Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 120-123)

Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ ٱلشَّيْطَـٰنُ } أي أنهى إليه وسوسته أو أسرها إليه { قَالَ } إما بدلٌ من وسوس أو استئناف وقع جواباً عن سؤال نشأ منه ، كأنه قيل : فماذا قال في وسوسته ؟ فقيل : قال : { يـٰئَادَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ ٱلْخُلْدِ } أيْ شجرةٍ مَنْ أكل منها خلّد ولم يمُت أصلاً سواءٌ كان عن حاله أو بأن يكون ملَكاً لقوله تعالى : { إِلا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ ٱلْخَـٰلِدِينَ } [ الأعراف : 20 ] { وَمُلْكٍ لاَّ يَبْلَىٰ } أي لا يزول ولا يختلّ بوجه من الوجوه . { فَأَكَلاَ مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْءتُهُمَا } قال ابن عباس رضي الله عنهما : عَرِيا عن النور الذي كان الله تعالى ألبسهما حتى بدت فروجُهما { وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ ٱلْجَنَّةِ } قد مر تفسيرة في سورة الأعراف { وَعَصَىٰ ءادَمَ رَبَّهُ } بما ذكر من أكل الشجرة { فَغَوَىٰ } ضل عن مطلوبه الذي هو الخلودُ أو المأمورُ به أو عن الرَّشَد حيث اغتر بقول العدوّ ، وقرىء فغوي من غوي الفصيل إذا أُتخم من اللبن ، وفي وصفه عليه السلام بالعصيان والغَواية مع صغر زلّتِه تعظيمٌ لها وزجرٌ بليغ لأولاده عن أمثالها . { ثُمَّ ٱجْتَبَـٰهُ رَبُّهُ } أي اصطفاه وقرّبه إليه بالحمل على التوبة والتوفيقِ لها ، من اجتبى الشيءَ بمعنى جباه لنفسه أي جمعه ، كقوله : اجتمعتُه أو من جبىٰ إليّ كذا فاجتبـيته مثل جليتُ على العروس فأجليتُها ، وأصلُ الكلمة الجمعُ وفي التعرض لعنوان الربوبـيةِ مع الإضافة إلى ضميره عليه السلام مزيدُ تشريفٍ له عليه السلام { فَتَابَ عَلَيْهِ } أي قبِل توبتَه حين تاب هو وزوجتُه قائلين : { رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَـٰسِرِينَ } [ الأعراف : 23 ] وإفرادُه عليه السلام بالاجتباء وقَبولِ التوبة قد مرّ وجهُه { وَهَدَىٰ } أي إلى الثبات على التوبة والتمسكِ بأسباب العصمة . { قَالَ } استئنافٌ مبنيّ على سؤال نشأ من الإخبار بأنه تعالى قبِل توبته وهداه ، كأنه قيل : فماذا أمره تعالى بعد ذلك ؟ فقيل : قال له ولزوجته : { ٱهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً } أي انزِلا من الجنة إلى الأرض وقوله تعالى : { بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ } حالٌ من ضمير المخاطب في اهبِطا والجمعُ لما أنهما أصلُ الذرية ومنشأُ الأولاد ، أي مُتعادِين في أمر المعاشِ كما عليه الناسُ من التجاذُب والتحارُب { فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مّنّى هُدًى } من كتاب ورسول { فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَاىَ } وُضع الظاهرُ موضعَ المضمرِ مع الإضافة إلى ضميره تعالى لتشريفه والمبالغة في إيجاب اتباعِه { فَلاَ يَضِلُّ } في الدنيا { وَلاَ يَشْقَىٰ } في الآخرة .