Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 41, Ayat: 27-30)
Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فَلَنُذِيقَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } أي فوالله لنذيقنَّ هؤلاءِ القائلينَ واللاغينَ أو جميعَ الكفارِ وهم داخلونَ فيهم دخولاً أولياً { عَذَاباً شَدِيداً } لا يُقادرُ قَدرُهُ { وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ ٱلَّذِى كَانُواْ يَعْمَلُونَ } أيْ جزاءَ سيئاتِ أعمالِهم ، التي هيَ في أنفسِها أسوأُ ، وقيلَ : إنه لا يجازيهم بمحاسنِ أعمالِهم ، كإغاثةِ الملهوفينَ وصلةِ الأرحامِ . وَقِرَى الأضيافِ لأنَّها مُحبطةٌ بالكفرِ . وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهُما " عَذاباً شَديداً يومَ بدرٍ ، وأسوأُ الذي كانُوا يعملونَ في الآخرةِ " . { ذٰلِكَ } مبتدأ . وقولُه تعالَى : { جَزَاء أَعْدَاء ٱللَّهِ } خبرُهُ أيْ ما ذُكِرَ منَ الجزاءِ جزاءٌ معدٌّ لأعدائِه تعالَى . وقولُه تعالَى : { ٱلنَّارِ } عطفُ بـيانٍ للجزاءِ أو ذلكَ خبرُ مبتدأ محذوفٍ ، أي الأمرُ ذلكَ على أنه عبارةٌ عن مضمونِ الجملةِ لا عن الجزاءِ ، وما بعدَهُ جملةٌ مستقلةٌ مبنيةٌ لما قبلَها . وقولُه تعالى { لَهُمْ فِيهَا دَارُ الخُلْدِ } جملةٌ مستقلةٌ مقررةٌ لما قبلَها ، أو النارُ مبتدأٌ هيَ خبرُهُ أي هيَ بعينِها دارُ إقامتِهم على أنَّ التجريدِ وهُو أنْ يُنتزَعَ من أمرٍ ذي صفةٍ أمرٌ آخرُ مثلُه مبالغةٌ لكماله فيهَا ، كما يقالُ : في البـيضةِ عشرونَ مناً حديدٌ وقيلَ : هيَ على مَعناها والمرادُ أنَّ لهم في النارِ المشتملةِ على الدركاتِ داراً مخصوصةً هم فيها خالدونَ { جَزَاء بِمَا كَانُواْ بِئَايَـٰتِنَا يَجْحَدُونَ } منصوبٌ بفعلٍ مقدرٍ ، أي يُجزون جزاءً أو بالمصدرِ السابقِ فإن المصدرَ ينتصبُ بمثلِه كما في قولِه تعالى : { فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاء مَّوفُورًا } [ سورة الإسراء : الآية 63 ] والباءُ الأُولى متعلقةٌ بجزاءً ، والثانيةُ بـيجحدونَ قدمتْ عليهِ لمراعاةِ الفواصلِ ، أي بسببِ ما كانُوا يجحدونَ بآياتِنا الحقَّةِ أو يلغَون فيها وذِكْرُ الجحودِ لكونِه سبباً للغوِ . { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } وهُم متقلَّبونَ فيما ذُكِرَ من العذابِ { رَبَّنَا أَرِنَا ٱللَّذَيْنِ أَضَلَّـٰنَا مِنَ ٱلْجِنّ وَٱلإِنسِ } يعنونَ فريقَي شياطينِ النوعينِ المقيضَينِ لهم الحاملينَ لهم على الكفرِ والمعاصِي بالتسويلِ والتزيـينِ ، وقيلَ : هما إبليسُ وقابـيلُ ، فإنَّهما سنَّا الكفرَ والقتلَ بغيرِ الحقِّ . وقُرِىءَ أَرْنَا تخفيفاً ، كفَخْذٍ في فَخِذٍ ، وقيلَ : معناهُ أعطِناهُما . وقُرىءَ باختلاسِ كسرةِ الراءِ { نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا } أيْ ندوسُهُما انتقاماً منهُمَا وقيلَ : نجعلْهُما في الدركِ الأسفلِ . { لِيَكُونَا مِنَ ٱلأَسْفَلِينَ } أي ذلاً ومنهانةً أو مكاناً { إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ } شروعٌ في بـيانِ حُسنِ أحوالِ المؤمنينَ في الدُّنيا والآخرةِ بعد بـيانِ سوءِ حالِ الكفرةِ فيهَما ، أيُ قالُوه اعترافاً بربوبـيتِه تعالَى وإقراراً بوحدانيتِه { ثُمَّ ٱسْتَقَـٰمُواْ } أي ثبتُوا على الإقرارِ ومقتضياتِه على أن ثمَّ للتراخِي في الزمانِ أو في الرتبةِ فإنَّ الاستقامةَ لها الشأنُ كلُّه ، وما رُويَ عن الخلفاءِ الراشدينَ رضي الله تعالى عنْهُم فِي معناهَا من الثباتِ على الإيمانِ وإخلاصِ العملِ وأداءِ الفرائضِ بـيانٌ لجزئياتِها { تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ ٱلْمَلَـئِكَةُ } من جهتِه تعالَى يُمدونُهم فيما يَعِنُّ لهم من الأمورِ الدينيةِ والدنيويةِ بما يشرح صدورَهُم ويدفعُ عنهم الخوفَ والحزنَ بطريقِ الإلهامِ ، كما أن الكفرةَ يُغويهم ما قُيضَ لهم من قرناءِ السوءِ بتزيـينِ القبائحِ ، وقيلَ : تتنزلُ عندَ الموتِ بالبُشرى ، وقيلَ : إذَا قامُوا من قبورِهم ، وقيلَ : البُشرى في مواطنَ ثلاثةٍ : عندَ الموتِ وفي القبرِ وعند البعثِ ، والأظهر هو العمومُ والإطلاقُ كما ستعرفُه { أَلاَّ تَخَافُواْ } ما تُقْدمونَ عليهِ ، فإن الخوفَ غمٌّ يلحقُ لتوقعِ المكروِه { وَلاَ تَحْزَنُواْ } على ما خلّفتُم ، فإنه غمٌّ يلحقُ لوقوعِه ، من فواتِ نافعٍ أو حصولِ ضارّ وقيلَ : المرادُ نهيُهم عن الغمومِ على الاطلاقِ والمَعنْى الله أن تعالى كتبَ لكُم الأمنَ من كلِّ غمَ فلنْ تذوقُوه أبداً . وأنْ إمَّا مفسرةٌ أو مخففةٌ من الثقيلةِ والأصلُ بأنَّه لا تخافُوا ، والهاءُ ضميرُ الشأنِ . وقُرِىءَ لا تخافُوا ، أيْ يقولونَ لا تخافُوا على أنه حالٌ منَ الملائكةِ أو استئنافٌ { وَأَبْشِرُواْ } أي سُرُّوا { بِٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِى كُنتُمْ تُوعَدُونَ } في الدُّنيا على ألسنةِ الرُّسلِ ، هَذا منْ بشاراتِهم في أحدِ المواطنِ الثلاثةِ .