Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 91-94)

Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ كَذٰلِكَ } أي أمرُ ذي القرنين كما وصفناه لك في رفعة المحلِّ وبسطةِ المُلك ، أو أمرُه فيهم كأمره في أهل المغرِب من التخيـير والاختيارِ ، ويجوز أن يكون صفةَ مصدرٍ محذوف لوجد أو نجعل أو صفةَ قومٍ ، أي على قوم مثلَ ذلك القَبـيل الذي تغرُب عليهم الشمس في الكفر والحُكم ، أو ستراً مثلَ سترِكم من اللباس والأكنان والجبال وغيرِ ذلك { وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ } من الأسباب والعَدد والعُدد { خُبْراً } يعني أن ذلك من الكثرة بحيث لا يحيط به إلا علمُ اللطيفِ الخبـير . هذا على الوجه الأولِ وأما على الوجوه الباقيةِ فالمرادُ بما لديه ما يتناول ما جرى عليه وما صدر عنه وما لاقاه فتأمل . { ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً } أي طريقاً ثالثاً معترِضاً بـين المشرق والمغرب آخذاً من الجنوب إلى الشمال { حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ } بـين الجبلين الذين سُدّ ما بـينهما وهو منقطَعُ أرضِ الترك مما يلي المشرِق ، لا جبلا أرمينيةَ وأَذَرْبـيجان كما توهم ، وقرىء بالضم ، قيل : ما كان من خلق الله تعالى فهو مضموم وما كان من عمل الخلق فهو مفتوح ، وانتصاب بـين على المفعولية لأنه مبلوغ وهو من الظروف التي تستعمل أسماءً أيضاً كما ارتفع في قوله تعالى : { لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ } [ الأنعام : 94 ] وانجرّ في قوله تعالى : { هَـٰذَا فِرَاقُ بَيْنِى وَبَيْنِكَ } [ الكهف : 78 ] { وَجَدَ مِن دُونِهِمَا } أي من ورائهما مجاوزاً عنهما { قَوْماً } أي أمة من الناس { لاَّ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً } لغرابة لغتِهم وقلة فِطنتِهم ، وقرىء من باب الإفعال أي لا يُفهمون السامعَ كلامَهم ، واختلفوا في أنهم من أي الأقوام ، فقال الضحاك : هم جيلٌ من الترك ، وقال السدي : التّركُ سريةٌ من يأجوجَ ومأجوجَ ، خرجت فضرب ذو القرنين السدّ فبقيت خارجَه فجميعُ الترك منهم ، وعن قتادة : أنهم اثنتان وعشرون قبـيلة سدّ ذو القرنين على إحدى وعشرين قبـيلةً منهم وبقيت واحدة فسُمّوا التركَ لأنهم تركوا خارجين . قال أهل التاريخ : أولادُ نوح عليه السلام ثلاثةٌ : سامٌ وحامٌ ويافثُ ، فسامٌ أبو العرب والعجمِ والروم ، وحامٌ أبو الحبشةِ والزَّنج والنُّوبة ، ويافثُ أبو الترك والخَزَر والصقالبة ويأجوجَ ومأجوج . { قَالُواْ } أي بواسطة مترجمِهم أو بالذات على أن يكون فهمُ ذي القرنين كلامَهم وإفهامُ كلامِه إياهم من جملة ما آتاه الله تعالى من الأسباب { يٰذَا ٱلْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ } قد ذكرنا أنهما من أولاد يافثَ بنِ نوحٍ عليه السلام ، وقيل : يأجوجُ من الترك ومأجوجُ من الجيل ، واختلف في صفاتهم فقيل : في غاية صِغرِ الجُثة وقِصَر القامة لا يزيد قدُّهم على شبر واحد ، وقيل : في نهاية عِظَم الجسم وطولِ القامة تبلغ قدُودهم نحوَ مِائةٍ وعشرين ذراعاً وفيهم من عَرضُه كذلك ، وقيل : لهم مخالبُ وأضراسٌ كالسباع وهما اسمانِ أعجميان بدليل منْع الصرفِ ، وقيل : عربـيان من أجّ الظليمُ إذا أسرع وأصلهما الهمزة كما قرأ عاصم ، وقد قرىء بغير همزةٍ ومُنع صرفُهما للتعريف والتأنيث { مُفْسِدُونَ فِى ٱلأَرْضِ } أي في أرضنا بالقتل والتخريب وإتلافِ الزروع ، وقيل : كانوا يخرُجون أيام الربـيع فلا يتركون أخضرَ إلا أكلوه ولا يابساً إلا احتملوه ، وقيل : كانوا يأكلون الناسَ أيضاً { فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً } أي جُعْلاً من أموالنا ، والفاء لتفريع العَرض على إفسادهم في الأرض ، وقرىء خَراجا وكلاهما واحد كالنَّول والنوال ، وقيل : الخراجُ ما على الأرض والذمة والخَرْجُ المصدر ، وقيل : الخرج ما كان على كل رأس والخراجُ ما كان على البلد ، وقيل : الخرجُ ما تبرعْتَ به والخراج ما لزِمك أداؤُه { عَلَىٰ أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّا } وقرىء بالضم .