك وقرىء خلفك { إِلاَّ قَلِيلاً } إلا زماناً قليلاً وقد كان كذلك فإنهم أُهلكوا ببدر بعد هجرتِه عليه الصلاة والسلام ، وقيل : نزلت الآيةُ في اليهود حيث حسدوا مقامَ النبـي عليه الصلاة والسلام بالمدينة ، فقالوا : الشامُ مقامُ الأنبـياءِ عليهم السلام فإن كنت نبـياً فالحَقْ بها حتى نؤمِنَ بك ، فوقع ذلك في قلبه عليه الصلاة والسلام فخرج مرحلةً فنزلت فرجع ثم قُتل منهم بنو قريظة وأُجليَ بنو النضير ( بعدهم ) بقليل . { سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا } نُصب على المصدرية أي سنّ الله تعالى سُنةً وهي أن يُهلك كلَّ أمة أَخرجت رسولَهم من بـين أظهرِهم ، فالسنةُ لله تعالى وإضافتُها إلى الرسل لأنها سُنّتْ لأجلهم على ما ينطِق به قوله عز وجل : { وَلاَ تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً } أي تغيّراً .