Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 51-54)

Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَلَقَدْ ءاتَيْنَا إِبْرٰهِيمَ رُشْدَهُ } أي الرشدَ اللائقَ به وبأمثاله من الرسل الكبارِ وهو الاهتداءُ الكاملُ المستند إلى الهداية الخاصةِ الحاصلةِ بالوحي والاقتدار على إصلاح الأمةِ باستعمال النواميسِ الإلٰهية ، وقرىء رَشَدَه وهما لغتان كالحُزْن والحَزَن { مِن قَبْلُ } أي من قبل إيتاءِ موسى وهارونَ التوراةَ ، وتقديمُ ذكر إيتائها لما بـينه وبـين إنزال القرآن من الشبه التامّ ، وقيل : من قبل استنبائِه أو قبلَ بلوغِه ويأباه المقام { وَكُنَّا بِهِ عَـٰلِمِينَ } أي بأنه أهلٌ لما آتيناه وفيه من الدليل على أنه تعالى عالمٌ بالجزئيات مختارٌ في أفعاله ما لا يخفى . { إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ } ظرفٌ لآتينا على أنه وقت متّسعٌ وقع فيه الإيتاءُ وما ترتب عليه من أفعاله وأقواله ، وقيل : مفعولٌ لمضمر مستأنَفٍ وقع تعليلاً لما قبله أي اذكر وقتَ قولِه لهم : { مَا هَـٰذِهِ ٱلتَّمَـٰثِيلُ ٱلَّتِى أَنتُمْ لَهَا عَـٰكِفُونَ } لتقف على كمال رشدِه وغايةِ فضله ، والتِمثالُ اسمٌ لشيء مصنوعٍ مشبَّهٍ بخلق من خلائق الله تعالى وهذا تجاهلٌ منه عليه السلام حيث سألهم عن أصنامهم بغير التي يُطلب بها بـيانُ الحقيقة ، أو شرحُ الاسم كأنه لا يعرف أنها ماذا مع إحاطته بأن حقيقتها حجرٌ أو شجرٌ اتخذوها معبوداً ، وعبّر عن عبادتهم لها بمطلق العكُوف الذي هو عبارةٌ عن اللزوم والاستمرار على الشيء لغرض من الأغراض قصداً إلى تحقيرها وإذلالها وتوبـيخاً لهم على إجلالها ، واللام في لها للاختصاص دون التعديةِ وإلا لجيء بكلمة على ، والمعنى أنتم فاعلون العكوفَ لها ، وقد جُوّز تضمينُ العكوف معنى العبادة كما ينبىء عنه قوله تعالى : { قَالُواْ وَجَدْنَا ءابَاءنَا لَهَا عَـٰبِدِينَ } أجابوا بذلك لما أن مآلَ سؤاله عليه السلام الاستفسارُ عن سبب عبادتِهم لها كما ينبىء عنه وصفه عليه السلام إياهم بالعكوف لها ، كأنه قال : ما هي ؟ هل تستحق ما تصنعون من العكوف عليها ؟ فلما لم يكن لهم ملجأٌ يعتدّ به التجأوا إلى التقليد فأبطله عليه السلام على طريقة التوكيد القسمي حيث { قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَءابَاؤُكُمْ } الذين سنّوا لكم هذه السنةَ الباطلة { فِى ضَلَـٰلٍ } عجيبٍ لا يقادَر قدرُه { مُّبِينٌ } أي ظاهر بـيّن بحيث لا يخفى على أحد من العقلاء كونُه كذلك ، ومعنى كنتم مطلقُ استقرارِهم على الضلال لا استقرارُهم الماضي الحاصلِ قبل زمانِ الخطاب المتناولِ لهم ولآبائهم ، أي والله لقد كنتم مستقرين على ضلال عظيم ظاهرٍ لعدم استنادِه إلى دليل ما ، والتقليدُ إنما يجوز فيما يحتمل الحقية في الجملة .