Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 38-41)
Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَقَالَ فِرْعَوْنُ يٰأَيُّهَا ٱلْملأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرِي } قاله اللعينُ بعدَ ما جمعَ السَّحرةَ وتصدَّى للمُعارضةِ فكانَ من أمِرهم ما كانَ { فَأَوْقِدْ لِي يٰهَـٰمَـٰنُ يٰهَـٰمَـٰنُ عَلَى ٱلطّينِ } أي أصنعْ آجرَّاً { فَٱجْعَل لّي } منه { صَرْحاً } أي قصراً رفيعاً { لَّعَلّي أَطَّلِعُ إِلَىٰ إِلَـٰهِ مُوسَىٰ } كأنَّه توهَّم أنَّه لو كان لكان جسماً في السَّماءِ يمكن الرُّقيُّ إليه ثم قال : { وَإِنّى لأَظُنُّهُ مِنَ ٱلْكَـٰذِبِينَ } أو أرادَ أنْ يبنيَ له رَصَداً يترصَّدُ منه أوضاعَ الكواكبِ فيرى هل فيها ما يدلُّ على بعثةِ رسولٍ وتبدلِ دولتِه . وقيل : المرادُ بنفي العلمِ في المعلومِ كما في قولِه تعالى : { قُلْ أَتُنَبّئُونَ ٱللَّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَلاَ فِى ٱلأَرْضِ } [ سورة يونس : الآية 18 ] فإنَّ معناهُ بما ليس فيهنَّ وهذا من خواصِّ العلومِ الفعليةِ فإنَّها لازمةٌ لتحققِ معلوماتِها فيلزم من انتفائِها انتفاءُ معلوماتِها ولا كذلكَ العلومُ الانفعاليةُ ، قيل أولُ من اتَّخذَ الآجرَّ فرعونُ ولذلك أُمرِ باتخاذِه على وجهٍ يتضمَّنُ تعليمَ الصَّنعةِ مع ما فيهِ من تعظمٍ ، ولذلك نادى هامانَ باسمهِ بـيا في وسطِ الكلامِ { وَٱسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي ٱلأَرْضِ } أرضِ مصرَ { بِغَيْرِ ٱلْحَقّ } بغيرِ استحقاقٍ { وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لاَ يُرْجَعُونَ } بالبعثِ للجزاءِ . وقُرىء بفتحِ الياءِ وكسرِ الجيمِ من رجعَ رجُوعاً والأولُ من رجع رجعاً وهو الأنسبُ بالمقامِ . { فَأَخَذْنَـٰهُ وَجُنُودَهُ } عقيبَ ما بلغُوا من الكفرِ والعتُوِّ أقصى الغاياتِ { فَنَبَذْنَـٰهُمْ فِي ٱلْيَمّ } قد مرَّ تفصيلُه وفيه من تفخيمِ شأنِ الأخذِ وتهويلِه واستحقارِ المأخوذينَ المنبوُذينَ ما لا يخفى كأنَّه تعالى أخذَهم مع كثرتِهم في كفَ وطرحَهم في البحرِ ، ونظيُره قولُه تعالى : { وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَٱلأَرْضُ جَمِيعـاً قَبْضَـتُهُ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ وَٱلسَّمَـٰوٰتُ مَطْوِيَّـٰتٌ بِيَمِينِهِ } [ سورة الزمر : الآية 67 ] { فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلظَّـٰلِمِينَ } وبـيَّنها للنَّاسِ ليعتبرُوا بها { وَجَعَلْنَـٰهُمْ } أي صيَّرناهم في عهدِهم { أَئِمَّةً يَدْعُونَ } النَّاسَ { إِلَى ٱلنَّارِ } إلى ما يُؤدِّي إليها من الكفرِ والمَعَاصي أي قدوةً يَقتِدي بهم أَهلُ الضَّلالِ لمَّا صرفُوا اختيارَهم إلى تحصيلِ تلك الحالةِ وقيل سمَّيناهم أئمةً دعاةً إلى النَّار كما في قولِه تعالى : { وَجَعَلُواْ ٱلْمَلَـئِكَةَ ٱلَّذِينَ هُمْ عِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ إِنَـٰثاً } [ سورة الزخرف : الآية 19 ] فالأنسبُ حينئذٍ أن يكونَ الجعلُ بعدهم فيما بـين الأممِ وتكونَ الدَّعوة إلى نفسِ النَّارِ وقيل : معنى الجعلِ منعُ الألطافِ الصَّارفةِ عن ذلك { وَيَوْمَ ٱلْقِيـٰمَةِ لاَ يُنصَرُونَ } بدفعِ العذابِ عنُهم بوجهٍ من الوجوهِ .