Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 19, Ayat: 35-38)

Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ مَا كَانَ للَّهِ } أي ما صح وما استقام له تعالى { أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ سُبْحَـٰنَهُ } تكذيبٌ للنصارى وتنزيهٌ له تعالى عما بَهتوه وقوله تعالى : { إِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } تبكيتٌ لهم ببـيان أن شأنه تعالى إذا قضى أمراً من الأمور أن يعلِّق به إرادتَه فيكونَ حينئذ بلا تأخير ، فَمْن هذا شأنُه كيف يُتوهّم أن يكون له ولد وقرىء فيكونَ بالنصب على الجواب . وقوله تعالى : { وَإِنَّ ٱللَّهَ رَبّى وَرَبُّكُمْ فَٱعْبُدُوهُ } من تمام كلامِ عيسى عليه السلام ، قيل : هو عطف على قوله : { إِنّى عَبْدُ ٱللَّهِ } داخلٌ تحت القولِ وقد قرىء بغير واو ، وقرىء بفتح الهمزة على حذف اللام أي ولأنه تعالى ربـي وربُّكم فاعبُدوه كقوله تعالى : { وَأَنَّ ٱلْمَسَـٰجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُواْ مَعَ ٱللَّهِ أَحَداً } [ الجن : 18 ] وقيل : معطوفٌ على الصلاة { هَـٰذَا } أي الذي ذكرتُه من التوحيد { صِرٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ } لا يضِلُّ سالكُه والفاء في قوله تعالى : { فَٱخْتَلَفَ ٱلأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ } لترتيب ما بعدها على ما قبلها تنبـيهاً على سوء صنيعِهم بجعلهم ما يوجب الاتفاقَ منشأً للاختلاف ، فإن ما حُكي من مقالات عيسى عليه السلام مع كونها نصوصاً قاطعةً في كونه عبدَه تعالى ورسولَه قد اختلفت اليهودُ والنصارى بالتفريط والإفراط ، أو فرّق النصارى ، فقالت النُّسطوريةُ : هو ابنُ الله ، وقالت اليعقوبـيةُ : هو الله هبط إلى الأرض ثم صعِد إلى السماء تعالى عن ذلك علواً كبـيراً ، وقالت الملكانية : هو عبدُ الله ونبـيُّه . { فَوَيْلٌ لّلَّذِينَ كَفَرُواْ } وهم المختلفون عبّر عنهم بالموصول إيذاناً بكفرهم جميعاً وإشعاراً بعلة الحُكم { مِن مَّشْهِدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ } أي من شهود يومٍ عظيمِ الهول والحساب والجزاء وهو يومُ القيامة ، أو من وقت شهودِه أو من مكان الشهود فيه أو من شهادة ذلك اليوم عليهم ، وهو أن يشهد عليهم الملائكةُ والأنبـياءُ عليهم السلام وألسنتُهم وآذانُهم وأيديهم وأرجلُهم وسائرُ آرابِهم بالكفر والفسوق ، أو من وقت الشهادة أو من مكانها ، وقيل : هو ما شِهدوا به في حق عيسى وأمِّه عليهما السلام . { أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ } تعجّبٌ من حِدّة سمعِهم وأبصارِهم يومئذ ، ومعناه أن أسماعَهم وأبصارهم { يَوْمَ يَأْتُونَنَا } للحساب والجزاء أي يوم القيامة جديرٌ بأن يُتعجَّب منها بعد أن كانوا في الدنيا صُمًّا عُمياً ، أو تهديدٌ بما سيسمعون ويُبصرون يومئذ ، وقيل : أُمر بأن يُسمِعَهم ويُبصرهم مواعيدَ ذلك اليوم وما يحيق بهم فيه ، والجارُّ والمجرورُ على الأول في موقع الرفعِ وعلى الثاني في حيز النصب { لَـٰكِنِ ٱلظَّـٰلِمُونَ ٱلْيَوْمَ } أي في الدنيا { فِى ضَلَـٰلٍ مُّبِينٍ } لا تُدرك غايتُه حيث أغفلوا الاستماعَ والنظرَ بالكلية ، ووضعُ الظالمين موضعَ الضمير للإيذان بأنهم في ذلك ظالمون لأنفسهم .