Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 11-12)

Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَلَمَّا أَتَـٰهَا } أي النارَ التي آنسها ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : رأى شجرةً خضراءَ أطافت بها من أسفلها إلى أعلاها نارٌ بـيضاءُ تتقدُ كأضْوإ ما يكون ، فوقف متعجباً من شدة ضوئها وشدةِ خُضرة الشجرة فلا النارُ تُغيّر خضرتها ولا كَثرةُ ماء الشجرة تُغيّر ضوءَها . قالوا : النارُ أربعةُ أصنافٍ : صنفٌ يأكل ولا يشرب وهي نارُ الدنيا ، وصنفٌ يشرب ولا يأكل وهي نارُ الشجرِ الأخضر ، وصنفٌ يأكل ويشرب وهي نار جهنم ، وصنفٌ لا يأكل ولا يشرب وهي نارُ موسى عليه الصلاة والسلام ، وقالوا : هي أربعةُ أنواعٍ : نوعٌ له نورٌ وإحراقٌ وهي نارُ الدنيا ، ونوع لا نورَ له ولا إحراقَ وهي نارُ الأشجار ، ونوعٌ له نورٌ بلا إحراقٍ وهي نارُ موسى عليه الصلاة والسلام ، ونوعٌ له إحراقٌ بلا نور وهي نارُ جهنم . روي أن الشجرة كانت عَوْسَجةً ، وقيل : كانت سَمُرة { نُودِىَ يٰمُوسَىٰ } أي نودي فقيل : يا موسى { إِنّى أَنَاْ رَبُّكَ } أو عومل النداءُ معاملةَ القول لكونه ضرباً منه ، وقرىء بالفتح أي بأني ، وتكريرُ الضمير لتأكيد الدليلِ وتحقيقِ المعرفة وإماطةِ الشبهة . روي أنه لما نودي يا موسى ، قال عليه الصلاة والسلام : من المتكلم ؟ فقال الله عز وجل : « أنا ربك » فوسوس إليه إبليسُ : لعلك تسمع كلامَ شيطان ، فقال : أنا عرفتُ أنه كلامُ الله تعالى بأني أسمعه من جميع الجهاتِ بجميع الأعضاء . قلت : وذلك لأن سماعَ ما ليس من شأنه ذلك من الأعضاء ليس إلا من آثار الخلاق العليم تعالى وتقدس ، وقيل : تلقّى عليه الصلاة والسلام كلامَ رب العزة تلقياً روحانياً ثم تمثل ذلك الكلامُ لبدنه وانتقل إلى الحس المشترك فانتقش به من غير اختصاص بعضو وجهه { فَٱخْلَعْ نَعْلَيْكَ } أُمر عليه الصلاة والسلام بذلك لأن الحفْوةَ أدخلُ في التواضع وحسنِ الأدب ، ولذلك كان السلفُ الصالحون يطوفون بالكعبة حافين ، وقيل : ليباشر الواديَ بقدميه تبركاً به ، وقيل : لما أن نعليه كانتا من جلد حمارٍ غيرِ مدبوغ ، وقيل : معناه فرِّغْ قلبَك من الأهل والمال ، والفاء لترتيب الأمر على ما قبلها فإن ربوبـيته تعالى له عليه الصلاة والسلام من موجبات الأمر وداوعيه وقوله تعالى : { إِنَّكَ بِٱلْوَادِ ٱلْمُقَدَّسِ } تعليلٌ لوجوب الخَلْع المأمور به وبـيانٌ لسبب ورودِ الأمر بذلك من شرف البُقعة وقُدْسِها ، روي أنه عليه الصلاة والسلام خلعهما وألقاهما وراء الوادي { طُوًى } بضم الطاء غيرُ منوّن ، وقرىء منوناً ، وقرىء بالكسر منوناً وغيرَ منّون ، فمَنْ نوّنه أوّله بالمكان دون البقعة ، وقيل : هو كثني الطي مصدرٌ لنوديَ أو المقدس أي نودي نداءين أو قُدّس مرة بعد أخرى .