Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 19, Ayat: 10-12)
Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قَالَ رَبّ ٱجْعَل لِّى ءايَةً } أي علامةً تدلني على تحقق المسؤولِ ووقوعِ الحبَل ، ولم يكن هذا السؤالُ منه عليه الصلاة والسلام لتأكيد البِشارة وتحقيقِها كما قيل فإن ذلك مما لا يليق بمنصِب الرسالة ، وإنما كان ذلك لتعريف وقت العُلوق حيث كانت البشارةُ مطلقةً عن تعيـينه وهو أمرٌ خفيٌّ لا يوقف عليه ، فأراد أن يُطلعَه الله تعالى عليه لتلقِّي تلك النعمةِ الجليلةِ بالشكر من حين حدوثِها ولا يؤخّرَه إلى أن تظهر ظهوراً معتاداً ، وقد مرت الإشارةُ في تفسير سورة آل عمران إلى أن هذا السؤالَ ينبغي أن يكون بعد ما مضى بعد البشارة بُرهةٌ من الزمان ، لما روي أن يحيـى كان أكبرَ من عيسى عليهما الصلاة والسلام بستة أشهر أو بثلاث سنين ، ولا ريب في أن دعاءَ زكريا عليه الصلاة والسلام كان في صِغَر مريمَ لقوله تعالى : { هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ } [ آل عمران : 38 ] وهي إنما ولدت عيسى عليه الصلاة والسلام وهي بنتُ عشرِ سنين أو بنتُ ثلاثَ عشْرةَ سنةً ، والجعلُ إبداعيٌّ واللامُ متعلقة به وتقديمُها على المفعول به لما مر مراراً من الاعتناء بالمقدم والتشويقِ إلى المؤخَّر ، أو بمحذوف وقع حالاً من آيةً إذ لو تأخر لكان صفةً لها ، وقيل : بمعنى التصيـير المستدعي لمفعولين أولُهما آيةً وثانيهما الظرفُ ، وتقديمُه لأنه لا مسوِّغَ لكون آيةً مبتدأً عند انحلال الجملة إلى مبتدأ وخبر سوى تقديمِ الظرف فلا يتغير حالُهما بعد ورودِ الناسخ . { قَالَ ءَايَتُكَ أَن لا تُكَلّمَ ٱلنَّاسَ } أي لا تقدر على أن تكلمهم بكلام الناسِ مع القدرة على الذكر والتسبـيح { ثَلَـٰثَ لَيَالٍ } مع أيامهن للتصريح بها في سورة آل عمران { سَوِيّاً } حال من فاعل تكلم مفيدٌ لكون انتفاءِ التكلم بطريق الاضطرار دون الاختيار أي تُمنع الكلامَ فلا تطيق به حال كونك سوى الخلق سليمَ الجوارحِ ما بك شائبةُ بَكَم ولا خَرَس . { فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ مِنَ ٱلْمِحْرَابِ } أي من المصلّى أو من الغرفة وكانوا من وراء المحرابِ ينتظرونه أن يفتح لهم البابَ فيدخلوه ويصلّوا إذْ خرج عليهم متغيِّراً لونُه فأنكروه وقالوا : ما لك ؟ { فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ } أي أومأ إليهم لقوله تعالى : { إِلاَّ رَمْزًا } ، وقيل : كتب على الأرض وأنْ في قوله تعالى : { أَن سَبّحُواْ } إما مفسرةٌ لأوحىٰ أو مصدريةٌ والمعنى أن صلّوا أو بأن صلوا { بُكْرَةً وَعَشِيّاً } هما ظرفا زمانٍ للتسبـيح . عن أبـي العالية : أن المرادَ بهما صلاةُ الفجر وصلاةُ العصر ، أو نزِّهوا ربكم طرفي النهار ولعله كان مأموراً بأن يسبِّح شكراً ويأمرَ قومه بذلك . { يَا يَحْيَىٰ } استئناف طُويَ قبله جملٌ كثيرةٌ مسارعةً إلى الإنباء بإنجاز الوعدِ الكريم أي قلنا : يا يحيـى { خُذِ ٱلْكِتَـٰبَ } التوراةَ { بِقُوَّةٍ } أي بجد واستظهار بالتوفيق { وَآتَيْنَاهُ ٱلْحُكْمَ صَبِيّاً } قال ابن عباس رضي الله عنهما : الحكمُ النبوةُ استنبأه وهو ابنُ ثلاثِ سنين ، وقيل : الحُكمُ الحِكمةُ وفهمُ التوراة والفقهُ في الدين . روي أنه دعاه الصبـيانُ إلى اللعب ، فقال : ما لِلَّعب خُلقنا .