Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 48-50)

Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَلَقَدْ ءاتَيْنَا مُوسَىٰ وَهَـٰرُونَ ٱلْفُرْقَانَ وَضِيَاء وَذِكْراً لِلْمُتَّقِينَ } نوعُ تفصيلٍ لما أُجمل في قوله تعالى : { وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِى إِلَيْهِمْ } [ الأنبياء : 7 ] إلى قوله تعالى : { وَأَهْلَكْنَا ٱلْمُسْرفِينَ } [ الأنبياء : 9 ] وإشارةٌ إلى كيفية إنجائهم وإهلاكِ أعدائهم ، وتصديرُه بالتوكيد القسمي لإظهار كمال الاعتناءِ بمضمونه ، والمرادُ بالفرقان هو التوارةُ وكذا بالضياء والذكر ، أي وبالله لقد آتيناهم وحياً ساطعاً وكتاباً جامعاً بـين كونه فارقاً بـين الحقِّ والباطل وضياءً يستضاء به في ظلمات الجهلِ والغَواية وذِكْراً يتعظ به الناسُ ، وتخصيصُ المتقين بالذكر لأنهم المستضيئون بأنواره المغتنمون لمغانم آثارِه أو ذكر ما يحتاجون إليه من الشرائع والأحكامِ ، وقيل : الفرقانُ النصرُ ، وقيل : فلقُ البحر والأول هو اللائقُ بمساق النظمِ الكريم فإنه لتحقيق أمر القرآن المشارك لسائر الكتبِ الإلٰهية لا سيما التوراةِ فيما ذكر من الصفات ، ولأن فلقَ البحر هو الذي اقترح الكفرةُ مثله بقولهم : فليأتنا بآية كما أُرسل الأولون ، وقرىء ضياءً بغير واو على أنه حالٌ من الفرقان . وقوله تعالى : { ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم } أي عذابَه ، مجرورُ المحل على أنه صفةٌ مادحة للمتقين أو بدلٌ أو بـيان أو منصوب أو مرفوعٌ على المدح { بِٱلْغَيْبِ } حال من المفعول أي يخشَون عذابه تعالى وهو غائبٌ عنهم غيرُ مشاهد لهم ، ففيه تعريضٌ بالكفرة حيث لا يتأثرون بالإنذار ما لم يشاهِدوا ما أنذروه ، وقيل : من الفاعل { وَهُمْ مّنَ ٱلسَّاعَةِ مُشْفِقُونَ } أي خائفون منها بطريق الاعتناء ، وتقديمُ الجار لمراعاة الفواصل وتخصيصُ إشفاقهم منها بالذكر بعد وصفِهم بالخشية على الإطلاق للإيذان بكونها معظمَ المَخُوفاتِ وللتنصيص على اتصافهم بضد ما اتصف به المستعجلون ، وإيثارُ الجملة الاسميةِ للدِلالة على ثبات الإشفاق ودوامِه . { وَهَـٰذَا } أي القرآنُ الكريم أشير إليه بهذا إيذاناً بغاية وضوحِ أمرِه { ذُكِرَ } يُتذكّر ، وُصف بالوصف الأخير للتوراة لمناسبة المقام وموافقتِه لما مر في صدر السورةِ الكريمة { مُّبَارَكٌ } كثيرُ الخير غزيرُ النفع يُتبرّك به { أَنزَلْنَـٰهُ } إما صفةٌ ثانية لذكر أو خبر { أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنكِرُونَ } إنكارٌ لإنكارهم بعد ظهورِ كون إنزالِه كإيتاء التوراة ، كأنه قيل : أبعد أن علمتم أن شأنَه كشأن التوراة في الإيتاء والإيحاءِ أنتم منكرون لكونه منزّلاً من عندنا ؟ فإن ذلك بعد ملاحظةِ حالِ التوراة مما لا مساغَ له أصلاً .