Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 18-20)

Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ بَلْ نَقْذِفُ بِٱلْحَقّ عَلَى ٱلْبَـٰطِلِ } إضرابٌ عن اتخاذ اللهوِ بل عن إرادته ، كأنه قيل : لكنا لا نريده بل شأنُنا أن نُغلّب الحقَّ الذي من جملته الجِدُّ على الباطل الذي من قبـيله اللهوُ ، وتخصيصُ شأنِه هذا من بـين سائر شؤونِه تعالى بالذكر للتخلص إلى ما سيأتي من الوعيد { فَيَدْمَغُهُ } أي يمحقه بالكلية كما فعلنا بأهل القرى المَحْكية ، وقد استُعير لإيراد الحقِّ على الباطل القذفُ الذي هو الرمْيُ الشديدُ بالجِرم الصُّلْب كالصخرة ، وَلمَحْقه للباطل الدمغُ الذي هو كسرُ الشيء الرِّخْوِ الأجوفِ وهو الدِّماغ بحيث يشق غشاءَه المؤدّيَ إلى زُهوق الروحِ تصويراً له بذلك ، وقرىء فيدمغَه بالنصب وهو ضعيف ، وقرىء فيدمُغه بضم الميم { فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ } أي ذاهبٌ بالكلية ، وفي إذا الفجائية والجملة الاسميةِ من الدِلالة على كمال المسارعةِ في الذهاب والبُطلان ما لا يخفى فكأنه زاهقٌ من الأصل { وَلَكُمُ ٱلْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ } وعيدٌ لقريش بأن لهم أيضاً مثلَ ما لأولئك من العذاب والعقاب ، ومن تعليليةٌ متعلقةٌ بالاستقرار الذي تعلق به الخبرُ ، أو بمحذوف هو حالٌ من الويل أو من ضميره في الخبر ، وما إما مصدريةٌ أو موصولةٌ أو موصوفةٌ أي واستقر لكم الويلُ والهلاكُ من أجل وصفِكم له سبحانه بما لا يليق بشأنه الجليل ، أو بالذي تصفونه أو بشيء تصفونه به من الولد أو كائناً مما تصفونه تعالى به . { وَلَهُ مَن فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ } استئنافٌ مقررٌ لما قبله من خلقه تعالى لجميع مخلوقاتِه على حكمة بالغةٍ ونظامٍ كامل وأنه تعالى يُحِق الحقَّ ويُزْهق الباطل ، أي له تعالى خاصة جميعُ المخلوقات خلقاً ومُلكاً وتدبـيراً وتصرفاً وإحياءً وإماتةً وتعذيباً وإثابةً من غير أن يكون لأحد في ذلك دخلٌ ما استقلالاً أو استتباعاً { وَمَنْ عِندَهُ } وهم الملائكةُ عليهم السلام ، عبّر عنهم بذلك إثرَ ما عبّر عنهم بمن في السموات تنزيلاً لهم لكرامتهم عليه عز وعلا وزُلْفاهم عنده منزلةَ المقربـين عندالملوكِ بطريق التمثيل وهو مبتدأ خبرُه { لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ } أي لا يتعظمون عنها ولا يُعدّون أنفسهم كبـيراً { وَلاَ يَسْتَحْسِرُونَ } ولا يكِلّون ولا يَعيَوْن ، وصيغةُ الاستفعال المنبئةِ عن المبالغة في الحُسور للتنبـيه على أن عباداتِهم بثقلها ودوامها حقيقةٌ بأن يُستَحسَرَ منها ومع ذلك لا يستحسرون ، لا لإفادة نفي المبالغة في الحسور مع ثبوت أصلِه في الجملة كما أن نفيَ الظلاّمية في قوله تعالى : { وَمَا أَنَاْ بِظَلَّـٰمٍ لّلْعَبِيدِ } لإفادة كثرةِ الظلم المفروضِ تعلقُّه بالعبـيد لا لإفادة نفي المبالغةِ في الظلم مع ثبوت أصلِ الظلم في الجملة ، وقيل : من عنده معطوف على من الأولى وإفرادُهم بالذكر مع دخولهم في مَن في السموات والأرض للتعظيم كما في قوله تعالى : { وَجِبْرِيلَ وَمِيكَٰلَ } [ البقرة : 98 ] فقوله تعالى : { لاَ يَسْتَكْبِرُونَ } حينئذ حال من الثانية . { يُسَبّحُونَ ٱلْلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ } أي ينزهونه في جميع الأوقات ويعظّمونه ويمجدونه دائماً ، وهو استئنافٌ وقع جواباً عما نشأ مما قبله ، كأنه قيل : ماذا يصنعون في عباداتهم أو كيف يعبدون ؟ فقيل : يسبحون الخ ، أو حالٌ من فاعل يستحسرون وكذا قوله تعالى : { لاَ يَفْتُرُونَ } أي لا يتخلل تسبـيحَهم فترةٌ أصلاً بفراغ أو بشغل آخرَ .