Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 87-90)

Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قَالَ } أي ذو القرنين لذلك النبـيِّ أو لمن عنده من خواصّه بعد ما تلقّى أمرَه تعالى مختاراً للشق الأخير { أَمَّا مَن ظَلَمَ } أي نفسَه ولم يقبل دعوتي وأصرّ على ما كان عليه من الظلم العظيم الذي هو الشركُ { فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ } بالقتل . وعن قتادة أنه كان يطبُخ مَنْ كفر في القدور ومن آمن أعطاه وكساه { ثُمَّ يُرَدُّ إِلَىٰ رَبّهِ } في الآخرة { فَيْعَذّبُهُ } فيها { عَذَاباً نُّكْراً } أي منكراً فظيعاً وهو عذابُ النار ، وفيه دِلالةٌ ظاهرةٌ على أن الخطابَ لم يكن بطريق الوحي إليه وأن مقاولتَه كانت مع النبـي أو مع من عنده من أهل مشورتِه . { وَأَمَّا مَنْ آمَنَ } بموجب دعوتي { وَعَمِلَ } عملاً { صَـٰلِحاً } حسبما يقتضيه الإيمان { فَلَهُ } في الدارين { جَزَاء ٱلْحُسْنَىٰ } أي فله المثوبةُ الحسنى أو الفِعلةُ الحسنى أو الجنةُ جزاءً ، على أنه مصدرٌ مؤكدٌ لمضمون الجملةِ قُدّم على المبتدأ اعتناءً به ، أو منصوب بمضمر أي نجزي بها جزاء ، والجملةُ حالية أو معترضة بـين المبتدأ والخبرِ المتقدمِ عليه أو حال أي مجزياً بها أو تميـيز ، وقرىء منصوباً غيرَ منوّن على أنه سقط تنوينُه لالتقاء الساكنين ومرفوعاً منوّناً على أنه المبتدأُ والحسنى بدلُه والخبرُ الجارُّ والمجرور . وقيل : خُيّر بـين القتل والأسرِ والجوابُ من باب الأسلوبِ الحكيم لأن الظاهرَ التخيـيرُ بـينهما وهم كفار ، فقال : أما الكافرُ فيُراعىٰ في حقه قوةُ الإسلام وأما المؤمنُ قلا يُتعرَّض له إلا بما يحب ، ويجوز أن تكون إما وأما للتوزيع دون التخيـير أي وليكن شأنُك معهم إما التعذيبَ وإما الإحسانَ فالأول لمن بقيَ على حاله والثاني لمن تاب { وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا } أي مما نأمر به { يُسْراً } أي سهلاً متيسراً غيرَ شاقَ وتقديرُه ذا يُسر ، أو أُطلق عليه المصدرُ مبالغةً ، وقرىء بضمتين . { ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً } أي طريقاً راجعاً من مغرب الشمس موصلاً إلى مشرقها { حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ ٱلشَّمْسِ } يعني الموضِعَ الذي تطلع عليه الشمسُ أولاً من معمورة الأرض ، وقرىء بفتح اللام على تقدير مضاف أي مكان طلوعِ الشمس فإنه مصدر ، قيل : بلغه في اثنتي عشرة سنة ، وقيل : في أقلَّ من ذلك بناء على ما ذكر من أنه سُخّر له السحابُ وطُويَ له الأسباب { وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَىٰ قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُمْ مّن دُونِهَا سِتْراً } من اللباس والبناء ، قيل : هم الزَّنْج . وعن كعب : أن أرضَهم لا تُمسك الأبنية وبها أسرابٌ ، فإذا طلعت الشمسُ دخلوا الأسرابَ أو البحر ، فإذا ارتفع النهارُ خرجوا إلى معايشهم ، وعن بعضهم : خرجتُ حتى جاوزت الصينَ فسألت عن هؤلاء فقالوا : بـينك وبـينهم مسيرةُ يومٍ وليلةٍ ، فبلغتُهم فإذا أحدُهم يفرُش أُذنه ويلبَس الأخرى ومعي صاحبٌ يعرِف لسانهم ، فقالوا له : جئتنا تنظرُ كيف تطلُع الشمس ، قال : فبـينما نحن كذلك إذ سمعنا كهيئة الصلصلة فغُشيَ عليّ ثم أفقتُ وهم يمسحونني بالدُّهن ، فلما طلعت الشمسُ على الماء إذا هو فوق الماء كهيئة الزيت فأدخلونا سرَباً لهم ، فلما ارتفع النهارُ خرجوا إلى البحر يصطادون السمك ويطرحونه في الشمس فينضَج لهم ، وعن مجاهد : من لا يلبَس الثيابَ من السودان عن مطلع الشمس أكثرُ من جميع أهلِ الأرض .